بايدن يستجدي بوتين رفع العقوبات والعالم الجديد يعيش عقدين من الزمن


بالأمس غصت منصات التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية بخبرأعلان موسكو فرض عقوبات على جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ومسؤولين كبارا آخرين على "قائمة الممنوعين" من دخول أراضيها.

وكان العدد الأكبر من المهللين والمطبلين والمزمرين هم للأسف من صفوة المفكرين في هذا المشرق البائس، تبا لغباء غالبية سكان الشرق الذين لم يتعلموا من الإمام علي بن أبي طالب الحكمة والبلاغة.

عندما كنت أقرأ المقالات، وأتابع التعليقات، وهم يستطردون بشرح الانتصار العظيم لروسيا، بل سبقوا الروس أنفسهم، وتحدثوا عن عملة مالية جديدة، وكيف أمريكا ستتأثر بالعقوبات المباشرة التي فرضتها روسيا، وأنا متأكد لو أن أحد هؤلاء المحللين حلل وقارن قبل أن يكتب، لفهم أن روسيا انهارت، بل أصبحت تتصرف بغباء فاقع، تجاوزت به شعوب جاهلة تعيش في مجاهل أفريقيا، بل ذكرتنا العقوبات الروسية بتصريحات وزير اعلام صدام  العراقي محمد سعيد الصحاف الذي كان يتكلم عن انتصار صدام على الامريكيين وعندما خرج وجد نفسه امام دبابة امريكية.
منذ عقود وانا اقول لن تجد شعب او جيش يدافع عن حاكمه المستبد مهما تعاظمت قوته، لذلك لم اتوقع يوما ان تنتصر دول مثل روسيا والصين وكوريا والدول العربية، وبالمقابل لم اتوقع ان تهزم ايران، فان قادة ايران يعيشون غالبية اوقاتهم بين شعبهم اما في الصلاة او المناسبات والحوارات الاسبوعية، بينما بقية الزعماء العرب وفي روسيا وكوريا والصين، فانه من الممكن ان تشاهد الله بوفاتك على ان تقابل او تشاهد احدا منهم. 
كما إن أمريكا عندما فرضت العقوبات على روسيا وعلقت نظام روسيا المصرفي استعاطت خلال دقائق أن تحجز على 320 مليار دولار، وانهار الروبل وارتفعت الفائدة 30 % وتكبدت روسيا خسائر مالية في البورصة والتجارة العالمية، تجاوزت ال 400 مليار دولار خلال ساعات.

ونحن هنا لم نتكلم عن خسائر روسيا المالية أو ما يعرف بالانفاق الحربي الذي رصدت تكلفته اليومية ب 20 مليار دولار كنفقات حرب.

بالمقابل ماذا فعلت روسيا فرضت عقوبات على بايدن وفريق عمله، ومنعته من دخول أراضيها، من يقرا هذه العقوبات يقول في نفسه ما هذا الهراء وهل يعقل أن بايدن متواجد يوميا في روسيا يتناول الفودكا كي يتم منعه.

أما المحلل فيقول في عقله هل يعقل أن الإدارة الروسية قد جنت لتصل إلى مكان لا قدرة لها إلا منع أناس أصلا لا يدخلون أراضيها، وبالمقابل إذا قارنت بين العقوبات التي استفادت منها الإدارة الأمريكية، حيث أقله صادرت عشرات مليارات الدولارات، وبين العقوبات الروسية لوجدنا الأمر يدعو إلى السخرية.

وأضف إذا شاهدنا كيف رؤوس الأموال تهرب خارج روسيا حيث القسم الأكبر تم تهريبه إلى كيان العدو، لتسألنا في أنفسنا، هل يعقل أن ما يجري هو مسرحية هزلية، أما حقا هناك مخطط كامل كي تنتقل أموال اليهود واستثماراتهم إلى كيان العدو.

من ينكر أن روسيا تغرق فعليا عليه أن يتحسس العضو الذي يفكر به، فالعقل بريء من تحاليل تتكلم عن الانتصار.

من يريد أن يجعل عقله يتقاعد مبكرا ويتوقفعن أداء وظيفته، هذا حقه، انما أنا ولو بقيت وحيدا سأقول ما أنا مقتنع به إن كل ما يجري مسرحية كبيرة ستؤدي إلى تقسيم روسيا وانتهاء أوروبا وتفكك أمريكا، وانقراض عصر الحروب بين الرأسمالية والاشتراكية، ونحن نتوجه إلى النظام العالمي الجديد الذي عنوانه صدام وصراع الأديان، حيث يكون مركز العالم الجديد في مدينة اور بالعراق، وسيطرة اليهود على الكتلة الغربية وجزء من العالم العربي، بالمقابل بروز إيران كقوة عظمة، واستعادة دور الكنيسة من خلال الفاتيكان سياسيا، ودور أكبر لتركيا.

بمعنى أوضح، في النظام العالمي الجديد، سيحل اليهود مكان أمريكا والكنيسة مكان أوروبا وبريطانيا، وإيران مكان روسيا، ويبقى الجزء الآسيوي من باكستان والهند والصين غارقا في أزماته ربما يتمدد صناعيا لكنه سيغيب سياسيا لمدة تتجاوز الأربعة عقود.
كل شيء يتغير حتى امريكا بدات تتخلى عن الاشياء العسكرية التقليدية التي لم يعد لها فعالية تذكر، فقد باعت حاملة الطائرات الامريكية"يو اس اس كيتي هاوك" بدولار واحد لشركة كي تفككها الى قطع خردة، وهذا الامر سيسري على بقية الاساطيل والمعدات العسكرية الامريكية التقليدية، لم يعد بالامكان تطوير المفاهيم الفكرية والنظم القديمة، من الشيوعية والاشتراكية والراسمالية والعروبة، جميعها انتهت في زمن العالم الافتراضي، فاليوم الملك والرئيس وعالم الفضاء ليسوا اكثر معرفة من طفل قادر ان يجول في عالم الانترنت.

لذلك العالم يتغير ويقسم وحكما عالمنا العربي سيتغير وسيقسم إلى أجزاء، وتندثر كافة المظاهر التي كنا نعرفها من نظم حكم وغيره، وعلى صناع القرار الجدد أن يبحثوا عن من يساهم برسم المشهد الجديد، فالنظام العالمي الحديث سريع المتغير، فإن كان النظام العالمي القديم قد عاش ألف عام منذ عام 600 ميلادي أي منذ ظهور الإسلام والحكم البيزنطي حتى عام 1192، فإن النظام العالمي الثاني عاش تقريبا خمسمائة عام منذ الحروب الصليبية حتى الثورة الفرنسية، ثم النظام العالمي الثالث عاش مئتي عام منذ عام 1880 حتى عام 1917 حرب العالمية الأولى، وبينما النظام العالمي الرابع عاش مائة عام منذ 1922 حتى عام 1917، فإن النظام العالمي الخامس وهو الأخير لن يعيش طويلا أبدا ربما عقدين أو ثلاثة، وهناك مقال نشر في: 25 – 9-2017 تحت عنوان سر بناء القاعدة الأمريكية في إسرائيل لناجي أمهر فيه الكثير من الشرح لما يحصل الآن.