ثلاث ظواهر تدّلُ على خطورة الوضع في الشرق الأوسط
منذُ ما يقارب ثمانيّة عقود من الزمن والمنطقة تعيش ملازمة حالة خطورة الوضع. لم تفارق المنطقة هذه الملازمة. وعندما نكتب او نتحدّث عن خطورة الوضع في منطقة الشرق الاوسط اليوم، فلا نعني حرباً اسرائيلية عربية، كما كان الامر، في الماضي القريب، وانما المقصود حرب قد تشّنها اسرائيل على ايران، بهدف منع ايران حيازة التقنيّة النوويّة ، التي يجب ان تكون حكراً على اسرائيل في المنطقة ، ولا يحّقُ لدولة اخرى في المنطقة حيازتها . واصبحَ هذا الاحتكار حقاً مُقدسّاً لاسرائيل ،يجبُ على العالم دولاً و منظمة امم متحدة ومجلس أمن، الالتزام به ، بل والدفاع عنه ،حتى لو استلزم الامر حرباً تشنهّا اسرائيل على ايران او على ايّ دولة اخرى تحاول اقتناء التكنلوجيا النوويّة ، وتكون حرباً مشروعة ، طالما الفاعل اسرائيل ، وسيُركن جانباً ميثاق الامم المتحدة ، وستُعّطل مفاهيم الامن والسلم الدوليّين و حقوق الانسان واحترام سيادة الدول وحق الشعوب ، الخ …
تعاني شعوب ودول المنطقة اقتصادياً و أمنياً وسياسياً ، وتدفع ثمناً مُقدّماً وباهضاً ، بسبب مخاوف وهواجس اسرائيل من احتمال امتلاك أيران سلاحاً نووياً ! واصبحت التهديدات الرسمية الاسرائيلية بقرب شّنْ حرب على ايران ، والاعتداءات العسكرية الاسرائيلية المتكررة على سوريا وعلى العراق ، مقبولة اممّياً ودولياً، ولا تواجّه لا بأستغراب ولا بقلق دولي او اممي ، ولا تهدّدْ الامن والاستقرار الدوليّين ، وكأنَّ هذه التهديدات و الاعتداءات امر مشروع .
أصبحت أحداث ووقائع المنطقة تُفّسرْ على ضوء العلاقة النوويّة بين ايران واسرائيل ، وتُفسّر باعتبارها مؤشرات لهجوم اسرائيلي -امريكي وشيك على ايران.
السيد عبد الباري عطوان يرى في “الهجوم السعودي الشرس وغير المسبوق على سوريّة وعلى الرئيس الاسد ” ، والذي وردَ في كلام مندوب المملكة العربية السعودية في الامم المتحدة ، مؤشراً لاقتراب الحرب على ايران ( جريدة “رأي اليوم” الالكترونية بتاريخ ٢٠٢١/١٢/١٩ ) .
مُحلّلون كُثر يقرأون في فشل المفاوضات الغربية – الايرانية في فيينا حرباً قادمة بين اسرائيل وحلفائها من جهة، وايران وحلفائها من جهة اخرى .
لا بُّدَ لاسرائيل ولامريكا من خلق ذرائع ومبررات ،يمكن تسويقها للرأي الامريكي والدولي ،من اجل شّنْ الحرب على ايران ، ان عزموا على ذلك ، وانا لا اراهم فاعلون لذلك ولا هُمْ قادرون على ذلك ، ليس لافتقارهم للقوة وللسلاح ، وانما لعدم توقعهم لنتائجها ولعدم قدرتهم على تحمّل كوارثها .
ارى ثلاث وقائع او ظواهر تدور في اسرائيل وفي العراق وفي روسيا قد تعطي مبررات لاسرائيل و لامريكا بشّن حرب :
– تشهد اسرائيل ، ومنذ شهر تقريباً ، تصاعدا ملحوظا لعمليات مسّلحة تقوم بها فصائل المقاومة الفلسطينية ، و آخرها العملية التي نفذها فلسطينيان قرب مستوطنة حوتس في محيط نابلس ، وقتل فيها مستوطن اسرائيلي وجُرح اثنان من المستوطنين. بطبيعة الحال ، اسرائيل تعتبر وتصف عمليات المقاومة بانها اعمال ارهابية ، ويتفق مع اسرائيل في هذا الوصف امريكا وكثير من دول العالم ، و ربما حتى السلطة الفلسطينية ، وبعض العرب .
واسرائيل و امريكا وبعض العرب يعتبرون ايران دولة راعية للارهاب ، وايران لا تخفي مساعدتها العسكرية والمادية لفصائل المقاومة الفلسطينية .
يشهد العراق ايضاً ومنذ شهر ارتفاعا ملحوظ في العمليات الارهابية التي تقوم بها عصابات او تنظيمات داعش ، ونتمنى الا تتكرر وتتفاقم ،في الايام المقبلة هجمات داعش الارهابية . لا احد يجهل الارتباط والتواصل بين تنظيم داعش ودوائر المخابرات الاسرائيلية والامريكية ، والهدف خلق اجواء ومشاهد في المنطقة، توُصَفْ من قبل اسرائيل و امريكا وبعض دول العالم بالارهاب ، وان الارهاب يهدّد امن وسلام اسرائيل و العراق و المنطقة ، وهذا قد يعطي مبرراً لاسرائيل ولامريكا بشّن حرب بعنوان ” القضاء على الارهاب و داعميه ” ، إن قرّروا ذلك ، وانا لا اعتقد ،كما ذكرنا اعلاه ،أنهم قادرون او عازمون على خيار الحرب .
التحشيد العسكري الروسي على الحدود الشرقية لاوكرانيا والمناورات العسكرية الروسية ،يتزامن مع أخبار و توقعات الحرب التي تهّدد بها اسرائيل ايران و المنطقة، وقد يدّلُ ايضاً على أنَّ لدي السلطات الروسية المختصة معلومات على ارادة حرب اسرائيلية ، وحدوثها يفرضُ على امريكا الاصطفاف مع اسرائيل . قيام اسرائيل و بدعم امريكي بالاعتداء على ايران ، حدثٌ يشجّعُ روسيا على الاقدام على حماية امنها القومي من مخاطر توسّع حلف الناتو ، وزرع قواعد له شرق اوكرانيا وعلى الحدود الاوكرانية – الروسية .
لا يمكن لامريكا وحلفائها التلويح بحل عسكري ، وبواسطة اسرائيل ،ضد ايران ،بسبب شُبهة او احتمال قيام ايران باستخدام عسكري لتقنيتها النووّية ، وهي ( واقصد امريكا ) تطلب من روسيا عدم اللجوء الى توغل عسكري روسي على الحدود الروسية الاوكرانية ،لمنع اوكرانيا من السماح للحلف الاطلسي ببناء قواعد عسكرية له على الحدود الروسية ، ما تعتبره روسياً تهديداً خطيراً للأمن القومي الروسي.
Your Comment