قراءة في سطور .. الإنسحاب الإمريكي من أفغانستان 


واشنطن لم تنسحب من أفغانستان بطريقة دراماتكية كما تصور البعض . بل أنها أنشأة ( جلطة أقتصادية ) في كابول ، بإتفاقها مع حركة طالبان التي تسعي الآن جاهدة للحصول على أعتراف أممي بأنها من تمثل الشعب الأفغاني ، وكان الأنسحاب الإمريكي عبارة عن تسليم ( مشروط  ) للسلطة . 

لم تتخلى طالبان عن فكرها التكفيري ، بل تحول الى تكتيك ستراتيجي تحاول به الوصول الى تفاهمات مع الجاريين الكبيرين ، الصين وأيران في مسعى ( دبلوماسي ) لمحو الآثار السلبية التي رافق أداها العسكري لسنوات خلت . 

واشنطن تركت طريق الحريق بيد طالبان ، بعد أن وأدتهُ تماماً في العراق لتأسيس وتحفيز موانيء حيفا الصهيونية ، لألغاء ميناء الفاو الكبير والقناة الجافة .

طالبان هي من تتحكم بأتفاقيات الصين وايران المارة من خلال أراضيها ، لذلك أبدت الصين مرونه بتفاهمات صينية أفغانية في محاولة لأحتواء طالبان . من جانبها طهران قد تفاهمت مع الحركة الافغانية ، في مسعى لتهدأت الحدود الأيرانية الأفغانية كي لايكون هناك  مبرر لاشعال فتيل أزمة ، عملت عليها واشنطن لخنق الإقتصاد الأيراني تحت ضغط العقوبات الإقتصادية من جهة ، ومن جهة أخرى حماية الإقلية الشيعية في أفغنستان . 

هناك ( أنقلاب ) خليجي في الرؤى السياسية أتجاه أيران ، بأعتبار أن أمريكا ستسحب تواجدها العسكري عاجلاً أو آجلا ، وستبقى أيران الجارة الكبرى التي تشترك مع دول الخليج بحدود بحرية كبيرة ، تدعم المصالح المشتركة  ، والأتفاق معها خيراً من العداء على مستوى المستقبل المنظور . 

الولايات المتحدة لاتترك خلفها شيء من الممكن أن يعود بالنفع للشعب الأفغاني بحسب السياسية الأحتلالية التي بسببها غزت هذا البلاد الذي دام عشرين عاماً . وأن  الإنهيار الكبير للجيش الأفغاني الذي دُرب على مدى عشرين عاماً كان عبارة عن  كذبة كبرى . 

على الحكومة العراقية قراءت الوضع الأفغاني  بدقة ، وعدم الإنجرار خلف التصريحات الأمريكية والوعود الزائفة بضرورة تدريب القوات العراقية ، التي لا توجد ضرورةملحة  لتدريب الجيش العراقي ، وليست بحاجة الى أستشارات عسكرية ، وقد ثبُت على مدى سنوات دعم واشنطن للمجموعات الإرهابية ، فضلاً عن أستهداف الحشد الشعبي والقطعات العسكرية العراقية . 

الوثوق بواشنطن ضرب من الخيال سواء كان ذلك لأفغانستان ، أو للعراق ، أو لأي دولة في العالم وخصوصاً دول الخليج ، لأن السلوك الإمريكي ماهو ألا عمل دؤوب من أجل حماية المصالح الصهيونية وأمنها القومي .