الرئيس ميقاتي وفرصة الإنقاذ الوطني
العقلانية والهدوء سمتان ملازمتان لخطاب الرئيس نجيب ميقاتي ولغته السياسية وهما تهبانه قدرة استثنائية خاصة على التعامل مع الصخب والتشنج اللذين يميزان السلوكيات اللبنانية في زمن الأزمات والكوارث وقد شاء بشعار الوسطية الذي اختاره لتيار العزم الذي يتزعمه أن يقدم صورة بعيدة عن التطرف والقصوية اللذين يسمان العديد من السلوكيات السياسية اللبنانية.
أولا ليست مغامرة رئاسة الحكومة في هذه الظروف نزهة سهلة بسبب ظروف الكارثة الاقتصادية والمالية ونتائجها وتعقيداتها والمناخ السياسي المشحون وحساسية الترقب الشعبي وكثافة المشاكل الاجتماعية والمعيشية الضاغطة اضافة إلى تأثيرات وانعكاسات المناخ الإقليمي المشحون المعرض في أي وقت لعصف التناقضات في بيئة قلقة نتيجة المخاطر الصهيونية الكامنة ورغم رسوخ توازن الردع الذي يفرضه محور المقاومة وثبات التعافي السوري فالتحسب مشروع باستمرار من أي مبادرة صهيونية عدوانية لقطع الطريق على تراكم عوامل الاستقرار والنمو في الإقليم لكن لدى الرئيس نجيب ميقاتي القدرة الأكيدة على التعامل مع هذه الظروف باستناده إلى دعم غالبية شعبية وسياسية واضحة لحكومته توفر لها قاعدة شعبية وسياسية ونيابية حاضنة ومواكبة لجميع خطواتها وبرامجها الإنقاذية.
ثانيا تفترض المسؤولية الوطنية بجميع الأحزاب والقوى السياسية أن تتقيد بمهلة السماح الطبيعية بعد نيل الحكومات الثقة وبالتالي يفترض نظريا ترك مئة يوم من الهدوء الإعلامي والسياسي للحكومة تخصصها لإنجازاتها وتدابيرها بلا نكد أو تشويش ولكن السلوكيات الإعلامية في مناخ من التوحش واللامسوؤلية لا تقترب من هذا التقليد وأصوله بسبب المال المسكوب في أدراج المالكين ومدراء الأخبار والبرامج السياسية ورؤساء التحرير في المقروء والمرئي والمسموع والإلكتروني ولو طبقنا القوانين كما نكرر دائما لكانت الحصيلة سيلا من العقوبات وصولا إلى أقصاها في حالة المخالفات الجسيمة.
هذا مع العلم أن المناخ الكئيب المشحون بالمعاناة ومتاعب العيش يجعل بعض الألعاب السخيفة على الهواء فضيحة لمرتكبيها ويضاعف من حجم القرف والعزوف في شبق المرتكبين لتلقي المعلوم من مشغليهم.
ثالثا بكل تجرد وموضوعية ندعو الى التعامل العقلاني مع الحكومة ومشروعها واعطائها فرصة بلا مناكفة خاصة مع وجود شخصيات توحي بالثقة كما هي مثلا لا حصرا حال م وزيري الإعلام والخارجية الصديقين الإعلامي جورج قرداحي والسفير عبدالله بوحبيب اللذين نتوقع منهما الكثير في حقيبتين حساستين رغم الظروف الصعبة وشح الإمكانات الشديد في جميع المرافق والمؤسسات لكن يمكن تعويض الأمر بروح الابتكار والمبادرات الخلاقة القادرة على قهر الصعوبات وتذليل العقبات ولاشك أن في الحكومة أيضا كفاءات ومهارات عديدة سوف نرتقب أداءها وتفتحها في التجربة.
انني ومن الموقع المهني والوطني ومن غير أي ممالأة أو مسايرة أدعو الجسم الإعلامي اللبناني للتقيد بمهلة السماح وخنق الأصوات النشاز في ظرف صعب لا يحتمل تضييع الوقت أو هدر الفرص وسنكون مع الأسرة الإعلامية بالمرصاد لفضح المتربصين والعابثين ونمنع تخريب فرصة الإنقاذ مع التمسك بضرورة إنفاذ القانون ومحاسبة المخربين المتجاوزين والمسيئين.
Your Comment