تأثير الازمة الأوكرانية على العراق


المتتبع الجيد للاقتصاد يلاحظ وبشكل جلي ان الاحداث السياسية من أزمات وحروب، تؤثر وبشكل كبير جدا على السوق العالمي ومن ضمنه سوق الطاقة والبترول بشكل كبير. وذلك لان الاقتصاد والسوق العالمي هو مرتبط مع بعضه البعض. 
ان الازمة الأوكرانية اثرت بشكل مباشر على الطاقة وعلى موضوعين بالذات وهما أنبوب الغاز القديم الذي اوربا وبالذات المانيا وبحجم تصديري يصل الى 40 مليار متر مكعب سنويا وبالإضافة الى ثلاث انابيب أخرى تذهب الى اوربا وهما خط "نورد ستريم"، وخط "يامال" عبر بيلاروسيا وبولندا، و"ترك ستريم" عبر تركيا الذي دخل الخدمة عام 2003 وينقل 16 مليار متر مكعب سنوياً.
يبلغ طول خطّ الغاز حوالي 37 ألف كلم من شبكة الأنابيب التي تصل روسيا بأوروبا عبر أوكرانيا، وتضخّ من خلالها 32 مليار متر مكعب، أي ما يعادل 21.3% من حاجة أوروبا، تحصل من خلالها كييف على ما قيمته 4.5 مليار دولار سنوياً.
اما الموضوع الاخر هو القمح، الاحتياج هو 734 مليون طن من القمح وروسيا تنتج وحدها 72 مليون طن ويحتل المركز الثالث واما أوكرانيا، فان انتاجها السنوي هو بحدود 25 مليون طن وتحتل المرتبة الثامنة عالميا.
لناتي الان على تأثير الازمة الأوكرانية من ناحيتين وهما البترول والقمح:
أولا: في مجال البترول
ان الازمة اثرت وبشكل كبير في سوق النفط، فالأشهر الماضية استقر سعر برميل حول 82 دولار لخام برنت، لكن بدا بالتصاعد حينما بدأت الازمة ووصل السعر لأكثر من 105 دولار للبرميل النفطي لخام برنت، وكما لاحظنا الصعود الجنوني وخلال يوم واحد (يوم أمس) صعد سعر برميل النفط من 98 دولار وحتى لامس 105 دولار لبرميل نفط خام برنت.
ان الاقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي معتمد وبشكل كبير في ايراداته السنوية التي تغذي الموازنة العامة الاتحادية على النفط وحتى ان تلك النسبة تصل الى 95 % الإيرادات النفطية من الإيرادات العامة، وبالتالي ان السعر يؤثر بشكل تام على الموازنة العامة والتي هي تمثل الخارطة الاقتصادية للعراق والتي فيها الجانب التشغيلي الذي يحتوي على رواتب الموظفين وصندوق التقاعد وهذه النسبة تحتل أكثر من 70 % من اجمالي الموازنة العامة الاتحادية.
النتيجة ان الازمة الأوكرانية اثرت على أسعار النفط وبالتالي ارتفعت، وهذا يعني ان الإيرادات النفطية المتأتية من بيع النفط ستزداد وبشكل كبير، للعلم ان الموازنة العامة الاتحادية للعام الماضي أي عام 2021 تم تحديد سعر برميل النفط الذي على اساسة تم حساب الإيرادات وحجم النفقات في الموازنة وهو 45 دولار لبرميل النفط، اما الان فان سعر برميل النفط تجاوز المئة دولار وهذا يعني ان الإيرادات النفطية ستتضاعف أيضا.
الامر الاخر في ارتفاع سعر برميل النفط والمشتقات النفطية والغاز هو تاثيرة في سلسلة الامدادات للسلع وان قيمة المشتقات النفطية كالبنزين والديزل سيتضاعف أيضا وبالتالي نقل السلع سيرتفع، وأيضا ان قيمة فاتورة الكهرباء للمعامل والمنازل سيرتفع، ونتيجة ذلك سترتفع معظم السلع حتى وان كانت غير مرتبطة بالبترول.
وكنتيجة لذلك الامر ان العراق سيتاثر بارتفاع سعر السلع، كون العراق لا ينتج سيء سوى البترول ولا يصدر أي شيء سوى النفط، وحتى الخضار والفاكهه يتم استيرادها من الخارج، وبالتالي ان سعر المواد سترتفع وكما لاحظنا ان العام الماضي ارتفعت بنسبة 20 % وننتظر أيضا صعود بالأسعار جديد زهذا يعني ان العبا على المواطن سيكون اكبر وان المواطن لا يلمس أي شيء ان ارتفعت او انخفضت الإيرادات النفطية.
ثانيا: القمح
أرى الكثير من المدونين او السياسيين يبالغون في تاثر العراق بارتفاع سعر القمح، لكن اذا نظرنا نظرة فاحصة سنلاحظ ان العراق لا يحتاج الى استيراد القمح بشكل كبير، وان وزارة التجارة العراقية إنها اشترت 4.539 ملايين طن من القمح المحلي في في عام 2020 الذي بدأ في 20 أبريل/نيسان الماضي وبذلك وصل العراق الى الاكتفاء الذاتي.
الان نفرض ان حجم القمح الذي يتم تصديرها من قبل الفلاحين الى وزارة التجارة هو غير كافي نتيجة الحرائق او نتيجة منع الفلاحين من الزراعة نتيجة شحة المياه، فربما ان العراق لن يصل الى الاكتفاء، لكن رغم ذلك فانه لا يحتاج الى استيراد كمية كبيرة وبالتالي ان الاحتياج يكون قليل وان العراق عادة ما يتم شراء القمح من استراليا، فمثلا اشترى العراق 150 الف طن من القمح في هذا العام.

الخلاصة
1 – الازمة الأوكرانية تصب في صالح الحكومة العراقية لان الإيرادات النفطية ستزداد وبالتالي يخف الضغط على الموازنة العامة الاتحادية
2 – المواطن سيكون تاثير الازمة الأوكرانية على المواطن العراقي تاثير سلبي ، لان السلع سترتفع وان المواطن البسيط لا يتلمس أي تحسن في زيادة الإيرادات النفطية.
3 – من جانب القمح، سوف لا يتاثر العراق في نقص القمح المعروض بالسوق العالمي لان انتاج العراق من القمح يلامس الاكتفاء واذا أراد الاستيراد فن العراق يستورد من استراليا.
4 – كما نود ان نوضح ان قانون الدعم الطارئ للامن الغذائي لا داعي له.