بكين وطهران تطورات ديناميكية تفرضها الساحة االدولية.

التبدلات في العلاقات الدولية، لا تأتي بين ليلة وضحاها، بل هي مجموع نتائج لماهية هذه العلاقة التي تتحكم بها كثير من العوامل السياسية الحالية والناشئة، والتي قد تؤدي الى نتائج متفاوتة في التصريح والتنفيذ. 
 
وعلى الرغم من أن الركيزة الأساسية للسياسة الإيرانية، منذ الثورة الإسلامية الإيرانية 1979، قد تبدلت بعد سقوط الشاه عما كانت خلال حكمه، إلا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حاولت بناء قيمة سياسية دولية وعالمية، اختلفت في توجهاتها العقائدية، لتبني لها علاقات استراتيجية كالتي صنعتها مع الصين، والمعروفة بسيطرة الحزب الشيوعي عليه، ومع ذلك بنت طهران سلسلة من العلاقات الدولية والعالمية، وذلك رغم الضغوط الكبيرة التي تتلقاها الجمهورية الإسلامية الإيرانية من واشنطن، وخاصة على خلفية دعمها لمحور المقاومة في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق. 
 
فالتطورات التي رافقت العلاقة الإيرانية الأمريكية ارتفع مؤشرها السلبي ونما سريعًا مع الحرب الإرهابية على سوريا، والاهم أنه نتيجة المواجهة الفعلية للجيش الأمريكي من قبل الحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا، كان قرار الانسحاب الأمريكي من "الاتفاق النووي"، والذي يمكن قراءته على أنه نوع من لعبة شد الحبل التي قد تأخذ فيه الولايات المتحدة قرارا بقطعه.  
 
ونتيجة العديد من العوامل، برزت العلاقات أو التحالفات البعيدة والقريبة بين إيران وروسيا وإيران والصين. 
 
بكين وطهران ... كلاهما عدوه السياسة المتغطرسة لواشنطن، فالصين لن تنسى ما فعلته السياسة الأمريكية تجاه الصين، سواء في حمل الثورة «المخملية» إلى ميدان تيانمين، في 1989 ورمي قنبلة دقيقة التوجيه «بالخطأ» لتدمير السفارة الصينية في بلغراد  1999، وهو الذي حاول زعزعة استقرار هونغ كونغ في العام 2014و 2019 ، وأيضاً محاولة فصل تايوان عن بكين.  
 
طهران التي دائمًا تتجدد لها الاتهامات برعاية الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان، وأنها التهديد الأخطر في الشرق الأوسط لإسرائيل، فضلا عن دعمها للمجموعات والأطراف المناهضة للولايات المتحدة في العراق وسورية، واحتمالية امتلاكها أسلحة نووية قد تؤدي إلى هلاك الكيان الإسرائيلي. 
 
وحيث عانت ايران من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة والتي أثرت إلى حد كبير على مصالح روسيا والصين والهند وتركيا فيها والتي تتمتع جميعها بعلاقات مالية وتجارية طويلة مع إيران. 
 
وضمن هذا السياق أصبحت إيران تعتمد في السنوات الأخيرة على الصين من الناحية الاقتصادية والدبلوماسية فكلاهما يعتبران الولايات المتحدة أساس الفوضى والتوتر في العلاقات الدولية، وهكذا كانت الصين السباقة في إقامة شراكة استراتيجية تتزايد أهميتها لتشمل الشراكة الاقتصادية والسياسية والعسكرية وذلك ما تم في الاتفاقية التي وقعت في 27/ أذار 2021 والمستمرة لمدة 25عاما. 
 
الشراكة التي توجت بإطلاق ما يسمى "طريق الحرير" العابر للقارات، والذي  تعارضه واشنطن وتل ابيب، لأن هذا النوع من الشراكات ما بين أسيا الوسطى وغرب أسيا سيشكل تفوقا تجاريا عالميا وبالتالي اقتصاديًا، يسمح للصين بغزو منتجاتها، عبر الطريق  "حزام واحد" لتكون المسيطر اقتصاديا في الشرق الأوسط إلى جانب موسكو المسيطر عسكريا عبر قواعد لها في سوريا أو لنقل في المياه الدافئة.