عروبة محمد وعلي أم عروبة بني أمية؟؟!!


نقلنا سابقا عن تفسير القمي لقوله تعالى: (فاذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) قال الصادق عليه السلام: لا يتقدم يوم القيامة أحد إلا بالاعمال ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (يا أيها الناس ان العربية ليست بأب وجد وانما هو لسان ناطق فمن تكلم به فهو عربي ألا إنكم ولد آدم وآدم من تراب والله لعبد حبشي حين أطاع الله خير من سيد قرشي عصى الله وان اكرمكم عند الله اتقاكم “.
الذي حدث وما زال يحدث حتى الآن هو تكبير الحجر وتحويل العروبة إلى أمة تمتلك من الحقوق والمزايا الحصرية ما لا يمتلكه غيرها من الأمم بل وأصبح عنوان (الأمة العربية) عنوانا جامعا تتحرك تحت لوائه الدول ويجري صوغ السياسات وبناء الصداقات والتحالفات!!.
لو سلمنا جدلا بصحة تلك النظرية فمن حقنا أن نتساءل عن مضمون هذه العروبة من الناحية العملية خاصة بعد استعراض سلوك من ادعى لنفسه زعامة الأمة قديما وحديثا.
أي عروبة يتحدثون عنها فالنبي الأكرم محمد بن عبد الله كان عربيا نزل عليه القرآن بلسان عربي مبين وكذا وصيه وخليفته ووارث علمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقد نازعه الأمر معاوية بن أبي سفيان مدعيا أنه الأولى والأقدر على قيادة العرب مؤسسا لأمة مختلفة المعالم إسلامية العنوان جاهلية الأفعال أم تلك التي نزل الوحي على رسول لصناعتها وتأسيسها!!.
أمة يقودها محمد بن عبد الله وعلي بن أبي طالب عليهم السلام ليست قطعا تلك التي قادها ابن آكلة الأكباد!!.
لو استعرضنا تلك الكلمات الواردة في رسالة الإمام علي لابن هند آكلة الأكباد لفهمنا حقيقة النزاع حول تلك التي يسمونها عروبة وعلاقتها بالإسلام الحقيقي.
وَأَمَّا طَلَبُكَ إِلَيَّ الشَّامَ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لِأُعْطِيَكَ الْيَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ أَمْسِ وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَكَلَتِ الْعَرَبَ إِلَّا حُشَاشَاتِ أَنْفُسٍ بَقِيَتْ أَلَا وَمَنْ أَكَلَهُ الْحَقُّ فَإِلَى الْجَنَّةِ وَمَنْ أَكَلَهُ الْبَاطِلُ فَإِلَى النَّارِ وَأَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِي الْحَرْبِ وَ الرِّجَالِ فَلَسْتَ بِأَمْضَى عَلَى الشَّكِّ مِنِّي عَلَى الْيَقِينِ وَلَيْسَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَحْرَصَ عَلَى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى الْآخِرَةِ وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ فَكَذَلِكَ نَحْنُ وَلَكِنْ لَيْسَ أُمَيَّةُ كَهَاشِمٍ وَلَا حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَلَا أَبُو سُفْيَانَ كَأَبِي طَالِبٍ وَلَا الْمُهَاجِرُ كَالطَّلِيقِ وَلَا الصَّرِيحُ كَاللَّصِيقِ وَلَا الْمُحِقُّ كَالْمُبْطِلِ وَلَا الْمُؤْمِنُ كَالْمُدْغِلِ وَلَبِئْسَ الْخَلْفُ خَلْفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَفِي أَيْدِينَا بَعْدُ فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِي أَذْلَلْنَا بِهَا الْعَزِيزَ وَ نَعَشْنَا بِهَا الذَّلِيلَ وَلَمَّا أَدْخَلَ اللَّهُ الْعَرَبَ فِي دِينِهِ أَفْوَاجاً وَأَسْلَمَتْ لَهُ هَذِهِ الْأُمَّةُ طَوْعاً وَ كَرْهاً كُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الدِّينِ إِمَّا رَغْبَةً وَإِمَّا رَهْبَةً عَلَى حِينَ فَازَ أَهْلُ السَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ وَذَهَبَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ فَلَا تَجْعَلَنَّ لِلشَّيْطَانِ فِيكَ نَصِيباً وَلَا عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا وَالسَّلَامُ.
الالتقاء القرشي المفترض بين الإمام علي وابن أبي سفيان عند عبد مناف لا يعني بحال أن (أُمَيَّةُ كَهَاشِمٍ وَلَا حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَلَا أَبُو سُفْيَانَ كَأَبِي طَالِبٍ وَلَا الْمُهَاجِرُ كَالطَّلِيقِ وَلَا الصَّرِيحُ كَاللَّصِيقِ وَلَا الْمُحِقُّ كَالْمُبْطِلِ وَلَا الْمُؤْمِنُ كَالْمُدْغِلِ)!!.
العروبة الأموية كما المعاصرة تحاول خلط النور بالظلمات والحق بالباطل وهذا هو الدجل بعينه!!.
العروبة المعاصرة ترى نفسها خطا تقدميا وتطورا فكريا نحو الإحياء والحداثة أما واقع الحال فيقول أنها حركة سلفية رجعية تسعى لإعادة الناس إلى مرحلة الجاهلية أو ما قبل الإسلام رغم أن العرب لم يصبح لهم وجود ولا كيان إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم  (وَلَبِئْسَ الْخَلْفُ خَلْفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ).
يبقى السؤال: يمتلئ العالم بالأمم والأعراق فرس وروم وأتراك، إلا أن أيا من تلك الأمم لم يزعم امتلاكه منظومة قيمية وأخلاقية نابعة من أصله العرقي عدا أمتين!!.
العرب (خير أمة أخرجت للناس)!!.
وأمريكا التي تكافح الدنيا لنشر القيم الأمريكية!! وهي ليست ذات أصل عرقي واحد!!.
العروبة المعاصرة لا تعدو كونها نظاما إقليميا وهناك منظومات أخرى في هذا العالم، لكنها لم تدع أنها خير أمة أخرجت للناس!!.