أضواء انتخابية
بعد سقوط نظام البعث الدكتاتوري في العراق بتاريخ 9- 4-2003 دخل العراق مرحلة جديدة من مراحله السياسية ، حيث شهد تحول كبير وجذري في جميع الاصعدة والمجالات، وشهد العراق اجراء أول عملية اقتراع في سلسلة الانتخابات العراقية ؛على هيئة انتخابات الجمعية الوطنية الانتقالية والذي يسمى أيضا بالبرلمان المؤقت ؛أو مجلس النواب العراقي المؤقت؛ في 30تشرين الاول 2005،حيث صوت العراقيون لاختيار 275 عضوا في الجمعية الوطنية الانتقالية(مجلس النواب العراقي المؤقت)، ومنذ ذلك الوقت بدأ العراق يعيش حياة ديمقراطية ، حيث انتخابات برلمانية كل اربع سنوات.
ان الانتخابات المبكرة الاخيرة والتي اجريت يوم 10- 10- 2021 نتيجة خروج مايسمى بمظاهرات تشرين، وهي خروج جماعات في مناطق وسط وجنوب العراق وايضا العاصمة بغداد؛ مما ادى الى سقوط حكومة عادل عبدالمهدي، والشيءالملفت للنظر ان المطالبين بالاصلاح وتغيير النظام السياسي؛ اكتفوا بسقوط حكومة عادل عبدالمهدي، ولم يطالبوا بسقوط رئيس الجمهورية برهم صالح او رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهذا امر لابد من الوقوف عنده طويلا والتأمل في كل تفاصيله؛ صغيرها وكبيرها؛ وليس هذا فحسب بل حتى خروج هذه الجماعات اقتصر على مدن الوسط والجنوب فقط، وتم حرق وتدمير البنى التحتية في هذه المناطق، وخرجت افواج مجهولة الهوية تمنع الدوام في الدوائر الحكومية ؛ وكذلك منع دوام تلاميذ وطلاب المدارس والجامعات؛ وهو امر خطير ومؤشر على مدى وجود اجندات خارجية حاقدة على هذه المناطق تحديدا.
لقد كانت احدى مطالب تظاهرات تشرين اجراء انتخابات مبكرة.
بعد سقوط حكومة عادل عبدالمهدي؛ والمجيء بحكومة مصطفى الكاظي كي تحضر وتهيء الى انتخابات مبكرة، وبعد ذلك تنتهي مهامها، ولكن الذي حدث ان حكومة الكاظمي؛ تجاوزت مهامها واهدافها ب ( سنوات ضوئية!!) لتعقد صفقات وتحالفات مع دول معروفة بدورها التخريبي في العراق بعد عام 2003، وليس هذا فحسب بل قامت حكومة الكاظمي بتقوية وتعضيد علاقتها بدول الاحتلال متمثلة بامريكا وبريطانيا، متجاوزة كل مشاعر وتطلعات الشعب العراقي.
ومع كل هذه الاحداث والمؤشرات الخطيرة التي تنذر بوجود مؤامرة كبيرة على العراق، شهدت البلاد يوم 10- 10- 2021 انتخابات مبكرة؛ لاختيار اعضاء مجلس النواب العراقي ، ولاول مرة في تاريخ الانتخابات العراقية؛ بعد عام 2003 تم اعتماد الدوائر الانتخابية المتعددة، حيث تم خلال هذه الانتخابات تغيير قانون الانتخابات رقم لسنة 2020 الذي يعتمد على الدوائر المتوسطة.
حسب القانون الجديد فقد تم تقسيم العراق الى (83) دائرة انتخابية ، وتضمن قانون الانتخابات الجديد منع التنقل بين الكتل السياسية للنائب الا بعد تشكيل الحكومة.
تميزت انتخابات 10-10- 2021 بوجود مستقلين غير منتمين الى أي جهة حزبية او كتلة سياسية معينة،كما شهدت هذه الانتخابات مشاركة احزاب جديدة؛ يطلق عليها الاحزاب التشرينية،وذلك في اشارة واضحة الى مظاهرات تشرين 2019، هذا اضافة الى مشاركة واسعة وقوية من قبل الاحزاب والكتل السياسية التقليدية التي وصلت الى السلطة وشاركت في العملية السياسية بعد عام 2003.
وعودة الى قانون الانتخابات الجديد؛ نجد ان القانون منح حق الترشيح لحملة شهادة الاعدادية او ما يعادلها؛ بعدما كان القانون السابق يتعين على تخصيص نسبة لاتزيد على 20% من عدد المرشحين لشرائح المجتمع من حملة الشهادة الاعدادية او ما يعادلها، وقد خفض القانون الجديد الحد الادنى لسن المرشح الى ( 28) عاما بدلا من( 30 )عاما في القانون السابق.
شهدت انتخابات 10-10 -2021 المبكرة مشاركة 21 تحالفا و167 حزبا؛ وبلغ عدد المرشحين (3249) مرشحا؛ منهم (959) مرشحي التحالفات و (1501) مرشحي الاحزاب و(789) مرشح مستقل؛ وبلغ عدد الذكور المرشحين (2298) مرشح وعدد الاناث المرشحات (951) مرشحة.
ان انتخبات 10-10 - 2021المبكرة اجريت على مرحلتين
المرحلة الاولى :الاقتراع الخاص،والذي اجري يوم 8-10-2021
المرحلة الثانية: الاقتراع العام؛ والذي اجري يوم 10-10-2021
بعد اجراء الانتخابات كان على المفوضية المستقلة للانتخابات؛ ان تفي بالتزاماتها وتعهداتها بأن تجري انتخابات نزيهة وشفافة، وانها ( المفوضية) سوف تعلن النتائج خلال (24) ساعة ، ولكن الذي حدث ان المفوضية لم تلتزم بتعهداتها، وهو ما اكده تقرير البعثة الاوربية المراقبة للانتخابات، حيث ذكرت البعثة في تقريرها ، ان الشفافية والنزاهة في الانتخابات كانت محدودة، كما ذكر تقريرها بعدم وجود حرية لوسائل الاعلام لتغطية الانتخابات، وهذا دليل واضح وقوي على عدم نزاهة الانتخابات، كذلك فأن المفوضية لم تعلن النتائج خلال (24) ساعة بل اعلنت نتائج نسبية، وكان واضح على عملها ( المفوضية) الارتباك الشديد، وهذا يفسر عدم نزاهةعملها.
شهدت هذه الانتخابات المبكرة نسبة مشاركة بلغت 41% وهي نسبة تعتبر متدنية قياسا لاهمية الانتخابات والتطلعات بشانها، وكانت اكبر نسبة مشاركة في محافظة دهوك حيث بلغت 54% ، في حين كانت اقل نسبة مشاركة في العاصمة بغداد ؛ اذ بلغت 32%.
بعد اعلان النتائج كان واضحا عمليات التزوير، خصوصا اذا ما علمنا ان الاجهزة الالكترونية التي استخدمت في عملية التصويت لم تعمل بشكل جيد، وتوقف العديد من الاجهزة، مما ادى الى حرمان اعداد كبيرة من المواطنين للادلاء باصواتهم، اضافة الى ذلك اختراق عمل هذه الاجهزة وتزويدها بمعلومات من الخارج؛ ومن شأن هذه المعلومات والاوامر ؛ان تغير نتيجة التصويت، وهو امر واضح من خلال عدم مطابقة الاشرطة الورقية التي وزعت على مراقبي الكيانات مع نتائج اجهزة العد والفرز الاكتروني.
لقد كان المعول على انتخابات 10-10-2021 ان تحدث اصلاحا كبيرا، وتوقف الفساد وتنهض بالبلاد، ولكن الذي حدث ان هذه الانتخابات هي بحاجة الى اصلاح وبحاجة الى كشف التزوير والفساد الذي رافقها، وهو ما قام به ( الاطار التنسيقي)، الذي ضم تحالف فتح وائتلاف دولة القانون وائتلاف قوى الدولة ، وتحالفات وطنية اخرى ،اخذت على عاتقها اصلاح العملية الانتخابية، واحقاق الحق، وصاحب اعلان نتائج الانتخابات، خروج مظاهرات شعبية كبيرة ضد هذه النتائج ، حيث طالبت هذه المظاهرات بالعد والفرز اليدوي ، معتبرة نتائج الانتخابات مزورة، مع وجود ادلة قوية وكثيرة تؤكد عدم نزاهة هذه الانتخابات.
ان قوى الشر المتمثلة؛ بالشيطان الاكبرامريكا واسرائيل، واعوانهما، وبعد ان خسرت الرهان على حرق وتدمير محافظات الوسط والجنوب؛ والعاصمة بغداد فيما اطلق عليه حراك تشرين ، عاودت هذه القوى الشريرة مرة ثانية، لتمارس دورها التخريبي من خلال تزييف وتزوير نتائج الانتخابات؛ ناسية او متناسية ان الشعب العراقي اكبر واذكى من ان تنطلي عليه حيل الشيطان الامريكي واتباعه.
Your Comment