المهدي المنتظر: من هو؟

الجزء الثاني


الإسلاميون والغيبة
 

لا يؤمن أغلب (الإسلاميين) بالإمام المهدي أما البعض منهم فيقول أنه رجل صالح من أهل بيت النبوة وفقا لبعض الروايات التي أفلتت من براثن تضعيفهم وتكذيبهم التي يسمونها (علم الحديث) والتي هي في الواقع إحدى أدوات الكهانة مثل اللحية والبخور التي تعينهم على امتلاك عقل المسلمين وتوجيهه وفقا لأهوائهم وأهواء طواغيتهم.

لست ممن يؤمنون بأن ثمة شيء اسمه (الإسلاميون) فالإسلام انتماء وليس صفة يتحلى بها البعض وينتفي منها البعض الآخر.

الإسلام انتماء وعنوان جامع وانحياز للأمة الإسلامية وسعي لجمع صفوفها ورأب الصدع بين أبنائها وليس بين أفراد جماعة حزب أو عصابة ميليشياوية واختزال مصالح الأمة في إطار مصالح هذه العصابة الضيقة وإعلائها على مصالح المنتمين للأمة والأسوأ من هذا اختزال مفاهيم الإسلام الواسعة ضمن معارف تلك الجماعة المتخبطة بحيث يصبح عندهم المعروف ما عرفوا والمنكر ما أنكروا ومن ضمن ما أنكروا وجهلوا معرفتهم بحق أهل البيت ودورهم الذي لا يمكن تغييبه أو شطبه بقرار أموي أو عباسي أو إخواني!!.

وفقا لتجربتي الطويلة الممتدة مع هؤلاء فهم لا يرون في الولاء لأهل البيت ركنا من أركان التدين فالكثير منهم ينكر حديث الثقلين أو لا يعرفه من الأساس ثم عادوا ليقروا بصحته بعد أن أعيتهم الحيل والوسائل في إنكاره.

أهل البيت عندهم أناس عاديون كما أنه لا وجود لهم من الأصل في منظومتهم الدينية التي ورثوها عن بني أمية أو مغيبون عن عقولهم فكيف يمكننا تخيل إمكانية هذه القفزة المعرفية الهائلة حيث يصبح رجل عادي من أهل البيت –صالح بزعمهم- إماما قائدا يصلي خلفه عيسى بن مريم إلى آخر ما هو مثبت في الروايات؟.

عند الشيعة أي الذين يؤمنون بإمامة أهل البيت يشكل الإقرار بفضائل أهل البيت واقتفاء آثارهم والسير على نهجهم قاعدة من قواعد الإيمان ومن ثم فلا عجب بالنسبة لهم أن يكون ذلك الإمام الذي يحيي معالم الدين ويجدد ما اندرس من آثار النبوة فرعا من فروع هذه الشجرة الربانية (أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها)!!.

لم يعد لدى المسلمين المزيد من الفرص والمهل ليجربوا إماما من أهل البيت غير إمامنا الموصوف الذي نعرفه (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)[2]، فأدعياء الإمامة كثيرون في هذه الدنيا و وبعضهم من الصالحين، قبل أن يكتشفوا في النهاية وبعد قرون أو عقود لو لم يكن حظهم عاثرا كما هي عادتهم ليعودوا إلى نقطة البدء ولعلهم لا يجدونها (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ)[3].

الزعم بأن عامة المسلمين سينصاعون لإمام من أهل البيت تأتي به الصدفة لمجرد أنه غير الإمام الذي ينتظره الشيعة هي مزحة لا تختلف كثيرا عن سلسلة المزاح السخيف والثقيل الذي اعتاده القوم فهم عدلوا عن إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام رغم كل مناقبه وخصاله وسجاياه التي رأوها بأم أعينهم وسجلتها كتب الحديث والتاريخ وقالوا أن ابن أبي قحافة وابن الخطاب خير منه زاعمين أن تيم وعدي خير من بني هاشم وأهدى منهم سبيلا.

كل هذه المؤهلات والسوابق والمآثر والأفضال لم تنجح في إقناع القوم بإنفاذ وصية رسول الله التي جهر بها مرارا وتكرارا وهاهم يزعمون الآن أنهم سيتبعون المهدي من أهل البيت إذا كان اسم أبيه عبد الله كما تزعم إحدى الروايات التي نزعم نحن أنها تعديل للرواية الحقيقية (يواطئ اسمه اسمي) حيث أضاف القوم من عندهم (واسم أبيه اسم أبي)!!.

منطق لا يقبل به عقل سليم!!.

 

لا (يؤمنون) بغير مصادرهم!!

عندما يناقش الباحث الشيعي قضية إسلامية مختلف عليها فإنه يبذل قصارى جهده لإثباتها من كتب القوم!!.

لا يعود لذلك لكونهم أضبط أو أثبت بل عملا بقاعدة (الفضل ما شهدت به الأعداء) وهو من وجهة نظري أمر محزن للغاية وهو ثمرة أربعة عشر قرن من الدعاية المضادة للشيعة.

عندما يكون الاستدلال الشيعي من مصادر القوم دامغا ولا يمكن إنكاره أو التنصل منه يجري تشغيل (جهاز التأويل) ومثال ذلك رواية (من كنت مولاه فعلي مولاه) حيث يقابلك القوم بمعنى مغاير للولاية خلافا لما استقر في ذهنك بل ووصل بهم الأمر حد إنكار أن يكون (أهل البيت) هم تلك الحلقة الضيقة من أرحام النبي وهو المعنى المستقر لأصحاب الكساء الخمسة كما ورد في التفاسير المشهورة.

إنه التشكيك بالظن وربما ولعل ويحتمل أنه أراد من غير دليل ولا قرينة على هذا الاحتمال!!.

أما إذا ضاق المهرب ولم يعد هناك مخرج ولا مناص زعموا أن هذا المؤلف أو ذاك المصنف شيعي رافضي إلى آخر لائحة صفات الذم والقدح المسطرة في كتبهم والتي لا يحسنون غيرها.

من ناحية أخرى فنحن لا نستطيع على وجه الدقة واليقين تحديد ما هي مصادرنا ومصادرهم (!!) ولا هم أيضا يعرفون ويكفي المحدث في الزمن الأول وربما حتى الآن أن يحدث بفضائل أهل البيت ليوصف بالتشيع والأهم من هذا أن يجري استبعاد كتبه من التداول والتوزيع –كما يجري الآن- واستبعاده هو شخصيا من دفتر الأحياء إن تيسر لهم هذا!!.

ورغم أن المحدث النسائي قتل ضربا في خصيتيه حتى الموت لأنه ألف (مناقب الإمام علي بن أبي طالب)، إلا أن (سنيته) ما تزال على قيد الحياة!!.

أما الكنجي الشافعي صاحب (كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب) و(التبيان في أخبار صاحب الزمان) فقد قتل وبقرت بطنه سنة 658هـ لأنه اتهم بالميل إلى الشيعة وأشاد بقتله والتمثيل بجثته أبو شامة المقدس وابن تغربردي وابن كثير ولم يفلح في إبقائه على قيد الحياة ذلك اللقب العريض الذي ذيل به اسمه (الشافعي)!.