مصير الضمانات الأمنية بين موسكو وواشنطن .


تطور المشهد بعد ردي موسكو وواشنطن على الناتو يثير قلق الكثير من المراقبين والمحللين بالشؤون الدولية والاقليمية  ، ضمن التصريحات التي أدلت بها روسيا ،  فيما تقول موسكو أنهما لم يراعي كل منهما قلق روسيا ،وضمانات غير مضمونة بشأن عدم توسع حلف الناتو باتجاه حدودها ، كما رد واشنطن والتي حرصت على أن يبقى سريا ، لم تكشف عنه موسكو ، كيف نقرأ الموقف الروسي من الرد /الناتو و  وواشنطن ؟ 

عدم الرضا الذي عكسته مواقف المسؤول الروسي يشير إلى مايمكن الرد عليه في مسألة نشر الأسلحة الهجومية التي تهدد الأراضي الروسية ، وفق وزير الخارجية"سيرغي لافروف "عندما قال : أن رد الولايات المتحدة الأمريكية ، على مطالب موسكو الأمنية بشأن اوكرانيا لم يعالج المخاوف الرئيسية من احتمال انضمام اوكرانيا إلى الناتو ، لكن من الممكن مواصلة المحادثات حول هذة القضية ، فيما لم يكن هناك رد ايجابي على السؤال الرئيسي ، بل كان هناك إجابة تبعث الأمل في بدأ محادثة جادة حول الأسئلة الثانوية . 

وهذا يعتبر أن اوكرانيا أخذت بعين الاعتبار كملف ساخن ضمن وثائق أمنية قد تكون بموضوع الحسبان ، وذلك من خلال قرار الرئيس فلاديمير بوتين بدعوات برلمانية روسية لتسليح لوكانس ، فترقب المشهد وما يحمله من تطورات في ظل التوتر الكبير للجانبين قد يشعل المنطقة برمتها بفتيل الحريق السياسي المصحوب عسكريا ، فأول الغيث قطرة بحادثة مقتل احد عناصر القوات الموالية لروسيا مثلا في لوكانس ، هي حادثة ربما صغيرة ولكن مفعولها كبير لدى الموقف الروسي بالرغم من أن ليس لدى أي طرف رغبة في الذهاب نحو انحدار التصعيد ، ولكن هل سيبقى الامر مضبوطا بهذا الشكل ؟ وماذا عن الرد الرسمي لواشنطن تجاه الضمانات الروسية ؟

الغرب عامة وواشنطن خاصة لا يثق احد بهم ، خاصة في ظل الاتفاقيات التي تملصت منها مع ايران على سبيل المثال ، فكيف لروسيا أن تثق بالغرب الذي لا يحترم الاتفاقيات ولا حتى الضمانات ، لذا ربما سيكون هناك مساومة على اكثر من اتجاه ، منها الغاز ، أو العلاقات الروسية الصينية وقد تكون العلاقات الروسية السورية منها من يدري ، هذا إذا ما ذهبوا بالمساومة نحو التقارب الاوربي بما ان لديها واشنطن مشكلة معها ، وكذا المشكلة الأساسية بانضمام اوكرانيا للناتو وهذا ما تعترض روسيا عليه ، وبالتالي هناك جملة تعقيدات تطال قضايا عديدة منها شائكة تباينا في الموقف الأوروبي (المانيا)،و الذي يتناقض مع الموقف الامريكي أيضا في التعامل مع روسيا ،إذ أقيل ضابط الماني لأنه قال روسيا تريد الاحترام وعلينا أن نتفهم المصالح الروسية ، فتم إقالته عسكريا ، وهذا يعني أن هناك إيحاء مبالغ به للحيلولة دون التقارب الصيني الروسي ، لإبقاء روسيا خارج إطار الملعب الاوروبي ، وطبعا لتتحكم واشنطن بسياسة الغرب . 

كل هذة المخاوف كانت واضحة ، إلا الرد الخطي السري الذي جاء لروسيا ، والتي حرصت الولايات المتحدة على ان يبقى سرا ، لتبقى الشيفرة معلقة بين فكي كماشة المساومة ، والتقارب التي تتعاظم بضمانات اوكرانيا في ظل السماح ببعض التنازلات او التوسع ، دون الدعم العسكري ، أي واشنطن الجميع يعلم أنها تتحدث وتتوعد بوعود فارغة، لتعطي صورة السلطنة السياسية ولكن دون جدوى ، بمعنى اخر فقاعة سياسية فارغة ، وروسيا تتفهم عقدة النقص لدى واشنطن ، لذا لا يمكن أن تسمح لها بأن تكون اوكرانيا ضحية حرب مقبلة معها ، كما وتعلم كمية الضغط التي تمارسه واشنطن عليها ، هو بمثابة إرهاق سياسي يصب في سوريا ولبنان وأماكن اخرى ، 

وبالتالي رغم كل هذة السرية المحاطة بالتعتيم الاعلامي ، إلا أنني اتوقع الرد الامريكي لم يؤخذ بعين الاعتبار ، حتى ولو تعرضت المصالح الروسية للخطر ، والبنود العشرة التي اقدمت عليها روسيا كضمانات امنية لوقف تمدد حلف الناتو شرقا بوثيقتين دوليين خير دليل على ما تحدثنا عنه. روسيا ستكسب التصعيد وستخرج بحل تسوية لأسباب عدة تتعلق بتفاهم أمن المنطقة ، ليس فقط من أجل اوكرانيا .