الإصرار أم العدول عن القرار
تعودنا من السيدمقتدى الصدر قبيل كل انتخابات أنه يلجأ إلى اساليب تجعلنا نعتقد أنه سيقرر توديع العمل السياسي وإلى الأبد فتارة تراه يتبرأ من نوابه وزرائه وكل من يمثله في المنظومة السياسة والحكومية وتارة يتنبأ بمقتله أو اغتياله وقد تكررت هذه الاستراتيجية في أكثر من مناسبة في مدد قريبة من انتخابات عام ٢٠١٨ و٢٠١٤ و٢٠١٠ ولكنه سرعان ما يعود لممارسة السياسة بل ويؤكد في أكثر من تصريح أن لا رئيس وزراء يكلف ولا حكومة تشكل إلا بموافقته ومباركته.
وقبيل ايام قليلة التقى السيد الصدر بقيادات التيار الصدري والهيئة السياسية وشرح لهم ضرورة تكثيف الجهود من أجل الفوز بالانتخابات القادمة وإصراره في أكثر من مناسبة أن تكون رئاسة الوزراء القادمة صدرية وشبه علاقته بالقاعدة الجماهيرية الواسعة التي يمتلكها ومسؤولي التياري كعلاقة مدرب كرة القدم والفريق والجمهور ثم اعقب ذلك تأكيده على طرد وإعلان البراءة من بعض الاسماء المشهورة في التيار واتهامهم بممارسات أساءت للتيار ولسمعة الشهيد الصدر قدس سره وبعد ذلك طلب من قيادات التيار البحث عن الموالين الاقحاح لتجديد قيادات التيار الصدري بعد أن شعر أن غربلة التيار صارت حاجة ملحة وضخ دماء جديدة هو الحل الأمثل لكثير من الأخطاء السابقة.
فهل خطابه هذا هو تكتيك انتخابي واستراتيجية جديدة لعودة اللحمة مابينه وبين مؤيديه الذين تزعزت ثقتهم في نواب الكتلة الصدرية ومعظم اتباعه هم من الطبقة المسحوقة والفقيرة في المجتمع ومن المهمشين الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر في عشوائيات مكتظة بالسكان ومزدحمة بلا ادنى خدمات لا تتوفر فيهاابسط وسائل الحياة الحرة الكريمه في احياء بلا خدمات تكثر فيها النفايات ومحارق النفايات والحيوانات السائبة والامراض الفتاكة وانتشار البؤس والعوز والاحباط الذي يخيم عليهم في غد لن يأتي أبدا وما زاد الطين بله أنهم فقدوا ثقتهم في حكومة الكاظمي التي جاء بها الصدر ودعمها عبر نوابه الذين صوتوا لرفع قيمة الدولار والتي نزلت صاعقة على رؤوس الفقراء ومثلما نعلم أن التيار الصدري بدأ قويا ولكنه عانى من تصدعات كبيرة فمن رحمه ولدت كل الفصائل المسلحة التي انسلخت منه وشكلت أحزابا لها اجنحة عسكرية وصارت رقما صعبا في المشهد السياسي بل بعض المنشقين أصبحوا ينافسون السيدمقتدى الصدر في نمو قاعدتهم الجماهيرية كونهم مدعومين بشكل كبير من الجمهورية الإسلامية في إيران.
أنا متيقن بل متأكد أن الموضوع لا يتعدى أن يكون تكتيك انتخابي حيث لو أراد الصدر فعلا إعلان انسحابه من العملية السياسية لكان قد أعلن ذلك قبيل إغلاق باب الانسحاب الذي حددته المفوضية.
فهل هذا التكتيك هو لامتصاص غضب الجماهير الذي قاري تحديدا الذي فشلت فيه حكومة المحافظة التي يقودها الصدريون حيث المحافظ ومدير عام الصحة وكثير من مسؤولي المحافطة وبعد هذه الفاجعة وتوجيه أصابع الاتهام بالإهمال والتقصير والفساد للمسؤولين عن المحافظة؟!!!
يعلم الصدر أن إعلان براءته وعدم دعمه للمسؤولين في الحكومة الحالية يعني إعطاء الضوء الأخضر لكثير من الحزاب المعترضة على أداء حكومة الكاظمي والتي تغض الطرف اكراما للسيد مقتدى الصدر شريكها في التحالف أو في القرار لتوجيه الاتهامات لرئيس الحكومة والأمانة العامة لرئاسة الوزراء ونائب رئيس مجلس النواب وجميع وكلاء الوزارة والدرجات الخاصة التابعين للتيار الصدري ورفع دعمه عن هؤلاء مع الوقت المتبقي لا يعني شيئا لأن البرلمان أصبح مشلولا منذ أكثر من ثلاثة أشهر ومعظم البرلمانيين اهتموا بحملاتهم الانتخابية أكثر من اهتمامهم بدورهم الحقيقي في تشريع القوانين ومراقبة عمل الحكومة.
ستتوجه الجماهير الصدرية يوم غد للحنانة وخاصة الهيئة السياسية وكل أعضاء كتلة التيار الصدري في مجلس النواب وكل المسؤولين من مدير عام فما فوق ويطرقون أبواب السيد فإن فتح لهم الباب واستمع لهم فلا أعتقد أنه سيتراجع عن قراره وقد يتوجه عشرات الآلاف من اتباعه بتحريض من هؤلاء صباح يوم عيد الأضحى المبارك وستتعالى هتافات الجماهير الصدرية المدوية لتطالب السيد بالتراجع فمن غيره سيقود الاصلاح ومن غيره سيحل الأزمات ويحارب الفاسدين في الحكومة المرتقبة بعد الانتخابات المبكرة؟!!!
وأيضا ستمنع ويصم أذنه لهذه الهتافات ولكن سيتراجع حتما اذا ما بادر كبار قادة الكتل وخاصة رؤساء الكتل والاحزاب الشيعية وقادة الكتل السنية الذين يعلمون جيدا ان انسحاب مرشحي التيار الصدري وعدم مشاركة الجمهوري الصدري مع المراقبة الأممية تعني فشل الانتخابات وربما يكون انعكاسات هذا الأمر ستكون سلبية على المشهد السياسي وربما يسير البلد نحو الفوضى. وحتما سيعود ولكنه سيشترط على اتباعه ان يشاركوا بقوة حتى يفوز كل من ترشح ضمن قائمة التيار الصدري لكي يتحقق حلمه بالحصول على اكبر عدد تحت قبة البرلمان وتكون رئاسة الوزراء صدرية
ستتحرك أحزاب السلطة لتترجي السيد الصدر بالعدول عن قراره وسوف يلبي رغبتهم ويلغي هذآ القرار بقرار آخر يطالب الشعب العراقي فيه وأتباعه المشاركة الواسعة في الانتخابات كي يحقق حلمه في أن تكون كتلة الصدريين هي الأكبر تحت قبة البرلمان وتكون رئاسة الوزراء صدرية مرشحو التيار الصدري بدأوا بإعلان انسحابهم على صفحات التواصل طاعة لقرار الصدر ولكن هذه الانسحابات لا معنى لها فهي غير قانونية فوقت الانسحاب قد اغلق والمرشح المنسحب لا يؤثر على سيرالعملية الانتخابية فاسمه ورقمه موجد في قوائم المرشحين.
ربما علم السيد الصدر أن الوضع العام بات لا يساعد على إقامة الانتخابات في موعدها المحدد وسبق الآخرين معلنا انسحابه من الانتخابات التي لن تجري هذا العام والتي سوف تؤجل إلى نهاية الدورة البرلمانية الحالية. أما الجمهور الصدري فهو جمهور عقائدي مؤدلج وعدم مشاركته في الأنتخابات ستمنح الاحزاب المنافسة الفرصة في الفوز والعودة لقبة البرلمان أما القوى الحزبية المقاطعة للانتخابات فسترحب بقراو الصدر وتعتبره نصرا لها ولربما ستعلو الاصوات التي تنادي بعودة التظاهر من اجل اسقاط العملية السياسية قبيل الانتخابات واعلان حكومة طوارئ ولا استبعد في حالة عدم مشاركة التيار الصدري الى عودة التدهور في الملف الأمني وتبدأ تصفيات وعمليات قتل واغتيال للمرشحين خاصة المستقلين الذين لهم حضور في دوائرهم الانتخالية كما أرى عدم مشاركة التيار الصدري والوضع الامني والخدمي والصحي المتردي سيكون عامل ضغط ومبرر لتأجيل الانتخابات. ويبقى احتمال واحد هو أن خطاب السبد الصدر هو تحشيد للانتخابات وبهذا يريد الصدر أن يجس نبض الشارع الصدري ومدى ثقله في الشارع العراقي فهل مازال الجمهور الصدري قوي ومتماسك كما كان سابقا أم أن الاحباط والفشل الحكومي وتنامي قوة المنافسين أثرا سلبا على القاعدة الجماهيرية؟!!!
أم هل فعلا أن اليأس دب إلى قلب السيد مقتدى الصدر بعد ان فقد الثقة فيمن حوله من اتباعه والمحسوبين على تياره الذين اصيبوا بالانانية ولم يختلفوا عمن ينتقدهم في خطاباته ويدعوا لاقتلاعهم من الجذور؟!!! هل ستعتبر الجماهير الصدرية خطاب السيد جرس انذار من اجل طاعة امره والمشاركة في الانتخابات لأنه لا يريد ان يكون شريكا في الفشل ويريد ان يكون قائدا للنجاح
ولكن ماذا لو شارك الصدريون وحققوا الفوز الكبير فهل سيتخلى الصدر عن قيادة الكتلة الأكبر؟!!!
تلى خطاب الصدر انسحاب الكعبي ونواب التيار الصدري
من مجلس في هذه الفترة وانسحابهم لن يؤثر على القرار السياسي ولكنه يقلل من دعم حكومات الكاظمي التي كانت تستنذ على زعيم التيار وكتلته في مجلس النواب وربما تداعيت سحب الدعم عن حكومة الكاظمي يجعلها عرضة لضغوطات كبيرة من كتل واحزاب أخرى.
وأظن ان الموقف في ذي قار سيتدهور بشكل اكبر وربما ستكون هناك مواجهات حقيقية مابين المتظاهرين والمنكوبين من جهة وبعض المسؤولين المحسوبين على التيار من جهة أخرى.
Your Comment