مستلزمات الصمود الشعبي في اليمن والانتصار على حلف العدوان
تشير الوقائع اليومية في اليمن الى مسعى أميركي رجعي صهيوني لتوظيف نتائج الحصار والحرب على الصعيد الاقتصادي والمعيشي، لمراكمة عناصر تأثير، تؤسّس لقلب الموقف الشعبي ونخره باختراقات مبرمجة ومدروسة، يمكن بها مراكمة عناصر التحوّل المرتجى عبر إشاعة اليأس والاحباط وتعميم وهم استحالة الانتصار على الجبروت الأميركي – السعودي – الصهيوني.
إن توفير مستلزمات الصمود الشعبي والتحرّك الهجومي في هذا الاتجاه، وفقا لمخطّط وطني شامل معلن، هو الحلقة الراهنة والأخطر في مسار الصراع. فالحلف المعادي سوف يسترشد بتجاربه السابقة في بلداننا وفي اليمن إمكانات وقدرات، يمكن استثمارها لو تسنّى حشدها واستنهاضها والبناء عليها دون الحاجة لأيّ معونة تذكر. علما بأن لدى شركاء المحور خبرات وتقنيات، وقدرات لو تم نقل القليل منها يمكن لها أن تُحدِث نقلة نوعية هائلة اذا جرى توطينها بالصورة المناسبة، وفي التوقيت الملائم.
أمكن غالبا تغذية النزعات الانهزامية، بل وترجيح خطّ الاستسلام بالاستناد الى المتاعب والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وعبر الدعاية التي تعمل لتبني عليها حالة معنوية، تؤسس لانقلاب المزاج الشعبي، وتروّج للتنازلات والمساومات سبيلا ومنفذا يكسر الاختناق.
وهنا تجدر ملاحظة أنه لا يكفي في مقاومة الضغوط والاستثمار الرجعي للمتاعب تماسك الخطاب التحرّري ونفاذه جماهيريا، استنادا للمصداقية المكتسبة. فالصحيح والمجدي، هو تضمين الخطاب فهما واقعيا للمشاكل الناشئة، ولكيفية تجاوزها وحلّها وحشد الجهود المهيأة للمساهمة في الحل.
يجري تعميم الوهم بأن التمسّك بالموقف التحرّري وبأهدافه القريبة والبعيدة، هو المصدر الفعلي لمتاعب الناس ومعاناتهم وليس العدوان والحصار. ويتمّ تصوير القوى التحرّرية بأنها تستثير الأزمات، وتستجلب المتاعب لشعبها لخدمة أهداف ومخططات خارجية منسوبة الى تحالفات إقليمية ودولية، هي واقعيا من مصادر القوة والتأثير على التوازنات.
يتخيّل بعض أصحاب النوايا الحسنة أن النزاع قابل للحلّ من خلال ترضيات للحلف المعادي، لا تلبث أن تصبح رأس جسر للاختراق والتجويف والاستنزاف في حلقة متواصلة من نشاط الجماعات والشبكات العميلة، التي تحرّكها آلة الاستتباع المركّبة.
في هذه التركيبة يختلط العملاء بأصحاب الخيارات الرجعية والانهزامية وبعض حسني النوايا، ممن ينقصهم الكثير من الوعي والفطنة والخبرات فوقعوا في الفخّ بدافع السخط الشديد والإلحاح وضعف الوعي وانعدام البصيرة.
لا طريق لمنع هذه السيرورة وقطعها سوى من خلال خطة تعبوية واجراءات عملية، تفرض تدابير وخطوات جذرية، ويفترض أن تواكبها الحملة التعبوية فتمهّد للتنفيذ، وتُحشد القوى على أساسها.
ذلك هو سبيل التصدي الراهن للتحديات والبراعة في تظهير النتائج والإنجازات يمكن ان تحقق حصانة وتماسكا فتعطي زخما مضاعفا للمسار الثوري يعجل في نضج فيض المنجزات والمكاسب.
لا سبيل لخنق العملاء وشلهم وسد المسارب سوى بالتقدم في نسق هجومي يكشف الثغرات ونقاط الضعف ويتيح التخلص منها في سياق الإنجاز الوطني التحرري الذي يشق الطريق ويفتح الآفاق الرحبة للتقدم وللتطور التاريخي.
يقتضي الانتصار على آلة العدوان درجة عالية من الوعي والتماسك الشعبي ووضوحا في الأهداف الوطنية العليا، التي تمثّل الخطّ الشاقولي الناظم لجميع المراحل والحلقات. وفي كلّ مرحلة لا بدّ من بلورة الأهداف الانتقالية المباشرة، وتنظيم العمل التعبوي المتناسب.
Your Comment