كم استغرقت الألف ليلة؟!


معلوم أن مدة (الألف ليلة وليلة) أكثر من ثلاثة أعوام، هذا لو كان العرض مستمرا لا تتخلله أجازات ولا انقطاعات ولا إجازات عارضة أو مرضية أو مناسبات قومية أو زيارات يقوم بها شهريار للساحل الشمالي أو الغربي أو للقاء أبانا الذي في لندن!!.

تقول المصادر القريبة والموثقة أن الألف ليلة وليلة ونصف، استغرق عرضها أكثر من ألف عام ولا يزال حال البعض على ما هو عليه.

المتغير الأهم أن الكومبارس أصبحوا هم النجوم أما أبطال العرض القدامى فأصبحوا مجرد كومبارس لا يهش ولا ينش بل يصدر دوما بيانات إشادة وأحيانا بيانات تنديد إذا خشي من ضياع هيبته وتبدد صورته!!.

لا زالت عناصر العرض ذاتها متواصلة، المنشدون ينشدون نفس المعاني والأناشيد! مع شيء من التقديم والتأخير وليس التجديد ولا لوم عليهم إذا وجدوا نفسهم مضطرين للحديث عن تفاصيل التفاصيل أو لاختراع تفاصيل لم يسمع بها من قبل إنس ولا جان والتجديد قاصر على اقتباس مزيد من الألحان وإضافة مزيد من الأشجان والأحزان.

والمهم حلاوة الصوت وشجي اللحن لا فارق بينهم وبين مطربي التراويح في مساجد مصر الوهابية!!.

الفريق الآخر يبحث في تفاصيل التفاصيل عن مزيد من كرامات الشيوخ الأجلاء الذين عاشوا قبل قرن من الزمان، وربما كان المقصود قبل ظهور الكهرباء ويبدو أن هذه الحقبة كانت عصر الكرامات.

لسنا ممن ينكرون كرامات أولياء الله الصالحين أو يستخفون بأصحابها، إلا أننا نستغرب التركيز عليها وتقديمها كنموذج ومن ثم طرح التشيع كحركة تطهر فردي، ليس كحركة تسعى لتطهير العالم من الظلم وتمهيد الأرض لدولة الإمام المنتظر الذي سيملأ العالم عدلا بعد أن ملئ ظلما وجورا.

فراغ ثقافي وفكري هائل لا يمكن ملؤه بصغائر التفاصيل حيث تقدم الأمريكي والإسرائيلي للقيام بتلك المهمة قبل عامين من الآن!!.

اقترح عليّ صديق التواصل مع أحد المعممين كونه (مفكرا مجددا) وكان أن التقيت به أكثر من مرة حيث تأكد لي أنه ممن (يعطَفُ الْهُدَى عَلَى الْهَوَى وَيَعْطِفُ الْقُرْآنَ عَلَى الرَّأْيِ) وهو يحاول إثبات أن الإمام الحسن بن علي عليه السلام لم يصالح معاوية بن أبي سفيان من موقع الإكراه والاضطرار حيث كان بإمكانه مواصلة القتال بل وتحقيق النصر وهي لعمري قاصمة الدهر!!.

الغاية من وراء إثارة هذا الجدل البيزنطي إثبات سلامة الرأي الداعي لوضع السلاح وترك مقاومة الغزاة الغاصبين الآن وقبل الآن ويعتبرون هذا (تأسيا بالإمام الحسن ع؟!) رغم تناقض هذا الرأي مع كلمات الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام (أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْلَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا وَلَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ).

هذه الجحافل المليونية التي زحفت من أرجاء العالم هاتفة لبيك يا حسين ما تزال تعيش حتى هذه اللحظة –حسب زعمهم!!- مرحلة الاستضعاف رغم أن المطلوب هو الجهاد الكفائي وليس العيني دفاعا عن بيضة الإسلام وحفظا للتشيع وليس لفتح لندن ولا واشنطن!!.

معلوم أيضا أن الجهاد العلمي والفكري إحياء لأمر أهل البيت عليهم السلام لا يقل أهمية عن الجهاد الكفائي إن لم يزد (رحم الله امرئ أحيا أمرنا) وهو قطعا أمر مختلف عن إحياء ليالي العزاء!!.