خط رجعة

تلويح السيد عمار الحكيم بحجم جمهوره (الذي يمثّل جزءاً من جمهور الإطار) هو حركة ذكية موفقة، تمثّل وحدة هدف قادة الإطار وتعدد أدوارهم.
كان التنظيم ممتازاً بلحاظ تصدّر العمامة للجموع، يليها العقال، ثم الشباب، وللنساء مكان خاص يحفظ حرمتهن وخصوصيتهن على الرغم من أن الجموع كانت تملأ الشوارع الفرعية وليس الساحة فقط، وهنا التفاتة مهمة إذ يزايد مقتدى الصدر على الحجوم دائماً كون النوع أوسع من مدى تفكيره، وهو يتعمّد تجهيل جمهوره مهما حازوا من شهادات أكاديمية لأن ذلك هو ضمان بقائه، لكن جمهور الإطار  يمتاز بالكم والنوع، إذ أنه جمهور مليوني حقيقي مؤمن بالديموقراطية وأدواتها السلمية لتداول السلطة لأنه اٌكتوى بنار الديكتاتورية لعقود.
اختيار السيد الحكيم لساحة الخلاني، ومرور الحشود من ساحة التحرير، بدلاً عن التقوقع في مقرات تيار الحكمة في الجادرية حركة ذكية توصل رسالة ممتازة بأن الشارع ليس ملكاً لأحد، وأدوات تحريك الجماهير متاحة لجميع الأطراف، وبأن الإطار غير محصور في الجادرية، ولا يشعر بالخوف، وأن ساحة التحرير وما جاورها ليست حكراً لأحد، بل بغداد كلها والمحافظات. 
اختيار السيد الحكيم لهذه المهمة هو اختيار إطاري ذكي جداً كونه شخصية وسطية، وتيار الحكمة يمثل حمائم الإطار، فيمنع ذلك أي صِدام مباشَر محتمل فيما لو كان القائد والجمهور من صقور الإطار، بمعنى أنه حتى لو اٌستفزّ التجمهر المعسكر المقابل، فلا يمكنه فعل شيء، لكن صورة الجموع تظل تؤرّقه علّه يعيد حساباته إذا ما ضرب تقديرات الجموع في عشرة.
الاعتداء على مقرات تيار الحكمة في منطقة جميلة بعد انتهاء التجمع العاشورائي لتيار الحكمة الوطني، والذي شهد خطاباً وحدوياً شجاعاً لوأد الفتنة، وتهديدات إعلام التيار المقتدائي المستمرة باستهداف منازل وأسر جمهور الإطار ومقرات قادته وأحزابه لا يؤذن بخير، ولا يدلّ على أن هناك خط رجعة للتيار المقتدائي، وأن المستشارين حول مقتدى الصدر قد قصّروا في نصيحته، وفي قراءة الأحداث، إذ أن هذه التأزيم المفتعل للأحداث في العراق بلا راعٍ متعقّل من المجتمع الدولي الذي ينظر اليوم الى منابع الطاقة البديلة في المنطقة بعين الاستعطاف، وإن شعبية التيار في انحسار متسارع إثر هذه الأفعال وغيرها، خصوصاً ما يلوّث اسم الإمام الحسين عليه السلام ونهضته الإصلاحية، ناهيك عن التقصير السياسي والإداري لهذا التيار منذ اشتراكه في السلطة عام ٢٠٠٥ زمن حكومة السيد الجعفري، كما أن صبر الطرف المقابل عام ٢٠١٩ ليس هو عام ٢٠٢٢، ولا المنطقة برمّتها هي ذاتها.