قمة النقب: قمة دعم اسرائيل بذريعة الخطر الايراني!


هي قمة اسرائيلية بأمتياز ،حتى و إنْ كان اغلب المشاركين فيها هُمْ من وزراء خارجية العرب. قمّة اسرائيلية بأمتياز لثلاث اعتبارات ولهذه الاعتبارات بعداً رمزياً: الاعتبار الاول يكمن في مكان الانعقاد، في جنوب اسرائيل، في قرية سديه بوكير، وفي منزل و قبر رئيس وزراء اسرائيل الاسبق، والمؤسس للكيان المحتل ،دافيد بن غوريون. وربما قام الوزراء بوضع اكاليل من الزهور على قبر بن غوريون. والاعتبار الثاني هو اهداف القمّة، وفي مقدمتها تعزيز شرعية الكيان  وجوده وأمنه، وبطبيعة الحال، على حساب الشرعية الدولية والشرعية الفلسطينية. والاعتبار الثالث هو انها قمّة ارادتها اسرائيل ان يجتمع فيها عرب المشرق (الامارات والبحرين ومصر) وعرب المغرب، ومن خلال وزير خارجية المملكة المغربية السيد ناصر بوريطة، والذي صرّحَ في ٢٠٢٢/١/٢٦، وامام مجلس النواب المغربي ،بضرورة الحفاظ على “الامن الروحي الافريقي” من التشيّع الايراني، الذي حسب قوله، يهدد الامن الروحي الافريقي.

 ارادت اسرائيل ان تعطي للقمّة بعداً جامعاً عربياً ، و أنْ تبرهّن للعالم بانها كانت ولا تزال على حق، وها هم العرب الذين اخطاوا في حقّنا و حاربونا يلتمون اليوم ، وفي مقّبرة مؤسس الكيان ،وكأنهم يعتذرون عن ما مضى!

 ثلاث ملفات كانت على طاولة الاجتماع، بمسميات مختلفة و بمواضيع الساعة، ولكنها تتمحّور حول أمن اسرائيل ومصالحها، فما هي وكيف انها تتمحّور حول أمن اسرائيل و مصالحها؟

 ملف القضية الفلسطينية والمطلوب هو ايجاد حّل وفق الرؤية الاسرائيلية وليس وفق الشرعية والقرارات الدولية المُعترف بها، اي ،بمعنى آخر كيفيّة تصفيّة القضية الفلسطينية، والانتقال للحديث عن حّل القضية الاسرائيلية. ولو كان في مناقشة هذا الملف غير ذلك لما تغيّب الاردن ولَما تغيّبَتْ عن الحضور ايضاً السلطة الفلسطينية.

 ملف ايران وهو الموضوع المطلوب، والذي يخدم اسرائيل استراتيجياً واعلامياً، لتضليل الرأي العام العربي بوهم الخطر الايراني، وتمرير حقيقة خطر الكيان الصهيوني واطماعه التوسعيّة العدوانية، وواقع جرائمه واحتلاله للاراضي العربية، واصراره على رفض حقوق الشعب الفلسطيني. ليس لقّمة النقب علاقة بسلام و بأستقرار المنطقة ،لا يعرفُ السلام و لا يؤمن بالسلام كيان محتل ومغتصب ويعيش مع ملازمة الخوف والزوال.

ولو كان اهتمام المؤتمرين بسلام المنطقة واستقرارها، لسارعوا في انصاف الشعب الفلسطيني، ولسارعوا ايضاً في انهاء الحرب على اليمن. القمّة هي دعم لاسرائيل و بحجّة الخطر الايراني. ومن المفارقات بأنْ تشعرُ الدول المجتمعة في النقب بالخطر الايراني في الوقت الذي فيه امريكا، حليف و نصير المجتمعين ، تقترب نحو توقيع اتفاق مع ايران!

 المؤتمر هو بداية لتجمع عربي تحّل فيه اسرائيل محل امريكا في قيادة هذا التجمّع. ولمْ يخفْ وزرير خارجية اسرائيل هذا المسار او التوجّه حين قال بأنَّ المؤتمر سيكون بداية لمنتدى عربي اسرائيلي سنوي.

 امريكا و اسرائيل ينهلان من مصدر عقائدي واحد، الا وهو الصهيونية و الامبريالية، ولا يمكنهما الحفاظ على دورهما العالمي والاقليمي من دون الاستعانة بأفتعال الحروب وبث الفِتن واختلاق الاخطار. تعتقد قيادة الكيان المحتل اليوم بانَّ اسرائيل تعيش مرحلة تجاوز الخطر الفلسطيني والعربي الرسمي، وتواجه خطر محور مقاوم عماده ايران بالدرجة الاولى وحركات وفصائل المقاومة .

والملف الثالث هو ملف الحرب الروسيّة -الاوكرانية.

ولا يمكن تناول نقاط هذا الملف دون الاحتكام حصراً للمصالح الامريكية ومصالح الناتو، والتوجيه او الطلب الى المشاركين بمراعاة هذه المصالح سواء على الاطار السياسي او في الاطار الاقتصادي وخاصة النفط والغاز.

مع العلم بان المنطقة تشهد حرباً منذ ثمان سنوات وهي الحرب على اليمن، وكان اجدى بأمريكا وبأسرائيل ان تظهرا للرأي العام العربي والدولي حرصهما على امن واستقرار المنطقة فتتناولا سُبل انهاء الحرب على اليمن، لاسيما و اغلب المشاركين في المؤتمر هم من العرب ومن ابناء المنطقة.