أمريكا تفطم حلفاء لها وتبقي على إسرائيل
تعتبر بعض الدول كالطفل ان تتركه شب على الرضاعة وان تفطمه ينفطم ،فلا بد من فطام الطفل إذا كان هنالك حاجة لذلك ،وقد يحدث استعدادا لعهد جديد من الحمل والإنجاب ،وها هي أمريكا تقرر فطم بعض حلفائها فطماً عسكرياً ودفاعياً لغاية في نفسها مع الابقاء على رضاعتها سياسياً واستعمارياً ،وتركتهم عرضة لمواجهة الأقدار والاخطار مع إبقائهم تحت رقابتها بعدما أوهمتهم بأنها ستتفرغ لمواجهة الخطر الصيني والروسي الذي بات يتهددها بينما لم تجرؤ على محاولة فطم اسرائيل أو حتى مخالفة توجهاتها.
فها هي متردده بعودتها للاتفاق النووي بل تسعى لإقرار تشريع يعاقب الدول التي ترفض التطبيع مع اسرائيل ،ونراها تعلن دوماً التزامها بأمن الكيان المحتل ،وجاء آخر إلتزام لها على لسان وزير خارجيتها في روما عندما قال نحن ملتزمون بأمن اسرائيل ،وهذا يدحض كل المزاعم والإدعاءات الأمريكية حول عدالتها وحمايتها لحقوق الانسان ،فهي تتعهد بأمن دولة محتلة تنتهك حقوق الانسان وتمارس القتل والعنف والتهجير وترويع الأطفال والنساء ،ومع ذلك تستمر أمريكا بدعم وتمويل واستخدام الفيتو لحماية هذا الظلم وهذه الغطرسة.
وما يهمنا من عملية الفطم الأمريكي لبعض الدول إن حصل ذلك هو كيفية تصرف تلك الدول ،وتعبئة الفراغ بعد هذا القرار المفاجيء ،وهل ستقارع الموت ام أنها ستشق الارض والجبال بحثاً عن الكرامة وإصلاح ما دمرته فترة الرضاعة الطويلة أم أنها ستبدأ الأكل مما تزرع وتلبس مما تخيط وتتسلح مما تصنع.
ولا يوجد في الأفق ما يشير لأي استعدادات من هذا القبيل ممكن لأحد البناء عليها ،وربما يبحثون عن مصادر أخرى للرضاعة كونهم تعودوا عليها ويصعب تركها ،وقد يكون هنالك محاولات من تحت الطاولات لرفع فاتورة الحليب القديمة ،وعودة تلك الأم التي أرضعتهم ،فقرارها بهذا الخصوص كان من باب المناورة وتحقيق مكاسب بعدما أصبح من الصعب على بعضهم التخلي عنها بسبب الإدمان.
وأعتقد أن الفرصة قد حانت لإعادة النظر في جميع استراتيجيات الاذعان والاستسلام والنظر بشكل جزئي للتجربة السورية التي تمردت على تلك الأم ورفضت حليبها وتطبيعها ،وها هي باقية برغم المؤامرات والتحالفات ضدها ،ولا يوجد ما يلوح سوى الإنتظار لعل الله يحدث من بعد ذلك أمراً جللاً يخرج الأمة من حلق الضيق التي أصابتها إلى أوسع الطريق التي تتمناها.
المصدر: رأي اليوم
Your Comment