ازمة المياه
تحديات الحاضر ورهانات المستقبل
تتعرض منطقة الشرق الاوسط منذ عقود الى ازمة مياه بسبب سوء توزيع الحصص المائية المتجهة من دول المنبع منها دجلة والفرات ومنبعها تركيا مرورا بسوريا والعراق وكذلك نهر النيل من اثيوبيا مرورا بالسودان وجمهورية مصر العربية .
بدات الدول تفكر في استخدام وسائل ضغط على دول اخرى لتحقيق غايات ومصالح تخدمها خصوصا الدول المتجاورة او المتشاطئة او تمر عبرها انهارا مشتركة دون مراعات للقوانين والاعراف والقرارات الدولية . وغالبا مايشير النزاع الى ان اطرافه على دراية بعدم التوافق في المواقف المستقبلية ، لذا فالحلول مؤجلة دائما ولاتوجد نية لمن بيده هذه الورقة للحوار لاتفاقية تحسم هذا النزاع ، انما هناك بروتوكولات تعاون وتفاهم الا انها لاتنهي المشكلة اساسا .
في عام 2002 استلم مقاليد السلطة في تركيا اوردغان وفي عام 2003 سقط نظام صدام ، وطيلة هذه الفترة الممتدة ولحد الان وماقبلها لم تنجح الحكومة العراقية في انتزاع حقوقها المائية من نهري دجلة والفرات اللذان ينبعان من تركيا ، ورغم المفاوضات والزيارات بين وفود البلدين الا انها لم تفضي الى نتيجة . ونعتقد ستبقى الامور معلقة بل ستكون سيئة في المستقبل .
تركيا اسست مشروع الكاب واكثر من ست سدود شرق الاناضول وهي من ايحاء ومباركة ومساعدة امريكا والكيان الصهيوني وبمساهمة قروض من دول اوربية وخليجية .
ولم تكتفي تركيا بذلك فانشات سد اليسو لتخنق سوريا والعراق وتقلل الحصص الطبيعية لها ، وبتنا نشاهد بام اعيننا شحة المياه في النهرين مما اجبر العراق للتخلي (وهو بلد السواد) عن زراعة الكثير من المحاصيل الزراعية وخصوصا الرز الذي يحتاج الى كميات وفيرة من المياه ، وبات يستورد غالبية المحاصيل التي كان يصدرها في العقود السابقة .
ان استمرار مشكلة المياه يجعل من حالة الصراع او التعاون امرا قائما لان القوة فوق القانون الطبيعي وان عنصر السيادة القومية هي من تفرض وتوفر حالة الامن بمختلف انواعه ، اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الامن المائي يوازي الامن العسكري والوطني والغذائي ، لهذا كان تهديد الرئيس السيسي واضحا في خطابه ومهددا بنفس الوقت لاثيوبيا لعرقلتها وصول حصة مصر من مياه النيل بفعل بناء السد في اثيوبيا ولازال التفاوض قائما دون حسم .
في العراق نحتاج الى وفد متمكن يضم خبراء وفنيين واختصاص وكسب جولة التفاوض لصالحنا لان العراق يمتلك ورقة ضغط اقتصادية حيث يستورد العراق من تركيا ماقيمته اكثر من 16 مليار دولار سنويا .
ان موقع تركيا الجيوستراتيجي بين الشرق والغرب وارتباطه الجيو سياسي مع اطراف دولية واقليمية منح تركيا القوة في استخدام هذا الملف ، وكذلك ملف تواجد حزب العمال الكوردستاني للضغط على العراق من اجل مكاسب بينما يفتقد العراق للحصول على مثل هذه المكاسب .
Your Comment