طرق الموت في العراق .. تحصد أرواح الأبرياء
هذه التسمية لا تطلق على مناطق ساخنة ، أو فيها قتل على الهوية وإنما أصبح هذا المصطلح شائعاً في العراق ويطلق على الطرق الخارجية التي أصبحت طرقاً للموت بسبب رداءة هذه الطرق وتحفرها وعدم وجود صيانة لها ، وإصبحت أخاديد ومطبات كبيرة يتفاجىء بها السائق الذي يكون عادة يقود السيارة بسرعات عالية تتجاوز ال 100 كم/ ساعة.
وتشير دراسة موسعة أجراها الجهاز المركزي للأحصاء في العراق للحوادث المرورية لعام 2020 في العراق عدا أقليم كردستان بأن عدد حوادث المرور المسجلة 8186 حادث منها 2016 حادث مروري مميت ، وتشير نفس الدراسة أن هذه الحوادث أودت بحياة 2152 مواطن عراقي وتعرض 8383 مواطن الى إصابات مختلفة.
إن الطرق الخارجية والطرق السريعة هي واحدة من أهم مظاهر البلد وواجهته الحضارية ، حيث أن الطرق هي أول ما يواجهه القادم الى البلد ، ومن خلال جودة وسلامة الطرق لأي بلد يمكن أن تحكم على مدى تطور ذلك البلد وتحسن مستوى الخدمات فيه.
فجزء كبير من مسؤولية الدولة تجاه المواطن هو تقديم الخدمات وحماية أرواح المواطنين من خلال طرق جيدة وبمواصفات عالمية تؤمن إنسيابية عالية لحركة السيارات على هذه الطرق وتكون مزودة بأشارات وعلامات مرورية تحدد السرع والحمولات على هذه الطرق ، وباتت دول العالم تضع كل التكنولوجيا الممكنة في خدمة هذه الطرق من رادارات مراقبة وكاميرات حرارية وأجهزة إتصال وخدمات على الطريق ومحطات استراحة ، بحيث يتحول السفر على الطرق البرية الى متعة حقيقية للسائق ومستخدمي هذا الطريق.
من وجهة نظر أقتصادية تعتبر الطرق أهم وسائل تنشيط الأقتصاد ، فمن خلال حركة البضائع والمسافرين على الطرق يكون هناك نشاط تجاري وسياحي من خلال وجود شبكة من الطرق السريعة والآمنة ، مما يشجع على تنامي حركة نقل البضائع بين الموانيء والمنافذ الحدودية وباقي مدن البلاد ، وكذلك تنقل الأفواج السياحية بين مختلف المدن سواء السياحة الدينية أو السياحة الترفيهية ، وهذا مصدر مهم للدخل القومي وتنشيط كبير لقطاعات أقتصادية واسعة تمتص الأيدي العاملة العاطلة عن العمل وتزيد من الدخل القومي والناتج المحلي.
إلا أننا للأسف ومنذ عام 2003 بالاضافة الى ما خلفته الحرب على طرق العراق ، نلاحظ اهمال واضح للطرق الخارجية بحيث أصبحت غير ملائمة للاستخدام والبعض أنعدم تماماً وأصبح عائقاً أمام حركة السيارات ، ولا يوجد أهتمام حكومي واضح بهذا القطاع الحيوي خصوصاً في الخطوط الرئيسة التي تربط المحافظات الشمالية والجنوبية بالعاصمة بغداد ، وغياب الصيانة الدورية على هذه الطرق جعلها تنهار أمام الزخم الكبير لحركة السيارات نتيجة زيادة أعداد السيارات بمختلف أحجامها وأنواعها إضافة الى الزيادات غير القانونية في حمولات الشاحنات .
كل هذه الأسباب جعلت الطرق الرئيسة في العراق طرقاً للموت نتيجة هذا الأهمال وعدم الأهتمام بسلامة الطرق وسلامة المستخدمين لها.
اليوم علينا أن نكثف من الحملات المطالبة بصيانة هذه الطرق وتوسيعها وتنفيذ هذه الطرق يجب أن يتم بمواصفات عالمية ومن شركات متخصصة بمثل هذه الأعمال ، وهذا أقل ما يمكن أن يحصل عليه المواطن من دولته التي تربعت على ميزانيات ضخمة ولم تخصص المبالغ الكافية لصيانة الطرق الداخلية والخارجية وعدم أستحداث طرق جديدة لأستيعاب هذه الزيادة في المركبات والحمولات.
Your Comment