نفاق البنك الدولي


في الذكرى السنوية لوعد السفيرة الأمريكية شيّا الكاذب باستجرار الكهرباء إلى لبنان من خلال اقتراضه من البنك الدولي.

طالعنا بالأمس تقرير من البنك نفسه قد تمت صياغته بكلمات منمّقة وعبارات مشذّبة غلّفت بالنفاق والتضليل حتى كأن القارئ يتعجب من مستوى اللطافة والرأفة والتعاطف والرقة التي أبداها البنك مع آلام اللبنانيين جراء الانهيار المالي المتعمد الذي أصاب لبنان والحسرة التي أظهرها على المودعين نظراً لضياع ودائعهم بسبب ما سمّاه قسوة عند السياسيين ومساهمي البنوك وكبار الدائنين الذين استفادوا من سياسات مصرفية مغرية طيلة ثلاثين سنة.

إن أول ما يستوقف المراقب هو هذه الفجوة الكبيرة بين كلام البنك الدولي في تقريره وسلوكه.

-أليست أمريكا وحلفاؤها هم الحاكم الأول في البنك كونهم يملكون غالبية الأصوات فيه إذاً لماذا سمحوا لهؤلاء السياسيين وكبار الدائنين والمساهمين في البنوك اللبنانية الذين يدورون في فلكهم ويأتمرون بأوامرهم بتهريب مليارات الدولارات التي جمعوها من خلال سياسات مالية وضرائبية ومصرفية فاسدة ومن قروض للبنك الدولي سابقة بالخروج من لبنان إلى بنوكهم ليشكل ذلك سبباً رئيسياً في الانهيار المالي وهم الحريصون على تتبع حركة ومصدر أي مبلغ يزيد عن الألف دولار إذا ما أراد أي شخص في العالم تحريكه من دولة إلى أخرى.

-كيف نستطيع أن نثق بهذه المهنية العلمية المقترنة باللطافة والرقة إذا ما استذكرنا القسوة العملية التي جعلت البنك الدولي وخلافاً لما هو موجود في رسالته وأهدافه وسياساته المعلنة يدخل معيار الجدوى السياسية في قراراته فيمنع بذلك إقراض لبنان لاستجرار الكهرباء عبر سوريا في سابقة لم تشهدها المنظمات الدولية المالية بهذا الشكل الوقح.

-أليست أمريكا هي التي تدير الأزمة الاقتصادية عندنا في لبنان التي أدت إلى الانهيار المالي والحامي الأول لمهندسه حاكم المصرف المركزي أو ليست هي من حاولت استغلال ذلك كله بثورة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩م السوداء للإمساك بقرار الدولة وقد وجدنا جنودها من عاملي منظمات المجتمع المدني ومسؤولي الجامعات الأمريكية وطلابها المترفين قادة لهذه الثورة التي تطالب بحقوق الفقراء الذين نهبهم وسرقهم أتباعها الأغنياء من السياسيين وكبار رجال الأعمال ومدراء البنوك.

كفى تضليلاً ونفاقاً وقد غررتم بالعديد من الوزراء اللبنانيين الذين وثقوا بوعودكم فبنوا تمويل خططهم على قروضكم ليفشلوا في تنفيذها.     

إن الخائب من يثق بكم وقد علمتنا تجاربكم السابقة في الدول المنهارة أنكم أداة إفساد وإذلال واستغلال وإفقار ويد لأمريكا طولى في حربها الاقتصادية على الدول.