علي شريعتي: منظّر الثورة الإيرانية.. بين النضال والمنفى والاغتيال


    هي البدايات حضرت شهدت إيران، قبل نجاح الثورة الإسلامية فيها عام 1979، عددًا من الأحداث التي مهدت لسقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي. وكان لبعض الشخصيات أثر كبير في هذه التغيرات، ومنها المفكر وعالم الاجتماع الدكتور علي شريعتي، الذي قضى حياته في مواجهة النظام الملكي.

     نُلقي هنا الضوء على حياة شريعتي، حيث كان يُعتبر الأب المنظر للثورة الإسلامية التي لم يعشها، فاغتيل قبل سنتين من نجاحها في لندن. وتعكس شخصيته حالة الاضطراب الاجتماعي التي كان يرزح تحتها الإيرانيون.

بين الفلسفة والسياسة

    "إلهي لا تجعلني مضطرًا إلى الترجمة والتقليد، إنني أريد أن أحطم القوالب القديمة التي ورثتها لأستطيع الصمود في وجه قوالب الغرب، وليخرس هؤلاء وأولئك، فأنا وحدي أريد أن أتكلم". بهذه العبارات، وصف شريعتي حياته الفكرية والثورية، التي قضى معظمها بين مسقط رأسه والمنفى. وكانت كتبه تقدّم طرحًا جديدًا، ولقيت قبولًا لدى الشباب في إيران، واجتازت الحدود حيث ترجمت إلى أكثر من لغة.

    ولد المفكر الإيراني أواخر عام 1933، في إحدى قرى مدينة مشهد، في أسرة متدينة، وكان والده محمد تقي شريعتي أحد أبرز الشخصيات المؤثرة في شخصيته. عاش سن المراهقة متعمقًا في كتب التصوف والفلسفة، قبل أن يأتي إعصار ثورة رئيس الحكومة حينها محمد مصدق، لينقله إلى عالم السياسة. وقال شريعتي في أحد كتبه عن تلك الفترة: "دفعتني ظروف معيشتي إلى أن أشيخ باكرًا في طفولتي".

ثورة مصدق وتأثيرها على شريعتي

    في هذا السياق، رأى المفكر والباحث الإيراني حسن يوسف أشكوري، في حديث إلى "العربي"، أن "شريعتي كان متأثرًا بالجو الثوري حينها". من جهته، اعتبر الناشط السياسي الإيراني خسرو منصوريان أن شريعتي "نشأ في بيئة دينية منفتحة، تتراجع فيها الأفكار التقليدية السائدة".

    في عام 1953، هبّ إعصار مصدّق، فتم عزله بقرار من الشاه وبتدبير من أميركا، فانخرط في العمل المقاوم رغم سنه الصغير، وكتب الشعارات الموالية لرئيس الحكومة المخلوع. وشرح حسن يوسف أشكوري أن "انقلاب مصدق أثّر كثيرًا في شخصية شريعتي وفي كتبه، ودائمًا ما كان يذكر هذه الشخصية ويقول إن معلمه هو الإمام علي بن أبي طالب وقائده هو محمد مصدق". وأدت مشاركته في التظاهرات المناهضة للشاه لاعتقاله عام 1954، خرج بعدها بفترة قصيرة أكثر تصميمًا على مواجهة الملك في بلاده. وقال أشكوري: "بدأ القوميون حينها حركة باسم "الحركة المقاومة الوطنية" وكان شريعتي نشطًا فيها". وبعد دخول كلية الآداب، باتت علاقته برفاق النضال أكثر فتورًا، فأنهى تعاونه السري مع الحركة المقاومة. من هنا، أوضح خسرو منصوريان أن "أحداث ثورة مصدق وعزله أدت لإحباط الكثير من المقاومين، إلا أن شريعتي لم يعتزل العمل السياسي، بل وسّع مجال حركته".

الهجرة إلى فرنسا

    اعتقل شريعتي مرة ثانية عام 1957 بتهمة إهانة الشاه، وفي سجنه بدا أن صيته قد سبقه، فبحث عنه رئيس جهاز المخابرات الإيرانية (السافاك) ليهزأ به أمام الجميع. بعد خروجه من السجن، تزوج شريعتي بزميلة له في الجامعة، قبل أن يذهب إلى فرنسا بمنحة دراسية، حيث كانت باريس حينها قبلة المفكرين والمثقفين في العالم، وكانت فرصته الذهبية ليتابع النقاشات الأيديولوجية عن قرب، ويتعرف على أبرز الشخصيات الفلسفية. خاب ظنه بالحرية الغربية عام 1962، حيث شارك في مظاهرة ضد الاستعمار الأوربي لإفريقيا، فاعتقل في فرنسا. وتأثر حينها بالثورة الجزائرية وبالحركات التحررية في العالم.

    كما تعرّف في باريس على أحد الأدباء الغربيين الذي حاول كتابة سيرة فاطمة ابنة الرسول، فتعاون معه جالبًا له مصادر فارسية عنها، فزادت تجربته الغنية ونشط في داخله خليط من التيارات الفكرية. وعام 1963، شهدت إيران انتفاضة دموية برز فيها اسم الخميني رمزًا للمعارضة، فتركت انطباعًا قويًا في نفس شريعتي. وكتب في افتتاحيات إحدى الصحف: "حانت نهاية النضال السلمي، ولكي نضمن حيوية الثورة وندافع عن شعاراتنا القومية وإسقاط الشاه، علينا الآن الرد على طوفان الحديد والنار، بلغة البنادق وقوة الحرب".

العودة إلى إيران

    أنهى دراسته في فرنسا فقرر العودة إلى إيران عام 1964، حاملًا شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع، ولدى وصوله، اعتقل من قبل المخابرات الإيرانية ووجهت إليه التهمة المعتادة، وهي التحريض ضد الأمن القومي. بعد 6 أسابيع أطلق سراحه، وكان عليه أن يجد عملًا ويبدأ فصلًا جديدًا من حياته، لكن الطريق لم تكن معبدة، ولم تكفِ الدكتوراه من جامعة السوربون لدخوله العمل الأكاديمي.

    توظف في وزارة التعليم الإيرانية حينها، قبل أن يُقبل عام 1966 في قسم التاريخ في جامعة مشهد، لتكون انطلاقته في توعية الشباب والنضال في وجه الشاه، فلمع نجمه، ليجذب الطلاب بسبب قدرته الخطابية. وقال أشكوري: "تأثر شريعتي باليسار العالمي وباليسار العربي، لكنه في نفس الوقت كان يشرح كل هذه التعاليم مع مبادئ التوحيد والتقوى مع سرد قصص شخصيات صدر الإسلام". وأضاف: "انحدر شريعتي من اليسار العالمي، لكن أنشأ اليسار المسلم".

محاولة استقطابه من المخابرات

     لم تكن لتمر محاضراته دون لفت انتباه المخابرات الإيرانية، التي استدعته للتحقيق، وسمحت له بمتابعة نشاطه، ما أثار حفيظة المعارضة التي اتهمته بالتعاون مع السافاك، وهو ما نفاه مرارًا. وجاء تقرير السافاك يومها بعد التحقيق: شريعتي مفيد جدًا، لكنه سيكون أكثر فائدة للدولة لو جرت إدارته على نحو جيد، هذا شخص واسع المعرفة وغير مقبول بين رجال الدين المتطرفين، ونرى أن التضييق على شريعتي سيفقده الإيمان بالنظام والدولة".

    لكن هذه السياسات من قبل الشاه لم تنجح، فانهالت الدعوات على شريعتي من قبل الجامعات لإلقاء المحاضرات، قبل أن يبدأ صفحة حسينية الإرشاد، التي ألقى فيها خطابه الأول عام 1968، وأصبحت مسرحًا للكثير من الأحداث المؤثرة في حياته. وبعد استقطاب الجماهير، مُنع من إعطاء المحاضرات، وهوجمت حسينية الإرشاد من قبل عدد من الجماعات الدينية التي اتهمته بـ"الضلال"؛ لكن هذا القرار لم يصمد سوى 7 أشهر، ليعود إلى منبر الحسينية أكثر شراسة بوجه الشاه.

العمل المسلح والإقامة الجبرية

   كان مطلع عام 1971 ساخنًا في إيران، مع انفجار المقاومة المسلحة على الشاه، ما انعكس في خطابه بحسينية الإرشاد. وقال في أحد خطاباته: "نمر الآن بمرحلة انتقالية ولئن أراد أحد أن يقوم بشيء ما فقد آن الأوان للتحرك، تذكروا أنه لم يعد هناك وقت كثير، والموت في سبيل قضية شريفة عادلة لا يؤدي إلى الانقراض فالصوت الصادق قد يُقمع لكنه لن يخمد".

     انضم المزيد من الناس للعمل المسلح وكانت كتابات شريعتي سببًا في ازدياد العنف. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 1972، تم إغلاق الحسينية، واعتقل مع والده، ليتم حبسه في زنزانة انفرادية لمدة 18 شهرًا. بعد خروجه من السجن، وضع في الإقامة الجبرية، ومنع من اللقاء بأي شخص، فعاش مراجعًا لأفكاره وكتاباته.

    هرب من إيران عام 1975، مستخدمًا جواز سفر مزور، وتوجه إلى أوروبا، دون أن تعرف وجهته الحقيقية، قبل أن يعثر عليه ميتًا في أحد فنادق لندن. وأوضحت التقارير الطبية حينها أنه مات نتيجة فشل قلبي، إلا أن محبيه أكدوا أنه نظام الشاه قد اغتاله، ليتم دفنه قرب مقام السيدة زينب في دمشق، بعد منع جثمانه من دخول بلاده. لم يشهد شريعتي سقوط الشاه بعد عامين من وفاته، إلا أن صوته بقي صادحًا وبقوة، فهو الذي قال ذات يوم: "لا تستهن بالكلمة فهي كائن حي وحساس وساحر".

الإنسان في فكر علي شريعتي

    تشغل قضية الإنسان ودوره وموقعه ضمن النظام الكوني حيزًا كبيرًا من التفكير الفلسفي، فالحداثة الغربية قد أقامت بناءها الفكري على الإطاحة بالإله من قمة النظام الكوني وإحلال الإنسان محله مما أفضى إلى تقديس الإنسان، وهذه الرؤية تغاير رؤية الأديان والمذاهب الفلسفية القديمة التي حطت من قدر الإنسان وقللت من شأنه وقدمته قربا للآلهة وجعلته في موضع العبد الخاضع لإرادتها الذي لا يملك فكاكًا من مصيره سوى بالتوسل والضراعة للآلهة، وفي مقابلة هاتين الرؤيتين تنهض رؤية ثالثة يمثلها الإسلام وكتابه الكريم الذي لا يعد الإنسان إلهًا يفعل ما يحلو له، ولا عبدًا ذليلًا لا يملك من أمره وشأنه شيئا، وإنما هو خليفة لله، وقد تأثر المفكرون المسلمون المعاصرون بهذه الرؤية. الرؤية القرآنية وقدموا شروحاتهم لها.

رؤية علي شريعتي لقضية الإنسان وخلقه وعلاقته بالكون وموقعه خلاله

      تأملات في خلق الإنسان يتخذ شريعتي من “قصة الخلق” مدخلا لمناقشة مسألة ماهية الإنسان ويعدها رمزًا على مقام الإنسان في الإسلام، وهو يذكرنا بأن قصة الخلق قد أوردها القرآن الكريم بلغة رمزية تحمل إشارات ورموز ضمنية لأن اللغة الواضحة ذات البعد الواحد قد تكون مفيدة في التعليم لكنها لا تمكث طويلًا، إذ تصبح عرضة للتجاوز بمضي الزمن، أما اللغة الرمزية فهي لغة متعددة الجوانب والأبعاد حتى يمكن استخلاص معانيها المتعددة جيلًا بعد جيل، فلا تفنى معانيها ولا ينضب ما يستخلص منها، وهو ما يتلائم مع الحقيقة الدينية التي هي ثابتة ومتجددة في آن.

    يميز قصة الخلق في القرآن أن الله تعالى يجعل من الإنسان خليفة (إني جاعل في الأرض خليفة)، وهي منزلة لا تستطيع نظرية مركزية الإنسان التي ظهرت أعقاب عصر النهضة أن تمنح الإنسان مكانة تفوقها، لكن الإنسان لا يغدو معها إلها -كما تجنح النظرية- وإنما يظل عبدا لله يضطلع بمسئوليته تجاه الكائنات الأخرى وتجاه الكون بمقتضى كونه خليفة لله، ورغم تساؤلات الملائكة وتخوفاتها من سفك الدماء والإفساد في الأرض تبدأ عملية الخلق، وتبدأ معها عملية الرمز العميقة  كما يقول شريعتي، فالله خلق خليفته من التراب المتعفن الذي هو أحقر مواد الأرض لا من أفضلها وأطيبها، ثم نفخ فيه من روحه -وليس من نفسه- أي من أشرف شيء يمكن أن يعبر عنه البشر ويضع له اسما- وهو بهذا المعني يعد مخلوقا مركبا من بعدين متنافرين: بعد طيني يجذبه إلى الأرض، وآخر متعالي يجذبه نحو السماء، وهذه التركيبية هي سر عظمة الإنسان وخلوده، وبينهما ينشأ الصراع في داخل الإنسان حتى ينحاز الإنسان إلى أحدهما ويقرر مصيره مصداقا لقوله تعالى (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها).

    يمضي شريعتي موضحًا أن الإنسان لا يكتسب منزلته في القرآن من خلال نفخ الله له من روحه وحسب، وإنما تتجسد في قصة الخلق مظهرين آخرين من مظاهر تكريم الإنسان، وهما، تعلم الأسماء (وعلم آدم الأسماء كلها)، وحمل الأمانة وهي عند شريعتي ليست سوى إرادة الإنسان واختياره حتى ليعدها “الفضيلة الوحيدة” للإنسان التي تفضله عن سائر المخلوقات “فالإنسان هو الوحيد الذي يتمكن التمرد على الصورة التي خلق عليها، وعلى احتياجاته المعنوية والمادية وغرائزه، يتمكن من عمل الخير والشر، يتمكن أن يعمل بعقله وخلافه، وهو حر في أن يكون خيرًا أو شريرًا، أن يصير ترابيًا أو ربانيًا، فالإرادة من أعظم خصائص الإنسان، وتتضح معها العلاقة بينه وبين الله”.

    يختم شريعتي رؤيته لقصة الخلق باستنباط ثلاث حقائق تنطوي عليها تشكل رؤية الإنسان لذاته وللكون من حوله وهي: الأولى: أن بني الإنسان جميعهم أخوة وليسوا متساوين فقط، والفرق بينهما جلي، فالمساواة اصطلاح حقوقي أما الأخوة فتعبير عن الطبيعة المشتركة بين البشر. والثانية: التساوي بين طبيعة المرأة والرجل، وذلك خلافا لجميع الفلسفات والأديان السابقة، فهما متساوين من جميع الجهات، ومتحدان في الطينة والخلقة. والثالثة: أن أفضلية الإنسان تنبع من العلم، فقد سجدت له الملائكة رغم تفوق عنصرها عليه لأنها من النور، ومن امتلاكه الإرادة وحرية الاختيار التي تتيح له أن يختار قطب الله أو قطب الطين. الدين والعبادة الإنسان ذو البعدين يحتاج بالضرورة إلى دين ذو بعدين كما يفترض شريعتي، دين لا يصرفه إلى النزعة الأخروية البحتة ولا إلى النزعة المادية المفرطة، بل يحقق التوازن بينهما حتى يساعده على أداء مسئولياته الإنسانية، وهذا هو الإسلام، والعبادة في الإسلام تتخذ معنى مختلفا عما هو سائد، فهي ليست بمعنى أداء الوظائف الدينية والأوراد اللفظية كما هو شائع ومعروف لدى الأديان والمذاهب التقليدية، فأصل العبارة اللغوي يبين أنها من “عبَد الطريق” أي أعدها بحيث يسير السائر بسير وسهولة إلى الهدف، وهي السبيل لتنقية الإنسان وتحريره من الميول والأغراض الدنية حتى يصل إلى الإخلاص، إن الصلاة على سبيل المثال تجذب الإنسان عدة مرات من مستنقع الحياة الفردية والاقتصادية ليقف في مواجهة فردية أو جماعية مع الله، وهي بهذا تمنع الإنسان من التردي الكامل في حياة الفردية وعبادة الاستهلاك.

    المقصود إذًا من العبادة تحقيق الاتصال الوجودي المستمر بالله، وهذا الدور للعبادة في عالم اليوم هو أهم من دورها في العصور السابقة، ففي الماضي كانت برجوازية بدائية تسيطر علينا، وقبلها كان نظام الاقطاع، وكانت الفرصة موجودة في الحالتين لكي يفكر الإنسان في الله وفي الطبيعة، أما اليوم فالرأسمالية غدت خليطا من الاقتصاد والثقافة والاجتماع والسياسة وأصبحت شبكة سرطانية لم تمسخ الدنيا وحدها وإنما مسخت الإنسان كذلك ” والعبادة فقط هي العلاقة التي تستطيع أن تحمي الفرد في مثل هذا النظام المرعب من مسخ وجوده وابتذال إنسانيته ونسيان كل القيم الإنسانية، وتقيم لنا علاقة مع أصل الوجود، وتحفظنا في عالم تهجم عليه الميكنة والرأسمالية هجومًا عنيفًا وتهبنا ملاذًا عظيمًا”.

الإنسان والرؤية الكونية

     شغل علي شريعتي بمسألة الرؤية الكونية، وهي تعني كيف ينظر الإنسان إلى نفسه وإلى العالم من حوله وكيف يفسره ويفهمه وهي تشمل ثلاث عناصر أساسية: الله والإنسان والطبيعة، وقد أوضح شريعتي أن هناك رؤى متعددة لهذا العالم فهناك الرؤية المادية القائمة على أساس أصالة المادة، التي تعتقد أن كل ما هو موجود هو عبارة عن مجموعة من العناصر والصلات المادية والعالم له عنصر واحد هو المادة، فالكون لا غاية له ولا هدف فقد خلق عبثا ويقطنه مجموعة من الحمقى كما يقول سارتر؛ وحده الإنسان الذي توصل إلى الوعي في هذه الدار التافهة. وفي مقابلتها هناك الرؤية الدينية التي تؤمن أن الكون عبارة عن نظام واع دقيق يسير وفق غايات حددتها سلفا قوى غيبية تشرف على هذا العالم، ووفق هذه الرؤية فإن لحياة الإنسان معنى وهدف وهي ليست عبثا لا طائل من ورائه، فالإخاء الإنساني والتضحية من أجل الآخرين تصبح ذات مغزى.

    يخلص شريعتي إلى أنه بعد أن تم حذف “الإله” من الرؤية المادية قد حل “الإنسان” محله، وغدا موضع التقديس، ولكن هذا لم يكن بلا عواقب؛ فقد غاب المعنى فلا شيء جيد ولا ردي ولا حسن ولا قبيح، وغدت “الأنا” هي معيار تحديد القبح والحسن وكل عمل هو حسن إذا كان يؤدي إلى اللذة والمنفعة، وصار “العبث” فلسفة وغاية.

      يعتبر الدكتور علي شريعتي نموذج فريد من مفكري إيران. حيث أنه بالرغم من أنه فارسي العرق، لم يكن يتوقف عن نقد النزعة الشعوبية لدى رجال التشيع الصفوي، بطريقة أكثر جذرية من غالب من تصدَّى لهذا الموضوع من الأدباء العرب. وقد بَيَّن آلية المزج في الموروث الشيعي الروائي ما بين السلطة الإيرانية والنبوة الإسلامية.

    يعتبر واحداً من القلائل الذين استطاعوا التجرد بعيداً عن هوى المذاهب والتمذهب. وسعى بكل ما أوتي من قوة إلى لملمة الصفوف تجاه الوحدة فانتقد ما سماه «التشيع الصفوي» و«التسنن الأموي» ودعا الي التقارب بين «التشيع العلوي» و«التسنن المحمدي».

من أشهر كتبه

-طريق معرفة الإسلام

-العودة إلى الذات

-الحسين وارث ادم

-الدعاء

-الإسلام والإنسان

-التشيع العلوي والتشيع الصفوي

-فاطمة هي فاطمة

-النباهة والاستحمار

-مسؤوليه المثقف

-بناء الذات الثورية

-التشيع مسؤولية

-سيماء محمد

-الشهادة

-أبي.. أمي.. نحن متهمون

-الأمة والأمامة

-مسؤلية المرأة

-دين ضد دين

-الفريضة الخامسة

-الإسلام ومدارس الغرب

-الإنسان والتاريخ

من أقواله:

-إذا لم يكن الشعب على وعي وثقافة قبل الثورة، فلا يلوموا أحداً عندما تسرق ثورتهم.

-انهم يخشون من عقلك ان تفهم ولا يخشون من جسدك ان تكون قويًا.

-إن الحضارة الاستهلاكية هي أسوأ أو أقبح من الوحشية والهمجية! نعم ان الذي يتحضر في الاستهلاك فقط فانه دون الوحشي، لماذا؟ لأن الوحشي لا يعدم الأمل في تحضره عن طريق الإنتاج، لكن المستهلك من غير إنتاج يعدم الأمل به طبيعيا.

-الحرية الفردية أداة تخدير كبرى لإغفال الحرية الاجتماعية، حيث النباهة الاجتماعية القضية ذات الأهمية الكبرى.

-إن الدين الذي لا ينفع الإنسان قبل الموت لا ينفعه بعد الموت أيضاً.

-في الحياة ليس العدو الحاقد المسلح بأخطر وأشد ضررا للـ شيخ من مريد متعصب متفان لكن لاعقل له.

-المرأة التي تقضي سنة تتحدث بشأن جهازها وتساوم في مهرها والجواهر التي تُهدى إليها وفخامة حفل الزفاف، لا تزال جارية بالمعنى الكامل للكلمة.

-الاستحمار هو طلسمة الذهن وألهائه عن الدراية الإنسانية والدراية الاجتماعية وأشغاله بحق أو بباطل، مقدس أو غير مقدس.

-إن شئت التمرد على الديكتاتورية وعدم الرضوخ للظلم، ما عليك سوى أن تقرأ وتقرأ وتقرأ.

-إذا كنت لا تستطيع رفع الظلم، فأخبر عنه الجميع على الأقل.

-عندما تقرر الوقوف ضد الظلم، توقع أنك سوف تُشتم ثم تتخون ثم تتكفر لكن إياك أن تسكت عن الظلم من أجل أن يقال عنك أنك رجل سلام.

-الأفكار مشلولة.. العقول مخدرة.. الأوفياء يعيشون الوحدة.. الشباب يائس ومنحرف.. كسروا الأقلام.. كمموا الأفواه.. هذه سمات هذا العصر.