العمالة برِدَاء ديني غير مبررة
كثيرة هي الأصوات التي انطلقت بعد توقيف الأمن العام اللبناني للمطران يوسف الحاج الذي كان ينقل أموال (إسرائيلية) إلى لبنان
وكثيرة هي التحليلات بين مدافع عنه ومدين له ومنهم مَن استفاض في الدفاع موجها الأتهام إلى ال م ق ا و م ة بأنها وراء هذا الأمر وبأنها رسالة إلى البطرك الراعي
لكل شخص حرية التعبير عن رأيه ولكن ليس من حق المدافعين عن العملاء ومَن يتعامل معهم أن يستخدموا الطائفة ليحتموا بها وتكون حجة لأتهام الأخرين فالعمالة ليست وجهة نظر ولن تكون مهما كانت مكانة الشخص الذي يتعامل مع العدو
عندما انتصرنا على العدو وتم دحره عام 2000 كان لهذا الأنتصار بعدا" اخر لا يقل أهمية عن تحرير الأرض وهو دفن المؤامرة التي كان يريدها العدو عند تحرير الأرض عندما أتى بشاحنات الأسلحة قبل ليلة واحدة من التحرير ووضعها في المراكز العسكرية التابعة له ولجيش عملاء لحد بهدف المواجهة بين المواطنين
ال م ق ا و م ة والاحزاب الوطنية التي تريد دخول الأراضي المحررة
فكان الأنتصار الثاني التنبه لهذا السيناريو بوعي وادراك وتم التعامل مع أهالي القرى المحررة بكل محبة وتسامح وتسليم قرار محاسبة العملاء للدولة اللبنانية فقط
بينما في دول تدعي الثقافة والحضارة مثل فرنسا أم الشرائع بعد سيطرة لجان المقاومة على فرنسا واعدمت عشرة آلاف عميل فرنسي بالرصاص إضافة إلى عشرين ألفا" تم اعدامهم شنقا" وهذا الأمر موثق في متحف المقاومة الفرنسية دون اللجوء إلى المحكمة
يومها لم تعترض الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في فرنسا على قرارات الأعدام الميدانية للعملاء من قبل المقاومة التي كانت تضم رهبانا" من الكنيسة وعلمانيين ومتطوعين من كافة الشعب الفرنسي الذي توحد حول مقاومته لمواجهة المحتل الألماني وعملائه
ولم تقم الكنيسة يومها في الدفاع عن العملاء واعدامهم ولم تبرر لهم خيانتهم ولم تضفي رِداء القدسية عليهم
فلماذا في لبنان تريدون التبرير للمطران الحاج وتضعون القضية في خانة الأستهداف للكنسية وللبطرك وللطائفة المسيحية الكريمة
ليست المرة الأولى التي يتم بها توقيف رجل دين متعامل مع العدو ففي العام 2012 تمت محاكمة رجل دين معمم يدعى محمد الحسيني وقد حكم بخمس سنوات من السجن كما تم الأدعاء على رجل الدين المعمم علي الأمين بجرم التواصل مع العدو عام 2019 عندما التقى بكبير الحاخامات الصهيونية شلومو عمار في البحرين بحجة حوار الاديان وهؤلاء من الطائفة الشيعية الكريمة
ولكن اليوم وبعد توقيف المطران موسى الحاج لساعات فقط وما رافقها من حملات تدين الأمن العام وتهدد القاضي فادي عقيقي بالإقالة واتهام أحزاب بأنها وراء هذا التوقيف وبأنها رسالة للبطرك الراعي وللطائفة المسيحية فهذا الأمر هو (أخطر) من تهمة العمالة وعلى البطرك الراعي الإبتعاد الفوري عن اللعبة الطائفية بهذا الملف لأنه بذلك يأخذ البلاد إلى فتنة كبيرة لا يستطيع البطرك الراعي الوقوف بوجهها لأنها تمس لبنان الوطني الرافض للتطبيع مع العدو الصهيوني
وعلى البطرك الراعي ان يقرأ التاريخ جيدا" ويعلم أن الأحزاب الوطنية وال م ق ا و م ة قدمت مئات الشهداء والآف الجرحى وعشرات المعتقلين في السجون الإسرائيلية نفتخر بأنهم من الطائفة المسيحية وأنهم يحملون لواء الدفاع عن لبنان وارضه وشعبه، اعتقلوا،واعذبوا،وابعدوا عن ديارهم لأنهم بكل اعتزاز يواجهون الاحتلال والعملاء
وعلى البطرك الراعي الذي يجب أن يكون راعيا" صالحا" في مدرسة إمام المحبة ورسول السلام والإنسانية السيد المسيح عليه السلام عدم تبرير العمالة لمَن اغتصب كنسية المهد واحتل فلسطين، ودمر لبنان بعد احتلاله لسنوات
وقام بمجازر وحشية متكررة وأخرها مجزرة قانا التي سجلت بالتاريخ بدماء أطفال وشباب وشيب ابناء بلدك
فما على البطرك الراعي إلا الإبتعاد عن اللعبة الطائفية للدفاع عن العمالة بالرداء الديني فهذا الأمر هو كمَن ينفخ على النار لأطفاءها خصوصا" وان الطائفة المسيحية الكريمة ليست بحاجة لبعض الأصوات من اللاهثين للتطبيع مع العدو ففيها ما يكفي من العزة والكرامة والوطنية وما قام به المطران الحاج هو مرفوض ومَن يقرر إدانته أو براءته هو القضاء فقط الذي ارتضينا به أن يكون الفيصل في محاسبة العملاء كما فعلنا عام 2000 رغم تأكدنا من الجرم الذي قام به المطران الحاج
حماية العمالة لأجل الرِدَاء الديني أخطر من العمالة هي خيانة وطن وتدنيس لطهارة هذا الزي بكل الطوائف وعليكم أن تحترموا هذا الزي الذي يحمل هويتك أرضك،شعبك،قضيتك،
والخيانة بهذه الحالة ستبقى الوصمة وصمة العار التي تلاحقك بعد مماتك، ولن يأسف عليك أحد، ولن يستطيع أحد أن يغفر لك هذا الجرم الذي سيرافقك مكتوباً على نعشك وقبرك. هنا يرقد بدون سلام من خان الوطن وشعبه.
Your Comment