الفساد ج1
يعرف معجم أوكسفورد الإنكليزي الفساد بانه "انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة"، وقد يعنى الفساد: التلف إذا ارتبط المعنى بسلعة ما وهو لفظ شامل لكافة النواحي السلبية في الحياة.
تُعَدُّ مشكلة الفساد من المشاكل المركبة والمتعددة المكونات ، فهي مشكلة اجتماعية وأمنية واقتصادية وقانونية وأخلاقية تربوية ، لذا لا يمكن في الواقع أن يتصدى تخصص واحد لاحتوائها أو التغلب عليها ، بل لا بد من تعاون الجميع.
ان الفساد ظاهرة لها جذورها التاريخية وان كان من الصعب تحديد نقطة بـدء نشـوء هـذه الظـاهرة إلا انـه يمكـن الجـزم بوجودهـا فـي سـائر المجتمعـات الإنسـانية وعلـى مـر العصـور ، ويعتقـد الـبعض إن ظهـور هـذه الظـاهرة قـد ارتـبط بوجـود الإنسـان علـى الأرض حيـث بـدأت منـذ خصومة بنـي ادم قابيل وهابيل ، بمعنى أخر منذ إن هـبط الإنسـان علـى الأرض شـرع فـي ارتكـاب تلـك السـلوكيات الفاسدة مدفوعا بعوامل متعددة ومتنوعة منها الاجتماعي ومنها الاقتصادي ومنها النفسـي ومنهـا السياسي وغير ذلك من العوامل، وان كـــان قـــد تغيـــرت بعـــض صـــوره وتطـــورت بعـــض أســـاليب ابتدائـــه عبـــر مســـيرة المجتمعـــات الإنســانية نحــو التطــور والتعقيــد الاجتمــاعي ممــا ترتــب عليــه تغيــر أســاليب وطــرق الحيــاة لــدى الإنسان ودخول التكنولوجيا الحديثة وتطور وسائل الإعلام وغيرها من العوامل
لقد انتشرت العديد من المفاهيم الجديدة في مجتمعنا والتي تعتبر نتيجة لسياسات وتراكمات ثقافية وفكرية وأخلاقية ومعاشية ومن أهمها ان صح التعبير(ثقافة الفساد) والتي أشاعت حالة من انعدام الأمل في كافة الإصلاحات والتدابير المعمول بها من قبل الحكومات المتعاقبة في إدارة مستقبل البلاد ، فأصبح يقال او يشاع أن الموطن فاسد والموظف فاسد والمجتمع والشعب فاسد ،وبالتالي الحكومات والسياسات فاسدة كنتيجة طبيعية لحالة الفساد التي يعيشها المجتمع.
لا احد يختلف حول واقع الفساد حيث اصبح وامسى واقع مخيف وعامل تخريب للبلاد هذا الواقع يتطلب من الجميع ان ينتبه اليه ويعطيه الكثير من الاهتمام، مع الانتباه الى ان استمرار الفساد هو هدف يسعى إليه أعداءُ الاصلاح واعداء التقدم والازدهار من اجل إضعاف وتدمير اقتصاد البلاد .
تشير الكثير من التقارير والدراسات إلى استفحال خطر مشكلة انتشار ظاهرة الفساد في المجتمعات على الرغم من كل الإجراءات والتشديدات التي تحاول الحد من هذه الظاهرة ، وخطورة المشكلة تكمن في حجم الإهدار لكل اقتصاد ونتيجة عبر سنين عديدة ، إضافة إلى الخسائر الاجتماعية ، فضلاً عن ازدياد عدد القضايا في مجال مكافحة انتشار الفساد بشكل ملحوظ وحسب إحصائيات صادرة بذلك .
وربما لا يوجد إحصاء دقيق في أي دولة من دول العالم ، مهما كانت درجة تقدمها ، لعدد المفسدين فيها لأسباب مختلفة ومعقدة ، ومعظم البيانات الإحصائية تعتمد على ضبط الأجهزة المعينة بالفساد ومكافحة المفسدين والذين يخرقون القانون.
بــدأ الاهتمــام رســميا بظاهرة الفساد علــى مســتوى عــالمي منــذ عــام ١٩٧٥وذلك بعد إن قدمت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة توصية تـدين الممارسـات الفاسـدة ، وفــي عــام ١٩٩٢ قــام المجلــس الأوربــي بإنشــاء فريــق متعــدد الاختصاصــات يعنــي بمكافحــة ومحاربــة الفســاد ، واســتمر الاهتمــام بمكافحــة هــذه الظــاهرة حتــى عــام ١٩٩٣ حيــث تــم إنشــاء منظمـة الشـفافية العالميـة ، وفـي عـام ١٩٩٧ قـدمت هيئـة الأمـم المتحـدة إعلانهـا الأول لمكافحـة الرشــوة ، وفــي عــام ١٩٩٩عقــد المنتــدى العــالمي الأول لمكافحــة الفســاد فــي الولايــات المتحــدة الأمريكية ، إما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعـام ٢٠٠٣ فقـد عرفـت الفسـاد علـى انـه الرشـوة بجميـع وجوههــا ،واســتغلال الوظيفــة ٕ والاخــتلاس فــي القطــاعين العــام والخــاص والمتــاجرة بــالنفوذ والإثـراء غيـر المشـروع وغسـل العائـدات الإجراميـة خفـاء إضافة إلى أفعال المشاركة والشروع في كل ماسبق من أنماط الفساد، والواضـح ان هنالـك ربطـا وثيقـا بـين الرشـوة وبـين الفسـاد وكـأن الفسـاد لايعنـى إلا الرشـوة فـي حين إن الرشوة لاتعدو كونها نمطا من أنماط السلوك الفاسد.
ان الفساد هو أي عمل او اجراء يقوم به شخص ويترتب عليه ضرر يصيب المجتمع وهو(الفساد) بكل انواعه سبب في انتشار الفقر والجهل في المجتمعات.
(في المقال القادم سوف نتطرق بأذن الله تعالى الى انواع الفساد واالاسباب والدوافع التي تؤدي الى انتشار الفساد في البلاد)
Your Comment