هل في سورية فساد أو أنّ الفساد في سورية ؟ ، وما الأسباب التي تحدّ من مكافحته ؟!.

الجزء الأوّل


كثيرة الحالات التي يسمع بها المواطن العربيّ السّوريّ بالفساد ، ولكن لماذا تقلّ فيها حالات محاربته ومكافحته ؟ ولماذا يُكتفى بالإقالة ( الإعفاء ) ؟ وما دور التّوجّه أو الانتماء السّياسيّ بين عمليتَي المكافحة والإقالة ؟! ، سأقسّم البحث إلى أجزاء لإيراد بعض الأمثلة المختلفة . 

ولعلّنا منذ القديم نسمع عن الفساد في سورية ، وقد جعلت منظّمةُ الشّفافيّة الدّوليّة سوريةَ في المرتبة الأولى شرق المتوسط والثّانية عربيّاً في انتشار الفساد ، ولم نعهد الإعلام العربيّ السّوريّ يتحدّث عن الفساد والمفسدين والفاسدين أو يمتلك الجرأة في ذلك إلّا ما ندر ، وكذا الحال في التّربية التي تبتعد في مناهجها عن تعريف الفساد وبيان الممارسات الخاصة بالفساد وإظهار القوانين الخاصة بذلك ، وقد طرحتُ تلك الفكرة في مؤتمر التّطوير التّربويّ المنعقد في دمشقَ بتاريخ 26/9/2019 م ، ولقيت الفكرة استهجان رئيس الجلسة _ ربّما لخوفه _ ، وقد أكّدتُ أمام الحضور وجود حالات الفساد في سورية ، وخلوّ المناهج من ذلك وضرورة أن يتمّ إظهار تعريف منظّمة الشّفافيّة الدّوليّة للفساد وعناصر الفساد وأدواته ووسائل مكافحته ، وضمّنتُ ذلك أيضاً في دراستين مقدّمتين لمقام رئاسة الوزراء ضمن الحديث عن تطوير وزارة التّربية ، عنوانها : " آفاق تطوير وزارة التّربية في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة " ، الموجّهة لمقام رئاسة الوزراء والمحالة من رئاسة الوزراء للسّيّد وزير التّربية برقم 2025/ م. خ/ق تاريخ 8/8/2017 م ، وأتبعتُها بدراسة أخرى مسجّلة في رئاسة مجلس الوزراء برقم ( 2477م/خ/ق ) تاريخ 1/10 ، ومحالة لوزارة التّربية عن طريق رئاسة مجلس الوزراء ، وكذلك دراسة أخرى عنوانها " الإعلام في سورية .. استراتيجيّاته وتطويره في ضوء الإصلاح الإداريّ في سورية " ، الموجّهة لمقام رئاسة الوزراء والمحالة من رئاسة الوزراء لوزارة الإعلام برقم 1936/ م. خ/ق تاريخ 6/8/2017 م ، والدّراستان مسجّلتان أيضاً في مديرية حماية حقوق المؤلّف والحقوق المجاورة ضمن وزارة الثّقافة حفاظاً عليها من السّرقة الفكريّة لمضمون دراساتي وإقراراً بحقّي فيها برقم 3911 لعام 2018م ، تحت عنوان : " آراء تطويرية لبعض وزارات الدّولة في الإعلام والتّربية والمصالحة الوطنيّة في ضوء مشروع الإصلاح الإداريّ للسّيّد رئيس الجمهوريّة في سورية وتأتي الدّراستان ضمن سياق مشروع الإصلاح الإداريّ الذي دعا إليه السّيّد الرّئيس أمام السّادة الوزراء في اجتماعه بهم خلال الجلسة الأسبوعيّة الدّوريّة لمجلس الوزراء . 
ويسرّني أن أشير لما قاله السّيّد الدّكتور بشّار الأسد رئيس الجمهوريَّة العربيَّة السّوريَّة عن ظاهرة الفساد في خطاب القَسَم الذي ألقاه أمام أعضاء مجلس الشّعب لولاية دستوريَّة ثانية فقال :
" الحديث عن التّطوير الإداريّ .. يقودنا إلى الحديث عن الفساد .. الذي يعتبر محطّ اهتمام النَّاس في بلدنا .. لتأثيره المباشر وغير المباشر على الحياة الاجتماعيَّة .. ولتحوِّله إلى معوِّق للإصلاح .. وعلى الرَّغم ممَّا يثار عن حجمه وأبعاده .. وعلى تباين الآراء في هذا الشَّأن .. وعلى الرَّغم من الجهود المبذولة للحدّ منه ومكافحته .. فإنَّنا مازلنا نحتاج إلى آليات ناجعة لمكافحة الفساد " ، كما أشار سيادته أيضاً لضرورة مكافحة الفساد في خطاب القسم الأخير يوم السّبت بتاريخ 17/7/2021 م ، وقد أشرت في الجزء الثّاني من بحثٍ بعنوان : " ماذا يأمل الشّعب العربيّ السّوريّ من السّيّد الرّئيس بعد أداء القسم ؟!" _ وهو منشور في ( معهد طهران للدّراسات والأبحاث الدّوليّة ) بتاريخ 5/7/2021م _ إلى أنّ الشّعب يأمل في مكافحة الفساد لأنّ سورية في ذيل قائمة الدّول في الفساد تبَعاً لمؤشّرات منظّمة الشّفافية الدّوليّة ، واعتماد مبدأ المكاشفة والمحاسبة والمواجهة والمحاكمة والمساءلة والمعاقَبَة ، لأنّ الشّعب بات بحاجة للعمل أو الفعل الحقيقيّ في المكافحة وليس كفّ اليد أو الإعفاء كونه تشجيعاً لمزيد من الفساد . 

كما بيّنتُ أيضاً أنّ الشّعب يأمل دراسة الواقع الاجتماعيّ المتردّي لتحسين الواقع المعيشيّ والخدميّ بعد أن عانى من حالات الفقر غير المسبوقة وبات النّاسُ في أشدّ حالات الفقر والعوز فتكاً وقهراً ، فهل يستطيعون الصّمود كون الفقر شديداً والرّاتب لا يؤمّن متطلّبات الحياة المعيشيّة وتغيّرها ؟!، وهذا ما يخالف الدّستور في فقرته الثّانية من المادة الأربعين التي نصّت على " ألّا يقلّ المردود للعامل عن الحدّ الأدنى للأجور الذي يضمن متطلّبات الحياة المعيشيّة وتغيّرها "، ومن المعلوم أنّ الفقر ربّما يكون أحد الأسباب المؤدّية للفساد ، وإن لم يكن سبباً وحيداً ، فغيره كثير .

وكنتُ قد أشرتُ إلى بعض المعايير لمكافحة الفساد وآليّاته النّاجعة وإنشاء وزارة أو منظومة تُعنى بمكافحة الفساد ، لتضمَّ الهيئة المركزيّة للرّقابة والتّفتيش والجهاز المركزيّ للرّقابة الماليّة ، وضرورة عدم تبعية تلك المنظومة لرئاسة الوزراء ، ولا بدّ من تغيير تبعيّتها من رئاسة الوزراء إلى مجلس الشّعب ، بعد تفعيل دور مجلس الشّعب ، كونه شُكِّل أساساً  للدّفاع عن مصالح الشّعب وليس مصلحة الحكومة وتمرير ما يتمّ من مصالح بين الأعضاء في المجلسين أي مجلس الشّعب ومجلس الوزراء ، كوننا لم نسمع في سورية أنّ حجب الثّقة تمّ عن وزير أو حكومة في تاريخ مجلس الشّعب ، ليتمَّ تفعيلُ الدّور الرّقابيّ لمجلس الشّعب بحيث يكون فاعلاً عموماً وليس انتفاضة انتخابات المجلس قُبيلَ انتهاء الدّور التّشريعيّ الخاص عندما يصحو الأعضاء فجأة بعد مرحلة سبات لسنوات ، وهذا ما أشرتُ له أيضاً في الجزء الثّاني من بحثي عمّا يأمله الشّعب من السّيّد الرّئيس .


، وإنّي على استعداد لتقديم تلك المعايير والآليّات النّاجعة في المكافحة لمقام السّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد واطّلاعه شخصيّاً على الدّراسة المتعلّقة بتلك المنظومة ، وقد ذكرتُ كلّ ذلك في البحث المشار إليه آنفاً ، وفي لقاء تلفزيونيّ في الفضائيّة السّوريّة بتاريخ 13/12/ 2015 م ضمن حلقة بعنوان : " التّربية تحارب الفساد " ، وكذلك في لقاء آخر من قناة أوغاريت بتاريخ 19/4/2019 م ضمن حلقة بعنوان : " التّربية في مكافحة الفساد " وفي مقال بعنوان : " ما الأسباب التي تحدّ من مكافحة الفساد في سورية " ، وهو منشور في الوكالة العربيّة للأخبار بتاريخ 23/ 11/ 2019م ، كما أشرت للأسباب التي تؤدّي للفساد وآليات مكافحته عبر حلول معيّنة وليس بالشّعارات أو بالكلام الذي نسمعه من المسؤولين ، وقد ملّته النّاس ، وإنّي وضعت آليات ناجعة لمكافحة الفساد ، وأشرتُ لذلك في الجزء  الحالي ، ولعلّ أوّل ما ينبغي متابعته هو الهيئة المركزيّة للرّقابة والتّفتيش والجهاز المركزيّ للرّقابة الماليّة ، فأين هما من الفساد ؟ وهل يوجد فيهما فساد ؟ ولماذا لم نسمع بدور الجهاز المركزيّ للرّقابة الماليّة في كشف حالات الفساد ؟! ، وسأفرد جزءاً خاصاً من البحث لبيان حالة فساد تشير إلى ما يجري في الهيئة المركزيّة للرّقابة والتّفتيش ، رغم أنّي ذكرتُها في قناة أوغاريت بتاريخ 19/4/2019 م ضمن لقاء تلفزيونيّ بعنوان : " التّربية في مكافحة الفساد " ، ليكون بعنوان : " هل في الهيئة المركزية للرّقابة والتّفتيش فساد ؟! ، وهل هناك مؤشّرات علاقة فساد تربطها بوزارة التّربية ؟!" وسأشير لأمثلة مختلفة عبر حالات عدّة في وزارة التّربية في أجزاء أخرى من البحث ، فكونوا معي في الجزء الثّاني منه .

الباحث والمحلّل السّيّاسيّ :
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية 
وعضو الجمعيّة السّوريّة للعلوم النّفسيّة والتّربويّة .