أين تذهبون؟!


(فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ َ* ومَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) التكوير 26-29. 

 

(فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ وَأَنَّى تُؤْفَكُونَ وَالْأَعْلَامُ قَائِمَةٌ وَالْآيَاتُ وَاضِحَةٌ وَالْمَنَارُ مَنْصُوبَةٌ فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ وَكَيْفَ تَعْمَهُونَ وَبَيْنَكُمْ عِتْرَةُ نَبِيِّكُمْ وَهُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ وَأَعْلَامُ الدِّينِ وَأَلْسِنَةُ الصِّدْقِ فَأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ الْقُرْآنِ وَرِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِيمِ الْعِطَاشِ). علي بن أبي طالب عليه السلام. 

 

أن تكون صاحب رأي فلا يعني هذا أن تكون صاحب قرار أو أمر مطاع أو حتى شريكا في صنع قرار! أي قرار!، كما أنه (لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ). 

 

أزعم أيضا أنني لا أمتلك خطة أو ما يسميه البعض مشروعا سياسيا أو فكريا بغض النظر عن تقييم المتابعين لما أطرحه من رؤى، وليسمه هؤلاء الأعزاء ما يروق لهم أما أنا فلم أضع لهذا الإنتاج الفكري عنوانا كبيرا أو عريضا. 

 

قدمت ما لدي من رؤى وأفكار بقدر ما توفر من إمكانات ولا نزعم أن كل ما كتبناه هو عين الصواب. 

 

السؤال الذي يتعين على أصحاب القرار في عالمنا الإسلامي الإجابة عليه هو ذاك الذي طرحناه عنوانا للمقال بغض النظر عن رؤيتي المطعون فيها خاصة وأن (شخصي الكريم) لا يروق لبعض (عشاق المال والجمال). 

 

قبل أعوام تواصل معي صديق محترم توفاه الله وناقشني في أمر ما ولما أوضحت له وجهة نظري قال لي (المشكلة في شخصكم الكريم)!!. 

 

السيد الفاضل رحمه الله عاش في كنف الإخوان والعمل الاشتراكي والملك فهد ومبارك وأحيانا إيران، كما عاش في كنفه الجن الأزرق وبالتالي فلا مشكلة في (شخصه الكريم) حيث استطاع أن يجمع بين كل تلك المتناقضات!!. 

 

هل تعرفون الجن الأزرق؟!. 

 

(المشكلة التي في شخصي الكريم لا ترتبط قطعا بأي توجه سياسي) وهي تتمظهر بعدة مظاهر فتارة هو (منغمس في السياسة) وهذا ربما يثير علامات استفهام حول (موقفهم السياسي) الذي يتعين تبييضه بين الفينة والأخرى، والمعنى ألا مشكلة لديهم في (السياسة) من حيث المبدأ بل في التوجه السياسي!!. 

 

إنها إذا مشكلة (شخصية) وربما كان لها وجوها فكرية إلا أن الخصومة الشخصية هي الأساس. 

 

مات الرجل –رحمه الله- بعد أن خسر آخر عمره أغلب هذه الأوراق بعد أن غضب صديقه الأمير نايف عليه لأنه قال (أن السعودية فرغت الشريعة الإسلامية من مضمونها)، كما غضب عليه حسني مبارك بعد أن اتهمه بتدبير اغتيال رفعت المحجوب، ومنعه من الفوز بعضوية البرلمان عام 2000 م أما صديقه الراحل إبراهيم شكري فقد انقلب هو عليه وقبل بالتعيين عضوا في مجلس الشورى رغم قرار حزب العمل وقتها برفض التعيين. 

 

أما أنا والحمد لله فلم أخسر شيئا من هذا النوع لأني لم أحصل على أي من تلك (المكاسب) التي لم تكن من وجهة نظري مكاسب على الإطلاق. 

 

ذهبت الدنيا وتفلتت من يد الرجل كما تفلتت من غيره (ومن يصحب الدنيا يكن كمن يقبض يديه على الماء خانته فروج الأصابع). 

 

يقول الإمام الصادق عليه السلام: (عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له وانظروا لأنفسكم فو الله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي فإذا وجد رجلا هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها، والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرب بها ثم كانت الأخرى باقية يعمل على ما قد استبان لها ولكن له نفس واحدة إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم). 

 

أضن بنفسي أن أجرب بها وعندها تضيع فرصة التوبة والعودة إلى الصواب. 

 

ورغم ذلك فهناك لائحة من الاتهامات تلاحقني أهمها تهمة (الاستغراق السياسي)!!. 

 

ليت أحد جهابذة تفسير الأوهام يفسرها لي وسأتنازل مقابل ذلك عن بعض مكتسباتي والتسليم فورا!!. 

 

أعرف إلى أين أريد الذهاب (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ * وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ). الصافات.