دلالات العدوان على سورية برسائل واضحة ..

تجمع العديد من التحليلات السياسية والاستراتيجية والعسكرية في ظل الصراعات وعلى المستويين الاقليمي والدولي ، تطوراتها في الشرق الأوسط ، إذ أن المواقف السياسية وما يليها من مواقف اخرى لا تحتمل الرمادية وتحديدا اسرائيل  ، أو حتى تدوير زواية اللاعبين في خضم ما شهدته قمة جدة الخائبة ، وما حققته قمة طهران من تحولات استراتيجية مهمة  ، إذ وضع محور المقاومة خياراته على الطاولة علنا  من طهران إلى سورية ولبنان ، بينما إسرائيل متمسكة بخيار إصرار استراتيجيتها على تجديد العدوان على سورية ، فأي رسائل تبعث من تل ابيب بدلالات تفرض وتحتم على الأطراف حسم المواقف نظرا وانطلاقا للتوقيت الذي جاء وسط تطورات كبيرة على مستوى المنطقة ، وهل جاءت بضوء أخضر امريكي أم هناك ردود افعال تلقائية حتمية  خلفته موسكو إزاء مواقفها تجاه الوكالة اليهودية كما قال البعض ؟؟ أسئلة كثيرة تدور حول العدوان الاسرائيلي الأخير على سورية وزواياه المختلفة بشتى انواعه على هذا النحو ..

تبدو اسرائيل غير مرتاحة لمسار التطورات التي شهدتها المنطقة ، فالامتعاض الذي خلف ردود  أفعال عسكرية على العاصمة السورية ، يؤكد نتائج فشل قمة جدة التي لم تلبي المطالب الاسرائيلية سواء كانت على مستوى حلف أمني أو مشروع تطبيعي مع الرياض  وأنظمة اخرى ، إذ كان  لهذا الاحباط تفاقم متزامن مع قمة طهران ورسائلها ،الاقليمية التي تبلورت حيال سياسة الاستفزاز القائم عليه (حكومة تل ابيب) ، وما بعدها ليأتي اعلان موسكو بتوجهها أ جراءات ضد  الوكالة اليهودية في روسيا ، وهذا يعتبر من الناحية السياسية بالنسبة لتل ابيب ماء ساخن يصب على الحكومة الاسرائيلية نظرا لتداعيات الخطوة الروسية ومعانيها ، إذ أن المعطيات السابقة يمكن فهمه على أن حكومة اسرائيل لا تملك غير استراتيجية  الاعتداءات على محيط العاصمة السورية وليس الأمر محصور فقط بهذة الزواية بل في أماكن اخرة ايضا ، أي ان هذا الخيار الوحيد الذي بحوزتها ، كأسلوب يهدف للتوازن يمنع سقوطها الحر  بحسب مفهومها ، ناهيك عن التعاون الاستراتيجي بين طهران وموسكو ، أدى لانفجار داخل القيادة الاسرائيلية بين قوسين هيستريا  ،ونظرا لتدهور علاقاتها ايضا مع موسكو ، هذا التباين خلفته تراكمات السياسة الخاطئة لتل ابيب فارتد سلبا عليها إزاء دعمها لاكروانيا الذي لم تتقبله روسيا واعتبرته طعنة في الظهر بعد أن كشفت دور اسرائيل في المجال الالكتروني والتقاني عبر مستشاريها وخبرائها الذي كان لهم دور كبير في الأزمة الاوكرانية وكشف لاحقا   ، فكانت النتيجة الحتمية لهذة التراكمات هو سياسة العدوان والاستفزاز على العاصمة دمشق في كل مرة   ، واللافت لهذة التطورات أكثر ، هو ما تشهده المنطقة ويمكن تصنيفها في إطار الصراع الدولي على انها نقاط لصالح الدول التي تواجهها واشنطن مباشرة وفي مقدمها روسيا وايران ، الأمر الذي ازعج تل ابيب المتحالفة والمتفاهمة مع السياسة الامريكية ضد القوى العظمى ودورها المتنامي ،  و عليه تتقدم بذلك واشنطن في الصراع مع ايران وروسيا ، وفقا للمحطات السياسية وأخرها قمة طهران   ،ألا ان  دور ايران المتنامي على مستوى المنطقة وقمة طهران الناجحة شهدت مواقف على المستوى الدولي ، اعتبرها البعض أن زيارة بوتين لطهران  ناجمة عن الانزعاج الروسي من الموقف الاسرائيلي الذي انحاز الى اوكرانيا ، مما دفع روسيا بدفع الثمن باهظا لتل ابيب ، ولكن  قد يكون هذا بعيدا قليلا عن سياسة المنطق ، من وجهة نظر أخرى ، إذ للموقف الروسي حدد الاستقطاب الدولي بين المحاور المتصارعة دوليا ، ضمن إطار تقليص هامش المناورة الاسرائيلية التي تلعب  على أكثر من حبل بين دول الأقطاب في العالم وهذا يعتبر بالنسبة للروسي اختراق دولي لا تسمح به موسكو وفق المعطيات والأحداث التي تنتهجها روسيا  لما فيها من رمادية  ، لذا اليوم اسرائيل تحاول استفزاز ايران ومحور المقاومة عبر اعتداءتها المتكررة على سورية ، ورسائلها بتقديرات الموقف هنا ، لموسكو وايران بالوقت نفسه ، وهنا على روسيا أن طالتها الرسائل أن تأخذ موقف سياسي صارم تباعا لتخطي تل ابيب خطوطها ، وعدم التزامها بالشروط الدولية القائمة عليها كلا الدولتين ، وهذة الرسائل هي بمثابة تصعيد مع موسكو وايران معا  ، أو ربما تكون رسائل تخريبية منعا لأي تقدم سياسي يطول سورية وملفاتها في الشمال السوري ، ولكن  هنا أرادت تل ابيب أن تلتزم بالتوقيت لأن سياسة الابلاغ الاجرامي الذي تتبعه اسرائيل من اولوياتها وقد يستمر ما لم تكون هناك معادلة ردع تلجم بها  ، ورأينا ذلك في كل مرة من الاعتداء على سورية ، تقول نحن نحد من النشاط الايراني في سورية ، وتارة اليوم ستقول نحن نوقف النشاطين الروسي والايراني  معا ، وبهذا تكون ، أبلغت رسالتين معا ، بما أن سورية بالنسبة لروسيا وايران  تمثل العمق الاستراتيجي . ..

وهنا بما أن روسيا موضع الاتهام عند البعض ، نظرا لما أقرته اسرائيل من رسائل ردع بالتصعيد تجاه موسكو ، بعد قرارها إغلاق وكالة سخنوت للهجرة في موسكو ، وهي غير مضطرة طبعا للتبرير  لأن ماهية المفهوم السياسي لديها تقره بالأفعال وليس بالأقوال ، لتبرهن حسن نواياها تجاه حلفائها ، فهي تملك الجراة الكافية وقادرة على ردع اسرائيل دون قيد او شرط ، ولكن يبقى لديها حساباتها الخاصة التي تربك اسرائيل وواشنطن ، أي بمعنى تعرف من أين يؤكل الكتف السياسي الغربي  . وكل ما يقال بحسب تفنيد المحللين بقولهم أن اسرائيل أخذت الضوء الاخضر من روسيا ، لضرب سورية هذا غير لائق بالمنطق السياسي وحتى الدولي ، وبعيدا عن الواقعية السياسية ، لأن هذا التفنيد بتحليلاته باطلا ، فكيف بوسع اسرائيل ان تتلقى  ضوء اخضر من روسيا ، وهناك محاكم دولية واقليمية  ربما قائمة بينهما ؟؟ إزاء الوكالة اليهودية ؟ 

وفي ذات السياق إسرائيل تحاول إخفاء موقفها بدعم اوكرانيا عبر التكنلوجيا الالكترونية خشية الرد الروسي عليها بما أنها في قلب معادلة محور المواجهة ، لذا سيكون هناك سقوط مدوي لرهانات التي تحاول تل ابيب اكتسابها ، ولم تنجح في استمرار اللعب على أكثر من حبل ، وما بين الحبلين الواشنطي والروسي ، سيكون هناك حبل اخر سيلتف حول عنق الاسرائيل إذا استمرت باستفزاز ايران وهذا ليس مطولا ، قد تشهد المنطقة برمتها تطورات عسكرية ، لطالما الحلول السياسية لا تجدي نفعا مع الغطرسة الاسرائيلية .