قادتنا شهداء…


لطالما أستوقفني هذا الشعار "شهداؤنا قادتنا" ، ولماذا يكون قادتنا شهداء؟؟!!.
أن التبحر في هذا المعنى يعطينا الكثير من الدروس في أن القيادة لا تعطى وأنما هي صفة تولد مع الانسان وتنمو معه ، وتكون أختيار طبيعي لهؤلاء الأشخاص بما يتمتعون به من شخصية تستطيع جمع من حولهم وبالتالي قيادتهم.
ولعل هؤلاء القادة كانوا في مقدمة الصفوف ولا يجدون حرجاً في أن يكونوا وسط مقاتليهم ، ولايخشون الموت لأنهم يدركون أن الشهادة تعني الفوز والحصول على الدرجات العلى.
أن هذا الترتيب العقائدي الذي تميزت به أمتنا هو أمتداد طبيعي لشخصية الرسول الأعظم محمد (ص) وآله الأطهار ، الذين زرعوا في نفوس أتباعهم روح الجهاد والأيثار ، فقد كان الرسول (ص) وآل بيته قادة في مقدمة الصفوف وفي أصعب المواقف ، وقاتلوا أعداء الله ببسالة منقطعة النظير ، ولذلك خلدهم التأريخ.
ويكفينا في مدرسة الامام الحسين (ع) الجهادية ما يكفي من التراث ليلهم جميع قادتنا في السير على هذا النهج الحسيني في التضحية والشهادة من أجل القيم العليا للأمة ، وأن الأنسان يصبح خالداً بعد شهادته وتخلده الأجيال.
فالشهادة في المفهوم الأسلامي بداية لحياة جديدة وليست أنتحاراً أو أقدام على الموت بلا سبب أو يأس من الحياة ، وأنما هي ثقافة وتصميم لرسم طريق جديد للأجيال القادمة ، فمن وهج الشهادة تنبع قيم الحياة وترسم في مخيلة الشباب أصرار على المضي على هذا الطريق ومعرفة أن للشهادة  قيمة ومعنى يجب أن نقف عنده كثيراً.
من هنا يأتي أستذكار قادتنا الشهداء ، ونقف أجلالاً لهم ، ونثمن مواقفهم ونستذكر حياتهم الجهادية التي أتسمت بالبساطة والألتزام الديني والأخلاقي وزرع ثقافة الأخلاق وحياة الجهاد التي تتسم بأعلى درجات الأنسانية والألتزام والتعامل مع الموت على أنه حالة أنتقالية لحياة أفضل.
واليوم مع الذكرى الثانية لأستشهاد قادة النصر في جريمة مطار بغداد ، تستعيد الذاكرة مواقف هؤلاء القادة الأبطال ومواقفهم الأنسانية قبل المواقف العسكرية ، وكيفية قيادتهم وتعاملهم مع مقاتليهم ومن يحيطون بهم ، مما جعلهم يسكنون القلوب وتحتفي بهم الملايين ، كل هذا لم يأتي من فراغ وأنما سيرة جهادية أمتدت على مدى عمرهم الشريف في مقارعة الظلم والأستبداد ، فتركوا خلفهم أرثاً كبيراً سيكون مصدر عز وألهام للأجيال القادمة ، وسيبقى هؤلاء القادة أيقونات للمقاومة ، ودمائهم الزكية تنير سراج المقاومة التي لن تطفى شعلتها.
هذا الأستذكار هو جزء من الوفاء لهؤلاء القادة وعرفاناً بالجميل ، وتكريم الشهداء هو تكريم للأمة التي انجبتهم ، وقطعاً أن مثل هذه الأمة الحية ستنجب مثل هؤلاء القادة الى آخر الزمان ، فالمسيرة الجهادية لن تنتهي بأنطفاء شمعة قائد هنا أو هناك ، لأن هذا الدرب يبقى منيراً بقناديل الشهادة وسيلهم الكثير من أبناء هذه الأمة للسير على خطى القادة الشهداء