سورية 2022.. ضغوط إقتصادية وانفراجات متوقعة.


مع تطورات الحرب على سوريا، واتخاذها أبعاداً اقتصادية، تُضاف إلى عناوين الحرب المتعددة، فقد شهد الاقتصاد السوري، ومنذ ما يقارب العقد، تراجعاً قياسياً نتيجة استمرار الصراع في سوريا وعليها، فضلاً عن تدمير ممنهج للبنى التحتية في سوريا، وإخراج غالبية المناطق الصناعية في سوريا، من دائرة الإنتاج والتأثير الاقتصادي، فضلاً عن قوانين العقوبات الأمريكية، والتي أثرت بدورها على استجرار منظم للمواد الأولية والأساسية التي تدخل في عملية الإنتاج، وكذا منع استجرار الوقود المُشغل للمصانع في سورية، إلا في الحدود الدنيا، الأمر الذي أثر بدوره على الطاقة الكهربائية، ومنع العديد من المعامل والورشات، من أداء أعمالها على أكمل وجه، كل ذلك أدى بطرق مباشرة وغير مباشرة، إلى ضعضة الاقتصاد السوري، وخسارة الليرة السورية الكثير من قيمتها.

وإلى جانب ذلك، فقد أسهمت تداعيات فيروس كورونا في اشتداد الأزمة الاقتصادية على السوريين خلال العامين الماضيين، حيث ارتفعت معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، ويجمع اقتصاديون في هذا الإطار، أن الاقتصاد السوري يسير من سيء إلى أسوأ، لكن لابد هنا من الوقوف على جُملة الإجراءات والمراسيم الاقتصادية الأخيرة، والتي ستكون بلا ريب، بوابة اقتصادية يدخل عبرها السوريين، للوصول إلى الهدف الأساسي، ألا وهو تعزيز قدرة السوريين المعيشية والاقتصادية.

السوريون يدركون بأن الدولة السورية، لا تملك عصاً سحرية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال، القضاء على الفساد المتجذر في المؤسسات السورية، جراء العديد من القوانين والتشريعات التي أُلغيت بمراسيم وتشريعات رئاسية جديدة، في هذا الإطار، يمكن القول بأن الدولة السورية، اتخذت جملة من الإجراءات المتتابعة، تمهيداً للوصول إلى حلول مستدامة، بغية القضاء على كافة مفاصل الفساد في سوريا؛ صحيح أن هذه الإجراءات ستأخذ وقتاً قد يطول قليلاً، لكن الصحيح أيضاً، أنه لا يمكن نسف هيكيلة المؤسسات الحكومية في سوريا، تجنباً لانهيارات في أسس الدولة، وإنما لابد من إجراءات تمهيدية، للوصول إلى إعادة هيكلة كافة القطاعات في سوريا، الأمر الذي بدأه الرئيس السوري بشار الأسد، عبر سلسلة من الإجراءات الاقتصادية، تحديداً فيما يتعلق بزيادة الأجور والرواتب.

وانطلاقًا من الواقعية في التحليل والقراءة، لابد من التذكير بما نشره برنامج الأغذية التابع لمنظمة الصحة العالمية في أيلول/ سبتمبر الماضي، إذ جاء في تقرير المنظمة الدولية، أن 90 بالمئة من السوريين، يعيشون تحت خط الفقر، حيث يفتقر 9 ملايين و300 ألف شخص في سوريا إلى الغذاء الكافي، في الوقت الذي ارتفع فيه عدد من يفتقر إلى الغذاء إلى مليون و400 ألف خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2021، أما موقع "world by mab" فأكد تصدر سوريا قائمة الدول الأكثر فقراً بالعالم، بنسبة بلغت 82.5 في المئة.

وفي ظل هذه الأرقام الكارثية، ثمة تساؤلات عن مستقبل الاقتصاد في سوريا في العام الجديد، خصوصا مع بروز مؤشرات دولية على تخفيف حدة الضغط الاقتصادي على الدولة السورية، وبناءً على تلك الوقائع والمعطيات، وفي استشراف لواقع الاقتصاد السوري، فإنه يمكن القول، إن تحسن الاقتصاد السوري أو العكس يرتبط بجملة عوامل، أهمها إعادة الانفتاح الإقليمي والدولي على سوريا، الأمر الذي شوهدت بوادره في الأشهر الأخيرة، كما أن  مشروع خط الغاز العربي، من شأنه تحقيق انفراجة مهمة لدى الدولة السورية والسوريين.

في جانب أخر لا يخلو من الأهمية الاقتصادية، فقد شاهدنا انفتاحاً عربيا أردنياً امارتياً على دمشق، فضلاً عن المساعي الروسية لجهة تعزيز الاقتصاد السوري، عبر التشاركية بين المؤسسات في سوريا وروسيا، وربط ذلك بمسارات اقتصادية إقليمية ودولية.

كل ما سبق، يؤكد بأن عام 2022، سيكون عام الانفراج الاقتصادي في سوريا، فبالتوازي بين الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة السورية في الداخل، وبين الحراك الإقليمي والدولي الجديد تجاه سوريا، ثمة معادلة اقتصادية جديدة في سوريا، قوامها انفرجات اقتصادية قادمة، وعودة الحياة للاقتصاد السوري، فضلاً عن تواجد سوريا، في غالبية المشاريع الاقتصادية الإقليمية، لا سيما خط الغاز العربي، والذي سيكون بوابة اقتصادية دمشقية، ستُعيد للدولة السورية ألقها الاقتصادي.