الإتفاق النووي كلمة العبور الآمن للمستقبل! 


لا شك أن المعسكر الأمريكي لا يفهم إلا لغة القوة ،ولا ينظر للضعفاء بعين الإحترام ،حتى ولو كانوا أثرياء ،فها هي أمريكا تتراجع أمام طالبان وتخلي لها الساحة وتغازل الحوثيين ،وبذات الوقت تلتزم بأمن اسرائيل ،بينما هي دولة ظالمة ومحتلة ،وقد بات واضحاً وجود خلافات بين النظرة الأمريكية والإسرائيلية حول الملف الإيراني ،فإسرائيل دولة مصابة بقصر النظر وطوله ،لذلك هي لا تمتلك إحاطات دقيقة تساعدها على إتخاذ القرار الصائب ،ونسيت أنها فشلت أمام صواريخ المقاومة الفلسطينية التي أغلقت مطاراتها وأرهقت اقتصادها ،حيث أخطأت المقاومة عندما قبلت بهدنة غير مشروطة لوقف هجماتها الصاروخية على المحتل الغاصب ،بينما نراها الآن أي إسرائيل تفتعل الأحداث لفتح جبهة جديدة مع أذرع إيران في المنطقة وتحديداً حزب الله في لبنان ،ظنا منها أنها قادره على تقليم أظافر إيران بينما هي أضعف من ذلك بكثير ،فأي حماقة لها بشن هجوم على ايران بطائراتها قد تجعل طياريها لا يجدون مطاراً آمناً يهبطون فيه ،ولا حتى استضافتهم فالمستضيف سيكون أشبه بمن يطلق الرصاص على أقدام مواطنيه.
فأمريكا وبرغم سوء إدارتها للملفات إلا أنها أكثر عقلانية وحكمة في ساعات الصفر ،فربما لديها معلومات استخباراتية غير متوفرة لدى الكيان المحتل تجعلها مجبره للعودة للاتفاق النووي حفظاً لماء وجهها ،فلن تكون قادرة على فتح جبهة مشتركة مع إيران وسوريا والعراق ولبنان واليمن وغزة ،وهي لا تعلم ما تمتلك هذه الصناديق السوداء من قوة عسكرية وربما نووية قد تزيل إسرائيل من جغرافيا الشرق الأوسط.
لذلك من الأفضل للسياسة الأمريكية أن تعبر المستقبل بكلمة المرور الصحيحة القاضية بتوقيعها على الإتفاق النووي ،ورفع حصارها عن إيران لضمان السيطرة عليها وإخراطها بالمنظومة الدولية ،لتكف يدها بيدها عن ما يجري من تهديد بين حين.
فقد كان مربي الصف بالمدرسة يختار الطالب القوي والمشاكس عريفاً على الصف لضمان شره وسيطرته على أمن الغرفة الصفية ،ولا يلتفت المربي للضعفاء ولا حتى للأول في مجموع العلامات لأنه غير قادر على ضبط الامور ،وتوفير الأمن للشعبة الصفية ،فقوة إيران استمدتها من ربيعها الذي ما زال صامدا ويقوى منذ ما يزيد على أربعين عاماً برغم المؤامرات والحصار الشديد عليها ،ولكن الشعب الإيراني والسياسة الإيرانية تناغما بين الإصلاح والتشدد وسجلا قصصا من التضحيات والنجاحات والتوسع على حساب الفراغ والضعف الذي أوجده إنكماش العلاقات العربية ،وقتل الربيع العربي أثناء ولادته ،وخلال فترة الرضاعة التي لم تمكنه من الإنفطام ،وكل ذلك يحدث بتدخل مباشر من السياسة الأمريكية والصهيونية وبمساعدة مشاريع الخيانة العربية.
لذلك نجحت إيران في صنع واقع جديد لها ولحلفائها على الأرض ،وستجبر أمريكا وإسرائيل للإنصياع لواقع القوة فصواريخ المقاومة الفلسطينية ما كانت لتكون لولا الدعم الإيراني لها ،أما من ترك الكفاح المسلح ورفع غصن الزيتون للعدو المحتل فحاله لا يرضي عدوا ولا صديقاً.
لذلك علينا كعرب مواجهة المستقبل بغير طريقة النعامة والبغبغة السياسية التي فرضوها علينا قبل أن نواجه مزيدا من الإنهيار والتردي ،فلا يمكن للمصالح العربية والإسلامية أن تكون مع المعسكر الصهيوني الغادر للأنبياء وللعلاقات وللتاريخ.
حفظ الله أمتنا العربية والإسلامية.

المصدر: رأي الیوم