صناعة الفوضى


يرتبط مفهوم الفوضى بمفهوم الاستقرار وذلك يعني إشاعة عدم الأستقرار وتحويل الحالة الطبيعية والمستقرة الى حالة يغيب فيها النظام والقانون.
وأرتبط مفهوم الفوضى سياسياً بالنظرية الأمريكية الشهيرة "صناعة الفوضى الخلاقة" التي أتت بها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس في عهد الرئيس الامريكي بوش الأبن ، وسيقت هذه التجربة الى الشرق الأوسط وبدأوا بتطبيقها في العراق مع دخول الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 حيث اشاع الجيش الأمريكي الفوضى في كل مكان وأستباح كل شيء وترك عصابات السلب والنهب تسرق كل شيء تقريباً ، بل هم أنفسهم سرقوا كنوز العراق وثرواته واثاره النفيسة.
ورب سائل يسأل لماذا تريد أمريكا زرع الفوضى في الشرق الأوسط ؟؟ والسؤال منطقي جداً طالما أن هناك مناطق كثيرة في العالم محط أهتمام وأكثر ثروة وموقع جغرافي.
فامريكا تريد صناعة الفوضى في منطقة الشرق الأوسط حتى تبقى هذه المنطقة ضعيفة مسيطر عليها سياسياً وأقتصادياً من قبل واشنطن وتل أبيب ، فصناعة الفوضى ليست جديدة ولكن أمريكا بدأت بتطبيقها في المنطقة خدمةً لأسرائيل ، فلم تشهد المنطقة العربية أستقراراً منذ زرع الكيان الاسرائلي في قلب الأمة العربية وشهدت المنطقة حروب ونزاعات وخلافات عرقية ومذهبية بدأت ولن تنتهي ، وبالنتيجة نجد أن كل من يقف وراء كل هذه الأضطرابات والحروب والمؤامرات أمريكا وأسرائيل.
والعراق نموذج واضح لتطبيق هذه النظرية فبعد أن كان العراق قبلة للعالم العربي وبعيداً عن الصراعات الطائفية والعرقية أصبح منذ دخول الأحتلال الأمريكي مرتعاً لكل عصابات ومتطرفي العالم ، وهذا لم يأتي بالصدفة وإنما كان هناك دور للأحتلال في إجتذاب هذه التنظيمات في عملية سميت في وقتها ب" عش الدبابير " تعتمد على تجميع ارهابيي العالم في العراق والقضاء عليهم مرة واحدة ضمن محاربة الأرهاب بحسب الرؤية الأمريكية ، وبسبب هذه النظريات الشيطانية عاثت هذه العصابات فساداً في الأرض ودمرت كل ما لم تدمره الماكنة الحربية الأمريكية ، وأصبحت المفخخات والأنتحاريين والسيارات الملغمة تحصد ارواح العراقيين في كل يوم تحت أنظار القوات الأمريكية التي بدت عاجزة عن إيقاف حمام الدم ولكن الحقيقة هي كانت من تغذي هذه العصابات وتترك لها المجال لتنفيذ هجماتها.
وهذا النموذج طبق أيضاً في سوريا وليبيا وتحاول تطبيقه في دول أخرى مثل اليمن ولبنان ومصر وتونس والسودان.
واليوم تلعب أمريكا نفس اللعبة من جديد في العراق بعد أن إنكشفت اللعبة وأستطاع الشعب العراقي بفضل المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف القضاء على عصابات داعش ونسف هذه المؤامرة وعادت اللحمة الوطنية من جديد ، فجاء الثأر الأمريكي من هذا النصر بحملة أعلامية جندت لها أقلام مأجورة ومواقع تواصل اجتماعي وفضائيات وبرامج موجهة كلها تعمل على هدف واحد هو النيل من الحشد الشعبي وأنتصاراته وتصويره على أنه ميليشيات تابعة الى أيران وأنه يهدد السلم المجتمعي.
ومن جهة أخرى تحاول امريكا من خلال عملائها تصوير الوضع السيء الذي يمر به العراق على أنه بسبب فساد السياسيين الشيعة ويالأخص الأحزاب الأسلامية في محاولة لضرب هذه الأحزاب وتسقيطها سياسياً لأنها كانت النواة للحشد الشعبي وأسهمت في ديمومة وأنتصار هذا الحشد.
من خلال هذه المعطيات لا زالت أمريكا تلعب الدور الخبيث في العراق من خلال زراعة بذور الفتنة ودعم شخصيات ومكونات لكي تعيد الفوضى الى العراق وإبعاده عن مسار الديمقراطية والبناء ، لذلك ترى النماذج التي تقود البلد فاشلة والأقتصاد متردي والخدمات تكاد تكون معدومة وتحدث بين فترة وأخرى هزات في المجتمع من أجل إثارته وبرزت هذه التحركات من خلال خلق جيل ناقم على كل شيء ومتذمر ويخرج الى الشارع ويقوم بحرق كل شيء ولا تستغرب اذا كانت هذه المجاميع تحرق المستشفيات ومحطات الكهرباء والماء وكل ما يمكن أن يحقق الأستقرار.
في حال فشل هذه الصفحة ستذهب هذه المجاميع الى ضرب المقدسات إما بأنتهاك حرمة الأماكن المقدسة أو أغتيال شخصيات دينية أو مجتمعية مرموقة حتى تحرك الشارع وتحرض على الأقتتال الداخلي وهذا غاية ما تريده أمريكا من العراق بلد ضائع الهوية بلا مستقبل وثرواته منهوبة بعيد عن الحضارة بعيد عن التقدم العلمي يعيش في أدنى مستويات المعيشة ولا يمتلك اية فرصة للتقدم أو أستعادة مكانته.
ولكن بوجود المرجعية الرشيدة والأرث الحضاري العميق لهذا الشعب ، فأن هذه المخططات رغم خطورتها ستذهب ادراج الرياح ، نحن نراهن على أبناء الشعب من المثقفين والشباب الواعي في التصدي لهذه المخططات الشيطانية