الحرب الإعلامية الاقتصادية الأمريكية على روسيا الاتحادية.. ماذا بعد؟.


كثفت الدول الداعمة لكييف من تحركاتها، لتلعب عدة أدوار ما بين الأدوار السياسية والعسكرية، وحتى وصلت إلى الإنسانية، وبقوة،  وقد برز ذلك جيداً، في خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن للشعب الامريكي في 8 مارس / آذار 2022، موضحاً كيف يتم التعاطي مع الغزو الروسي على حد تعبيره؛ حيث قال الرئيس بايدن : "واشنطن ليست بصدد صب الزيت على النار لتغذية الحرب ولكنها تعمل مع شركائها لتفادي المخاطر".

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن "قرارنا حظر جميع واردات النفط والغاز الروسية جاء بالتشاور مع حلفائنا"، لافتاً إلى أن هذا القرار "لن يكون بلا ثمن في الولايات المتحدة، وسنبذل ما يلزم لتخفيف تأثر المواطنين الأمريكيين بالعقوبات على روسيا" وأضاف أن "الولايات المتحدة تدرك أن الحلفاء في أوروبا لن يتمكنوا من الانضمام إلى حظر واردات الطاقة من روسيا".

يبدو واضحاً أن مجمل خطاب الرئيس بايدن، يتمحور حول كيفية منع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من استكمال عمليته العسكرية في أوكرانيا، وإظهار بوتين بأنه يرتكب مجازر بحق الإنسانية، ضد أوكرانيين وروس في أوكرانيا كلها، ومن جهة أُخرى، يرى الرئيس بايدن أن روسيا تسيطر الآن على اكبر منشاة نووية في أوروبا.
 
الرئيس الأمريكي جو بايدن، يحاول أن يُسمع العالم بأن ما يقوم به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا إنساني، في حين أن الولايات المتحدة فد عاثت فساداً وارهاباً في الشرق الأوسط، وتحديداً في سوريا، ولا زالت تنشر الإرهاب، وتصنع من الأرض السورية مقراً لتدريب عناصرها الإرهابية، إن كان من خلال عناصر أمريكيين، أو من خلال وكلائها من ميليشيا  قسد والمجموعات الإرهابية التابعة لتركيا، حيث يتم محاولة تقسيم الشمال السوري، ما بين الأمريكي والتركي، وتعد قاعدة التنف المنطقة التي يستخدما الأمريكي لتدريب الإرهابيين من كافة الجنسيات، ومن ثم يتم نقلهم إلى العراق وتركيا وافغانستان واذربيجان، والآن إلى اوكرانيا.

ضمن ما سبق، فإن المشهدية لا تبتعد في التعاطي مع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا من قبل الولايات المتحدة أو الغرب، مع الملف السوري، وذلك عبر الإعلام الغربي والأمريكي، في محاولة لإظهار المسؤولين الامريكيين وشركاءهم على انهم ما زالوا عرابوا الديمقراطية في العالم، إلا أن الجانب الروسي وروسيا الاتحادية كدولة عظمى، لا تقل اهمية عن نظيرتها الامريكية في التكنولوجيا الإعلامية، حيث يتم توثيق كل ما يجري خلال العملية الروسية في أوكرانيا، ويتم إطلاع المجتمع الروسي والأوكراني،  وحتى العالمي عليها، إلا أن الحرب الإعلامية على روسيا الاتحادية انتهجت التعتيم، ووقف البث وتحريض القنوات الممولة من شركات خاصة، على اتباع اسلوب التضليل والكذب الإعلامي، لجهة ما يجري على الأرض الأوكرانية من قبل القوميين الجدد "النازيون"، الذين يروعون الأهالي ويستخدمونهم كدروع بشرية لتحقيق مكاسب خاصة لجهات خارجية، عملت خلال سنوات عديدة لزرع داء العداء بين الروسي والاوكراني، للسيطرة على الحدود الاوربية الاقرب إلى روسيا.

 كثير من الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تُقلق الولايات المتحدة بالنسبة لروسيا الاتحادية، ومحاولة الرئيس بوتين تشكيل نظام عالمي جديد ما بين غرب أسيا وشرق أسيا، وتحديداً مع تنامي القوة الاقتصادية لروسيا في الغرب، ومسألة الغاز الروسي ومشروع نورد ستريم 2 مع ألمانيا، والذي قوبل برفض من مجموعات اقتصادية امريكية وغربية، وهذا يبدو ظاهراً في خطاب الرئيس بايدن حين قال "بسبب هذه الأزمة يجب أن نقوم بحماية اقتصادنا ويجب أن يكون قطاع الطاقة لدينا مستقلاً، وأضاف "نعرف أن الأوروبيين كفرنسا وألمانيا يتعلقون بالنفط الروسي كثيراً لذلك يجب أن نزيد من انتاج الطاقة الخضراء وفي المستقبل معاً يمكن أن نحقق استقلالاً كبيراً في مجال الطاقة وفي حال  نجحنا لن يقلق أحد بالنسبة لأسعار الغاز مستقبلاً  ولن يتمكن اشخاص كبوتين  على "حد تعبيره" من استخدام سلاح الطاقة لإيذاء بلدان أُخرى، وسأجعل بذلك امريكا رائدة بإنتاج تكنلوجيا الطاقة النظيفة حول العالم وهو الهدف الذي يجب أن نتمسك به".

إذاً، هي حرب قاىمة ما بين الأمريكي والروسي، وذلك منذ الحرب العالمية الثانية، لكنها الآن اكثر بروداً، لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو من يترأس ما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي سابقاً، ومسألة تكوين امبراطورية روسية جديدة ستسرع من انهيار عتبات البيت الأبيض، وسيتم التوجه نحو الشرق، ولذلك ستبقى فوهة البركان ملتهبة، حتى تنطلق الضربة، ممن لا يستطيع تحمل أن تكون روسيا قادرة على تشكيل نظام عالمي جديد، لا تكون فيه امريكا أولاً.