الولاء لأهل البيت وطن!
تتكون شهادة التوحيد: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) من شقين.
أولهما الإقرار بالسيادة الإلهية المطلقة على الكون بأسره وثانيهما الإقرار بسيادة النبي محمد وآله الأطهار وما يحملونه ويجسدونه من قيم على ضمائر وعقول البشر فهم منبع الفضائل وأصلها (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ) فاطر 10.
وإذا كان البارئ عز وجل لم يفرض سيادته على خلقه بالقهر والإجبار وإنما أعطاهم حق الاختيار (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) فكذا لم يجبر عباده على التسليم بسيادة القيم المحمدية الولائية (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آل عمران 96-97.
البيت الذي وضعه الله للناس بيتان بيت الله الحرام أو الكعبة التي يحجون إليها وبيت الله الحرام بيت النبي الذي جعله الله للناس مثابة وأمنا إذا التزموا بولايته وطاعة أهله والانجذاب القلبي نحوهم وهم محمد وآل محمد ذرية إبراهيم وإسماعيل.
الوطن الأول للمسلمين هو مكة مهوى أفئدتهم وقبلة قلوبهم ووجهتهم في صلاتهم، بيت الله الحرام وهو الموضع الذي أختاره الله وطنا للبضعة الطاهرة من لدن إبراهيم وإسماعيل إلى محمد وآل محمد (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ). إبراهيم 37.
هذا هو معنى (العاصمة) التي تجذب قلوب المؤمنين إليها أولئك الذين يتعبدون إلى الله عز وجل بالطواف حولها وجعلها مركزا لحركتهم دورانا وذهابا وإيابا.
إنها العاصمة مقر الحكم الإلهي التي يتوجهون إليها في حجهم تأكيدا لبيعتهم مع الله ومع أنبيائه وأوصيائه في الأرض لا لمجرد مصافحة الحجر بل لتجديد البيعة مع أولياء الله المصطفين الأخيار الذين لولاهم لساخت الأرض بأهلها.
لم يتعبدنا الله تعالى بعبادات وشعائر لا معنى لها أو لها عدة معان مفككة غير مترابطة يمكن لتجار الكلام تفكيكها وبيعها كأحجار متناثرة كل على حدة.
فالبيت بيت الله الحرام مسجد ووطن يعبد فيه الله (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) وليست كل البيوت سواء (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) النور 36-38.
إن بيت النبوة الذي يحوي النبي وأهل بيته هو قلب الأمة وعاصمتها وسر وجودها.
إنه الوطن الأم ومهوى قلوب الأمة ولولاه لما كانت هناك أمة المليار ونصف ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا.
ما عدا ذلك عنصريات وجاهليات فما بالك لو كانت تضرب وحدة الأمة التي ضحى أمير المؤمنين للحفاظ عليها.
سلام الله عليك يا أمير المؤمنين يا أصل التواضع والإخبات لرب العالمين.
(أَيُّهَا النَّاسُ شُقُّوا أَمْوَاجَ الْفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ وَعَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ الْمُنَافَرَةِ وَضَعُوا تِيجَانَ الْمُفَاخَرَةِ أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ اسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ هَذَا مَاءٌ آجِنٌ وَ لُقْمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا).
Your Comment