سقوط الوهابية!!
هل حقا يعبد الناس خالق الكون أم أن كثيرا منهم يعبد صنم القوة متعدد العطايا الذي يمنح بعضهم الثراء والجاه ويضفي عليهم بريقا ولمعانا لا يستحقونه حيث ينحصر دورهم في سوق الناس للركوع بين يدي ذلك الصنم.
يقول تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) البقرة 165.
ماذا يحدث عندما ينهار صنم القوة ويبدو إلهه المعبود تائها متحيرا خائر القوى لا يقدر على منح البركة لعباده الضالين التائهين؟!.
لو كان صنما من عجوة فسيأكلوه ولو كان من حجر فسيركلوه ويقولون ربنا إننا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا!!.
لم يكن التوسع الوهابي العقائدي بمعزل عن القوة والثروة التي امتلكها آل سعود ومكنتهم من الإنفاق بسخاء على نشر هذه الدعوة في شتى بقاع الكون فلا أحد بوسعه الاعتراض على بناء المساجد العملاقة فالأموال دائما متوفرة وتصاريح البناء سهلة وميسرة كما أن إزالة أضرحة أولياء الله الصالحين أمر ممكن وكل ما هو مطلوب هو (تجديد) المسجد وبناء مسجد جديد (خال من الشرك والمشركين)!!.
أموال طائلة أنفقت من أجل تعميم الوهابية قدرت بخمسة وسبعين مليار دولار منذ العام 1973 وحتى عام 2004 فما بالك بالأموال التي أنفقت على ميليشيات القتل والإرهاب الداعشي والقاعدي؟!.
أما عن الدعاة الوهابيين فهم متوفرون والحمد لله والمنهج سهل الحفظ ويمكن لمن أراد التعمق الشكلي أن يذهب في دورة إلى المملكة ليعود متأبطا كتابا تراثيا يزعم أنه يعمل على تصحيح الروايات الواردة فيه وإطلاق فتاوى التحريم والتفسيق والتبديع والدعوة لاتباع السنة وترك البدعة والأهم من هذا تكفير الشيعة وتفسيقهم!!.
مؤخرا تغير الوضع حيث فقد الحاكم السعودي الجديد اهتمامه بنشر الدعوة بل وقام باعتقال عدد من كبار المشايخ ربما لاعتراض بعضهم على سياسة الانفتاح الأخلاقي التي قرر اتباعها حيث لا يعرف هؤلاء على وجه اليقين سبب ما لحق بهم هل لأنهم اعترضوا بالفعل أم لمجرد خشية اعتراضهم.
قطعا فإن التخصيصات المالية التي استفاد منها دعاة الوهابية قد تقلصت ومن الطبيعي أيضا أن نتوقع انتهاء عصر الرخاء والإنفاق الوهابي اللامحدود.
المأزق الأكبر والأخطر والأهم هو الهزيمة العسكرية المدوية في سوريا والعراق ولبنان وأخيرا في اليمن حيث كانت الوهابية تقدم غزواتها باعتبارها انتصارا لأصحاب العقيدة الصحيحة على أصحاب العقائد الفاسدة كما كانت جحافل الوهابية تقدم نفسها حامية للصحابة وأمهات المؤمنين رغم أنهم يقاتلون من أجل المال ومن أجل إسرائيل!!.
عندما جاء الربيع العربي الوهابي 2011 كان المعسكر الوهابي قويا وواسعا ومتماسكا إذ انضوى الوهابيون الأصليون والمعدلون وراثيا مع السلاجقة الأتراك إلا أن هذا التحالف لم يدم طويلا وعلينا أن نلحظ أن إمارة قطر إمارة وهابية وما عليك من شعارات التحضر والتظاهر والتحديث الزائف الذي تدعيه تلك الإمارة!.
الغزوة الوهابية لليمن التي بدأت منذ مارس 2011 شكلت نقطة تحول فاصلة كون الصراع المسلح ضمن المجال الجغرافي للمملكة بخلاف الغزوات الأخرى التي لم تشارك فيها المملكة بصورة مباشرة والنتيجة الآن واضحة حيث أصبح مصيرها الآن على المحك!!.
السؤال الآن: هل ما تزال المملكة الوهابية راغبة في مواصلة غزواتها العقائدية التوسعية أما أن هذا زمان قد مضى؟!.
هو زمان قد ولى ومضى!!!
Your Comment