والله ما قال الرجل إلا الحق !!
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي نتحدث فيها عن عدوان مملكة الرمال الغاشم على اليمن العربية, فاليمن واحدة من أعرق الحضارات في تاريخ البشرية, وهى الدولة العربية الوحيدة التي دائما ما تكون مقبرة للغزاة نتيجة لعدة عوامل ايكولوجية وثقافية وجغرافية, فمن بين ما هو ايكولوجي تلك التركيبة السكانية الفريدة للشعب اليمني فرغم الحضارة والتاريخ والتقدم التكنولوجي المذهل الذي طرأ على العالم وحول كوكب الأرض إلى قرية كونية صغيرة تغلب عليها ثقافة العولمة التي هى ثقافة الغالب الحضاري كما يقول عبد الرحمن بن خلدون, وهى هنا الولايات المتحدة الأمريكية المستعمر الجديد في العالم الذي يمتلك مشروعا يسعى لتقسيم وتفتيت الوطن العربي على أرضية طائفية ومذهبية وعرقية, إلا أن التركيبة اليمنية لم تتأثر بهذه الثقافة الوافدة التي فرضت على مجتمعاتنا بل هيمنت علي الأجيال الجديدة بشكل كامل نظرا للتكوين القبائلي والعشائري المتماسك.
وبالطبع تلك التركيبة الايكولوجية تتمتع بالعصبية الشديدة والعند والثأر, لذلك فالشعب اليمني شعبا مسلحا, فامتلاك السلاح وحيازته في إطار التركيبة القبائلية والعشائرية ليس حكرا على المؤسسات الأمنية ( شرطة – جيش ) للدولة بل هى متاحة لكل السكان وأحد مظاهر التباهى فلا يوجد بيتا ليس به قطعة سلاح أو أكثر لدرجة أن التقديرات المتاحة لقطع السلاح تقول أنها تقترب من مائة مليون قطعة سلاح, لذلك ليس من السهل وفقا لهذه المعطيات الايكولوجية والثقافية غزو اليمن, أضف إلى ذلك البعد الجغرافي حيث الطبيعة الجبلية الوعرة التي تمنع أي تدخل عسكري بري لأنه سيكون ورطة كبيرة للمعتدي على الأرض اليمنية.
وبالطبع سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقسيم وتفتيت اليمن العربية ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد ولم تجد غير الورقة الطائفية والمذهبية والعرقية لتعمل بها بالداخل اليمنى, هذا إلى جانب ورقة الجماعات التكفيرية الإرهابية, والجنرال إعلام جاهز دائما, وأموال النفط الحرام حاضرة لتنفيذ المؤامرة كالعادة, وحين ظهرت بوادر الربيع العربي المزعوم كان الشعب اليمنى مثله مثل نظيره المصري لديه من الأسباب والمبررات الكثيرة للخروج ضد نظام سياسي حاكم يتصف بالدكتاتورية والفساد والتبعية, وكما حدث في بعض الدول العربية التي تحركت شعوبها ضد هؤلاء الحكام مسلوبي الإرادة والذين رسخت سياساتهم للفقر داخل مجتمعاتهم, كان الأمريكان جاهزون للتدخل السريع لإجهاض الثورة وتحويلها إلى حرب أهلية مستغلين التنوع الطائفي والمذهبى والعرقى داخل المجتمع اليمني ذلك التنوع المتعايش منذ آلاف السنين والهدف معروف تقسيم وتفتيت اليمن للاستيلاء على خيراته من ناحية واستغلال موقعه الاستراتيجي والسيطرة على مضيق باب المندب أحد أهم المنافذ البحرية في هذه المنطقة الحيوية والهامة من العالم.
وتم تغذية الفتنة عبر مملكة الرمال التي تحمل حقدا تاريخيا على الحضارة اليمنية العريقة, فممالك النفط وعربانها يحملون جينات مضادة لكل ما هو حضاري, ويسعون لطمث معالم هذه الحضارات وتدميرها, وبعد أن كانوا داعمين للإخوان المسلمين تحولوا لدعم تنظيم القاعدة الذي قام بعد ذلك بمبايعة داعش في مواجهة الحوثيين أحد مكونات المجتمع اليمني التي تقدمت للسيطرة على مراكز السلطة والإطاحة بالهادي منصور رجلهم الذي خلف حليفهم القديم علي عبد الله صالح, وفي ظل هذه الأجواء اختلط الحابل بالنابل بالداخل اليمني, وبدلا من تشخيص الأمور ووضعها في إطارها السليم باعتبار ما يحدث هو صراع على السلطة بين مكونات المجتمع اليمني, تم تحويل الصراع إلى حرب طائفية وعرقية ومذهبية تدخلت على أثرها مملكة الرمال وأعلنت الحرب على اليمن في ما أطلقت عليه عاصفة الحزم وكان هدفها المعلن هو الدفاع عن الشرعية المتمثلة في رجلهم الهادي منصور, وكان السؤال المشروع هنا لماذا لم تتدخل مملكة الرمال لإعادة علي عبد الله صالح أو حسنى مبارك أو زين العابدين بن علي فقد كانوا هم أيضا ممثلي الشرعية في بلدانهم قبل الثورة عليهم ؟!
والإجابة المقنعة هى أن الهدف الأساسي من عاصفة الحزم المزعومة الفاشلة, التي تحولت لعدوان غاشم ومدمر ليس الدفاع عن الشرعية كما ادعت مملكة الرمال, وإنما هو ذلك الحقد الدفين ضد كل ما هو حضاري, والسعى لتنفيذ الأجندة الأمريكية - الصهيونية لتدمير اليمن ومحو آثارها وحضارتها من التاريخ, فما حدث ويحدث من تدمير متعمد ضد الآثار والحضارة في العراق وسورية ومصر واليمن هو عمل متعمد ومقصود ضد الدول ذات الحضارات الراسخة في المنطقة, بهدف محو التاريخ وكتابة تاريخ جديد لصالح العدو الصهيوني وممالك النفط والرمال, لذلك لا عجب من تلك الحملة المسعورة على الإعلامي اللبناني الوزير جورج قرداحي لوصفه الحرب على اليمن " بالعبثية " وأن ما تقوم به جماعة أنصار الله أحد مكونات المجتمع اليمني سواء اتفقت أو اختلفت معها يعد " دفاعا عن النفس ", والله ما قال الرجل إلا الحق, اللهم بلغت اللهم فاشهد.
Your Comment