لا صوت يعلو .. صوتهم


ربما يسأل سائل ، ماهو سر التعرض العسكري الغاشم للأسطول البحري الإمريكي على ناقلة النفط الإيرانية ، في هذا التوقيت تحديداً ، وفي هذه المنطقة بالذات ؟ علماً أن الجمهورية أرسلت في أوقات مختلفة شحنات نفط الى فنزويلا وسوريا ، فضلاً عن شحنات المازوت الإيراني الى جمهورية لبنان ؟ 
أن دلالة المكان والزمان في هذه العملية العسكرية تشير بوضوح الى أن واشنطن قد أرادت أن ترسل رسالة واضحة لحلفائها بأنها لازالت المحامي عن دول المنطقة ، وعلى رأسها مملكة بني سعود التي تكن العداء الى أيران . هذا من حيث دلالة المكان ، أما من دلالة الزمان ، فأن حكومة بايدن ، أرادت أن تذكر الرأي العام الإمريكي بواقعة أقتحام طلاب جامعة طهران للسفارة الإمريكية في ثمانينيات القرن الماضي ، حيث تصادف الهجوم العسكري على ناقلة النفط الإيراني في ذكرى تلك الواقعة الكبيرة التي تم فيها أسر الفريق الدبلوماسي الأمريكي في قلب العاصمة الإيرانية طهران ، والتي أعلنت من خلالها العداء المطلق لواشنطن وتل أبيب بشكل جلي . 
تشير المعطيات التي رافقت القرصنة الإمريكية على ناقلة النفط ، بأن أيران كسرت الحصار الإحادي على الجمهورية التي ألتفت بشكل واضح وكبير على جميع تلك العقوبات التي بدأت منذ عام ١٩٨٠ الى يومنا هذا ، وبتحدي كبير ، مما دفع قوات البحرية الإمريكية الى الهجوم على الناقلة التي أذلت كبرياء  واشنطن وخيلائها . 
قد تندرج تلك الهجمة الإمريكية ، ضمن عمليات جس النبض لقدرات الجمهورية الإسلامية التي تنامت بشكل كبير وملفت للنظر ، مما جعل مصداقية واشنطن تهتز كثيراً في منطقة الشرق الإوسط وآسيا ، خصوصاً بعد أنسحابها من أفغانستان . أذن الرسائل كثيرة ، سواءاً من واشنطن أو من طهران . صلابة الموقف الإيراني والأستعداد الكبير لأظهار قدراتها العسكرية لفت أنتباه الإدارة الإميريكية الى مسأله مهمه جداً ، وهي أن منطق القوة مع طهران لن يؤتي أُكُله ،  وعلى واشنطن الذهاب مع طهران الى الطرق الدبلوماسية  فهي الإسلم لسياسة واشنطن المترنحه في الشرق الإوسط ، والدليل ما صرحت به الخارجية الإمريكية اليوم ، بأستعداد واشنطن للعوده مره أخرى لطاولة المفاوضات النووية التي أنهتها واشنطن قبل شهرين من الآن . 
الثبات على الموقف ، وسلوك طهران المتزن في تعاملاتها مع دول الجوار العربي ، وحتى غير العربي ، جعل دول الغرب تنظر بعين الرضا الى كل ما يصدر من طهران ولو نسبياً . صراع الإرادات تحول اليوم من التهديد والوعيد ، الى خلق ساحات أشتباك جديدة ، وما قام به المارينز حلقة من حلقات أختبار القدرات الإيرانية ، والتي أبدت طهران أستعداد كبير لترجمة تلك القدرات على أرض الواقع  وقطعاً ذلك الإصرار الإيراني لن يروق لدولة المنطقة الخليجية التي أنهت قبل فترة مناورات عسكرية أمريكية أسرائيلية في حوض الخليج و الذي تباهت به قيادات تلك الدول كثيراً . رد الفعل الأيراني السريع تجاه البحرية الإمريكية ، والذي بعث رسالة واضحة للعالم كله ، جعل دول منطقة الخليج تعيد حساباتها بالتعاطي مع الملف الإيراني الذي فاق كل تصوراتها .