الاردن: تحدي البطالة قد يتحول إلى تهديد


تعتبر البطالة ظاهرة اقتصادية اجتماعية تعكس صورة بشعة للمخرجات  الإقتصادية والسياسية والإجتماعية لأي دولة ،وهنالك نسب مقبولة من البطالة ،وتسعى الدول الناجحة جاهدة  للمحافظة على مستوياتها ضمن نسب لا تتجاوز ال ٥ بالمئة ،وعندما تنخرط أي دولة بالفشل الإقتصادي تبدأ البطالة بالإرتفاع فتتزايد أعداد الأشخاص القادرون والراغبون بالعمل والباحثون عنه ،ولكنهم لا يجدون فرصاً.
وفي الأردن وصلت أرقام المتعطلين عن العمل إلى حد مقلق بات يشكل تهديداً وخطراً على الأمن الوطني ،ولكن السلطات ما زالت غير مكترثة في التعاطي مع هذا الملف وارتداداته المقلقة ،التي قد تشير  لأوضاع سياسية متردية داخل الدولة ،وربما تكشف عن وجود علاقات خارجية سيئة مع بعض  الدول المحيطة ،واستقدام العمالة الرخيصة من الدول النامية ،ناهيك عن الفشل الواضح في السياسات المتعلقة بتقليص الإنفاق على المشاريع العامة وتطويرها وسوء التعامل مع المشاريع الوطنية القائمة ،مما يؤكد على أن  الممارسات الحكومية المتعاقبة هي السبب الرئيس في إرتفاع تلك النسب إلى هذا الحد المقلق.
ومن المؤسف أننا ومع تفجر هذه المشكلة الخطيرة إلا أننا لا نرى الحكومة تقدم مبادرات لوقف النزيف وإصلاح ما يمكن إصلاحه ،فلا يمكن لنا أن نرمي بالمشكلة على كورونا ونختبئ خلفها ،فالبطالة وصلت إلى حدود صعبة قبل بدء كورونا ،ومع كورونا انتقلنا إلى مرحلة جديدة من قتل القطاعات الإقتصادية ومحاربة الإستثمار ،مما فاقم هذه الظاهرة واستدعى إجراء عملية جراحية عاجلة لمعالجة هذا المرض.
فقد وصلنا إلى مرحلة التهديد الذي قد يعرض الأمن المجتمعي للخطر في أي لحظة من الأوقات ،ولا ننسى أن البطالة قد أوجدت أمراضاً نفسية وأخرى صحية لدى جيل الشباب ،وساهمت في رفع أرقام العنوسة بين الفتيات وزيادة حالات الطلاق ،والجرح يكبر يوما بعد يوم ولا أحد ينتبه انتباها يليق بهذا الخطر القادم.
وإنني أستغرب على دولة تزداد مديونيتها سنوياً ،ومع ذلك نجد أرقام البطالة فيها  تتضخم ،ومن المنطق أن توظف تلك الديون في مشاريع استثمارية تخفض من أرقام البطالة بدلاً من تسمينها.
متمنياً على الحكومة الرشيدة أن تسارع للإحاطة بهذه المشكلة ،ووضع الحلول السريعة لإعادتها لوضعها المقبول ،من خلال الاهتمام بفئة الشباب وإيجاد المشاريع التي تستوعب طاقاتهم ،وتوجيه التعليم ليتوافق مع احتياجات السوق ،والتركيز على الاستثمار مع ضرورة تخفيض الرواتب العالية ،وإلغاء الهيئات المكررة ،واستثمار الوفر في دعم قطاعات تساعد في توفير فرص عمل للعاطلين ،وضرورة دعم وتشجيع ومشاركة القطاع الخاص لحثه على توفير فرص إضافية تستوعب من يرغبون في العمل ضمن حزم تراعي تحديث وتطوير التشريعات ،فأدوات الحلول بحوزة الحكومة داخل أدراجها وتحتاج من يقرعها.

المصدر: رأي الیوم