تونس وقرار الرئيس قيّس سعيّد.. تصويب السياسات وإنقاذ الديمقراطية.


قرار في مصلحة تونس، اتخذه الرئيس التونسي قيّس سعيّد في 25يوليو/ تموز 2021، وذلك للإطاحة برئيس الوزراء هشام المشيشي المحسوب على حركة النهضة، لجهة تعليق عمل البرلمان التونسي لمدة 30 يوماً، الأمر الذي استطاع بموجبه قيس سعيد، أن يحد من  اشتعال ثورة جديدة، جراء سوء السياسات الاقتصادية التي اتخذتها حركة النهضة، فخرج الشعب التونسي إلى الساحات فرحين محتفلين  بقرار الرئيس  التونسي قيّس سعيّد، وقد تصدرت منصات التواصل الاجتماعي صور قيّس سعيّد وهو في طريقه إلى شارع بورقبية المزدحم في العاصمة التونسية، الذي كان مركز الثورة  التونسية التي أطاحت بـ زين العابدين بن علي.

منذ ما يُسمى الربيع العربي، والذي بدأ في تونس، لم تهدأ الفرق الإخوانية عن النهب والسلب والتضييق على الشعب التونسي، لتحقيق أجندات خاصة بولايتهم الإخوانية، وبالتزامن مع انتشار فايروس كوفيد 19، وازدياد البطالة، عانى التونسيين من الفقر والبطالة، ليصل الأمر حدَّ الشلل الاقتصادي، الأمر الذي وصل إلى حدود لا يمكن السكوت عنها، فقامت احتجاجات عدة في كثير من المدن التونسية، بُغية استدراك الأمر من قبل الحكومة والدولة التونسية، إلا أن فريق حركة النهضة لم يُعر للشعب التونسي اهتماماً، رغم أن الرئيس قيّس سعيّد أعطاهم المُهل الكافية للتغيير والإصلاح، وهذا ما أعلنه خلال لقائه ممثلي الشعب التونسي.

جاء قرار الرئيس قيّس سعيّد لتغيير المشهد السياسي في تونس، لتبدأ بقراره جُملة من الردود، والتي بدأت تتصاعد من قبل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي و أنصاره، متهمين الرئيس التونسي بانتهاك الدستور، على الرغم من معرفتهم الضمنية بأن القرار الذي اتخذه رئيس الدولة، يندرج ضمن المادة 80 من الدستور، الأمر الذي يُخول الرئيس التونسي بموجبها، نقل السلطة التنفيذية إلى نفسه، في حال كان هناك تهديد لأمن الدولة التونسية.

 وعلى ما يبدو أن الاتهامات أخذت تتعدى القرار السيادي للرئيس التونسي، لتبدأ جُملة من المواقف السعودية والإماراتية والمصرية، بدعم قرار قيّس سعيّد، حيث عبّرت تلك الدول عن دعمها للقرار التونسي، واصفة تحركات قيّس سعيّد، بأنها الخطوة الصحيحة للديمقراطية التونسية الناشئة منذ عقد، لتتنافى تلك التصريحات مع ما وصفه حركة النهضة بـالانقلاب على الديمقراطية التونسية والدستور، وخيانة لكل تونسي، لتبدو مواقف حركة النهضة، واضحة لجهة استغلال الصراعات السياسية القائمة في المنطقة، بُغية توسيع رقعة الاتهامات للرئيس التونسي، وإظهار قراره على أنه مرتبط بأجندات خارجية، يُراد منها تفكيك الداخل التونسي، وإظهار حركة النهضة على أنها ليست المسؤولة عن الخلل الاقتصادي وسوء المعيشة والمحسوبيات في تونس، حيث يشغل حزب النهضة المقاعد الأكثر في البرلمان. 

تركيا بدورها وكداعم رئيس للإخوان المسلمين، أبدت انزعاجها من قرار قيّس سعيّد، وكعادتها بدأت حراكها السياسي للضغط على الرئيس سعيّد، عبر تحرك جماعات الاخوان المسلمين في الاقليم، لحث الغنوشي لإصدار بيان يتهم به الرئيس سعيّد بخرق القوانين الدستورية للبلاد.

 ملفات كثيرة وجملة قرارات واسعة سيطرحها الرئيس قيّس سعيّد على الطاولة التونسية، ليتم وفقها إعادة النهوض الاقتصادي للدولة التونسية، فهل سيتمكن سعيد من استكمال قراراته وتنفيذها؟، أم سيتم الضغط عليه عبر أمريكا وفرنسا لمنعه من تحقيق الديمقراطية التي ينشدها الشعب التونسي؟، في المقابل كيف ستكون التحركات الغربية تُجاه ما يجري في تونس؟، وهل سيتعمدون التدخل في القرارات السيادية للدولة التونسية للتصفيق لهم عبر المحافل الدولية بأنهم عرابو الحلول للشرق الأوسط؛ كل ذلك سيبقى رهناً بالتطورات القادمة في تونس، لكن بالمجمل، يبدو أن الرئيس التونسي قيّس سعيّد، قد اتخذ قراره بإنقاذ الديمقراطية في تونس، شاء من شاء، وأبى من أبى.