حرب الغاز الطبيعي في أوروبا بين الولايات المتحدة وروسيا..... مشروع (نورد ستريم) انموذج
((إذا أردت أن تضيع شعبا أشغله بغياب الأنبوبة (قنينة الغاز) وغياب البنزين ثم غيب عقله واخلط السياسة بالاقتصاد بالدين بالرياضة)) جلال عامر.
تهدف الولايات المتحدة للتدخل في سياسات القارة الأوروبية بشكل عام وبالغاز الطبيعي بشكل خاص، من اجل الأسباب الاتية:
1 - وجود بعض الأطراف الأمريكية الداعية لقطع العلاقات مع روسيا بشكل كامل، حتى ولم كان الأمر على حساب تضرر العلاقات مع حلفاء أمريكا في أوروبا.
2 - الوقوف في وجه التقارب الروسي الأوروبي.
4 - وكذلك من اجل ابعاد سيطرة روسيا على الطاقة في اوربا،
5 - ويوجد احتمال اخر وهو أن الولايات المتحدة تستغل المشروع للضغط على ألمانيا بهدف عقد اتفاقيات تجارية أكبر معها سعيا لزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال، والاستفادة من الخلافات التجارية في الأسواق الدولية،
6 - إن إتمام المشروع معناه بأن ألمانيا ستصبح مركزا مهما للطاقة على الرغم من العقوبات الأمريكية، ما سيجعل العلاقات الألمانية الأمريكية تشهد المزيد من التراجع
تكلمنا عن الاقتصاد والسياسة في مقالة صريحة سابقة وفي عدة مقالات لكن تحت عناوين مختلفة، ولتسليط الضوء على العمق الاقتصادي للقرارات والاحداث السياسية.
في هذا المقال احببت ان اتي لكم بمثال حول الموضوع الا وهو النورد ستريم (Nord Stream) والذي هو اسم خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من مدينة فيبورغ في روسيا إلى مدينة غرايفسفالد في ألمانيا. ويتألف الخط فعلياً من خطين متوازيين؛ وُضع الأول في الخدمة في شهر نوفمبر سنة 2012 وينقل (55) مليار متر مكعب من الغاز؛ أما الثاني تم العمل عليه في أكتوبر سنة 2012. يبلغ طول الخط 1,222 كيلومتراً وهو بالتوازي مع الانبوب الاول وينقل كمية مشابهه من الغاز وبذلك يكون أطول خط أنابيب تحت البحر في العالم. وهو ما يكفي لتزويد 26 مليون أسرة بالغاز، وكما ان الحكومة الالمانية ستُغلق ست محطات للطاقة النووية. وبعد ذلك سنخرج تدريجياً من الفحم بحلول عام 2038.. الخط الاول اكتمل لكن المشكلة في الخط الثاني (نورد ستريم 2)
وتأسست شركة Nord Stream 2 AG ، ومقرها سويسرا، حيث ان أكبر مساهم فيها هي شركة غازبروم الروسية، التي تغطي أكثر من نصف التمويل. وتم إبرام اتفاقيات تمويل إضافية للمشروع مع مجموعات "إنجي" (فرنسا)، "أو إم في" (النمسا)، و"شل" (هولندا، وبريطانيا) والشركات الألمانية "يونيبر ووينترشال ديا"، فيما تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع حوالي عشرة مليارات يورو. المشروع يمر على مجالات تابعة لسيادة كل من روسيا وألمانيا وفنلندا والسويد والدنمارك. وكانت الدنمارك آخر دولة وافقت على المشروع.
بعدما قارب المشروع على الاكتمال، بادرت إدارة الرئيس الأمريكي الاسبق دونالد ترامب، لعرقلته بكل الوسائل بما في ذلك فرض العقوبات على الشركات المشاركة فيه، لذلك تم قطع أعمال إنشاء الخط في نهاية 2019 قبل وقت قصير من إتمامه بعدما انسحبت شركات أوروبية بضغط من الولايات المتحدة وسحبت سفنا متخصصة في دفن المواسير تحت قاع البحر.
اما رد فعل الالمان حول ذلك هو تأكيد برلين وعلى لسان وزير خارجيتها هايكو ماس تمسكها بموقفها من المشروع. وإن الحكومة الألمانية لن تغير موقفها من نود ستريم 2.
النتيجة
1 – المشاريع الكبيرة لا تتم الا بمصادقة وموافقة امريكية وهذا يذكرنا بالاتفاقية الصينية
2 – القرارات السياسية تحت الى حكومة قوية متمثلة براسها رئيس الوزراء، ان كان ذو شخصية قوية ونزيةـ فباستطاعته تجاوز الضغوطات الغربية كما فعلت المانية حين رفضت القرار الامريكي وقدمت مصلحتها اولا.
3 - يجب وضع البدائل والسيناريوهات قبل البدء في اي مشروع لتلافي ما حصل لمشروع انبوب الغاز وكذلك لاتفاقية الصين وبالتالي ضمان استمرار تنفيذ المشروع
4 – ان اهم نقطة ان القرارات السياسية هي قد اتخذت تحت تأثير الاقتصاد عليها.
Your Comment