انحدار أمريكا وعلامات الظهور!!
قبل خمسة عشر عاما كانت أمريكا تعيش نشوة أحلى أوهامها متمثلة بالقضاء على المقاومة الإسلامية في لبنان حيث أدلت كوندوليزا رايس بتصريحها الشهير (نحن نشهد علامات ظهور شرق أوسط جديد Birth bangs) والتي ترجمت حرفيا (آلام الوضع) بينما هي مصطلح توراتي نبوءاتي يعني (علامات ظهور المسيح اليهودي)!!.
الآن وصف نائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بنس الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، بأنه أكبر إذلال لواشنطن على الساحة الدولية منذ 40 عاما حيث كتب في صحيفة “وول ستريت جورنال” قائلا: إن “الرحيل الكارثي لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من أفغانستان هو إذلال للسياسة الخارجية لم تشهده البلاد منذ أزمة الرهائن الإيرانيين”.
كما انتقد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلفه بايدن قبل أيام. ووصف ما حدث في أفغانستان بالعار وأكبر الهزائم في التاريخ، كما دعاه للاستقالة من منصبه.
السؤال المطروح الآن هو: عن أي ظهور كانت تتحدث كوندي قبل خمسة عشر عاما ؟!.
هي قطعا كانت تتحدث عن ظهور المسيح التوراتي الذي لا وجود له إلا في مخيلة اليهود الذين أنكروا المسيح الحقيقي الذي جاء وظهر قبل ألفي عام وليس ثمة مجال هنا للتفصيل.
في العام 2006 كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أن بوسعها مواصلة الاندفاع من أجل تحقيق انتصار حاسم في حربها لإحكام السيطرة على العالم الإسلامي وقد تصورت أن انتصارها على صدام حسين أمر قابل للتكرار في سوريا ولبنان وحيثما وجهت ضرباتها.
في الحرب الأمريكية على العراق لم تكن أمريكا بمفردها بل شاركها حلفاؤها العرب ناهيك أن سيء الذكر صدام حسين هو من أعان على نفسه عندما أباد شعبه وعندما حارب إيران ليجد نفسه في النهاية عاجزا عن مواصلة القتال بجيش منهك ومدمر وشعب يتمنى زوال حكمه والتخلص منه.
حتى في أفغانستان لم تكن أمريكا قادرة على اقتلاع طالبان عام 2001 لولا تحالفها مع بعض الجماعات الأفغانية المنافسة للحركة.
الثابت لدينا أن الأمريكي كما الإسرائيلي لم يكن ليتمكن من الانتصار لولا الدعم المالي والسياسي الذي تلقاه من أزلامه العرب وأن القوة الذاتية لهؤلاء وهؤلاء ليست كافية لإلحاق هزيمة كاملة بأعداء الإمبراطورية ودليل ذلك اضطراره للانسحاب من العراق وتراجعه في سوريا وأخيرا وليس آخرا انسحابه المذل من أفغانستان.
من البديهي أيضا أن الظهور المهدوي وتأسيس دولة العدل الإلهي يرتبط بموازين القوى في العالم وليس فقط بالعلامات الكونية، زلزال هنا وفيضان هناك أو بظهور بعض الشخصيات المحورية مثل السفياني والخراساني واليماني وحسب بل بالتغيرات الأوسع في موازين القوى العالمية حيث يمكن عندها لهذه الشخصيات أداء دورها الإلهي المنوط بها.
يرتبط ظهور الإمام المهدي بتوفر الإمكانات والأدوات لتأسيس دولة العدل الإلهي أي حركة التمهيد الصادقة التي يقوم بها ويضحي من أجلها وينتظرها المشتاقون لهذه القيم وليس أولئك الذين يترقبون ضربة حظ تبقيهم على قمة عالم العدل بعد أن تربعوا طويلا على قمة عالم الظلم.
أي منطق يؤمن به عبيد الدنيا المتربعون على عرش الفساد يدفعهم للاعتقاد بأن لهم الآخرة والأولى وأن الدنيا (مَعْقُولَةٌ عَلَيهم تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا وَتُورِدُهُمْ صَفْوَهَا وَلَا يُرْفَعُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَوْطُهَا وَلَا سَيْفُهَا وَكَذَبَ الظَّانُّ لِذَلِكَ بَلْ هِيَ مَجَّةٌ مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً ثُمَّ يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً).
نشهد الآن تحولا هائلا في موازين القوى الدولية وانحدار أمريكي كبير وصعود لأعداء الإمبراطورية وتلك الأيام نداولها بين الناس.
Your Comment