محنة المحن


الجمیع وضعوا الحق جانبًا واکتفوا بتدویر الزوایا بذریعة الحکمة و الوعی .
إنه الصراع العمیق بین الواجب والممکن .
محنة ما بعدها محنة حیث یُفتح الباب واسعًا امام مصطلح  الاستحسان مقابل الحق المکروه ، لو علم الناس أرجحیة الواجب على الممکن لجهزوا انفسهم واعمارهم للتمهید لتطبیق الواجب بدل التذرع بما لا طاقة للنفس له . 
إن تلک المحنة لخَّصها الروائی العالمی فیکتور هیغو فی قصة البؤساء حیث عصف التناقض بین الواجب ورد الجمیل فی اتخاذ المفتش جافیر القرار  عندما ألقى هذا الأخیر القبض على جان فالجان الفار من وجه العدالة والملاحق من جافیر نفسه منذ عشرات الاعوام .
کان على جافیر أن یخیِّر نفسه بین تسلیم المدان  والفار من وجه العدالة  او ترکه فی حال سبیله لأنه أنقذ حیاته عندما ألقى الثوار القبض على جافیر ! لم یتردد جافیر أمام هذا الصراع المرعب فی قتل نفسه .
ربما لو کانت معاییر العدالة أقرب الى الحق فی فرنسا آنذاک لما حُکِم على جان فالجان بالسجن  لأنه سرق رغیفًا من أجل البقاء ولفوّت جافیر على نفسه ملاحقة طرید العدالة . 
ربما لو عملنا بأیدینا وانتجنا وسلمنا امرنا بعدها لله لما استسلمنا لعالم الإستهلاک وجعلنا أعناقنا بید أعدائنا فإذا قطعوا القمح عنا وسدوا البحار واطبقوا الحصار هبطنا لجحیم أعمالنا وسوء تدبیرنا ولات ساعة مندم .
حتى لا نصل الى الحیرة بین الواجب والممکن علینا حسن إختیار الأولویات ، عندها نصل الى حلول تکون  المفاجآت فیها معدومة . 
أحسنوا الخطوة الاولى من بدایة الطریق .