في لبنان يوجد أرباب مصالح ولا يوجَد أرباب اوطان


لقد اكتشفنا في لبنان شيئاََ جديداََ مهماََ جداََ، هُوَ أن أي مسؤول فاسد من أي طائفة كان تمتد يَدَهُ إلى المال العام يصبح مشروع مسؤول تُعرَض عليه المناصب بسخاء ويتمتع بحصانه ويَتَدَلَّل،
وأكبر مِثال على ذلك نجيب ميقاتي الرئيس السابق لحكومتين سابقتين  في لبنان المتهم بثلاث قضايا جُرمِيَة  مطلوب بموجبها الى القضاء اللبناني للتحقيق معه،
منها قضية الإسكان، وإستغلال منصبه ومَد يدِه على العام، والإثراء غير المشروع،
اليوم في لبنان الجميع يتداول إسمَهُ ويترَدَد بكثرَة لتعويمه وتسميته في الإستشارات النيابية الملزِمَة التي سيجريها رئيس الجمهورية يوم الإثنين القادم في قصر بعبدا،
بينما هوَ يقضي إجازته الأضحاوية في اليونان وسيعود اليوم الجمعه الى بيروت لكي يضع شروطه مقابل موافقته على التكليف،
في سابقة غريبة عن عالم السياسة اللبناني حيث أنها لَم تحصل من قبل أن يُعرَض منصب بهذا الوزن على شخصية سياسية ويتدلل ويطلب وقتاََ للتفكير وموافقته مقرونة بشروطه!
فعلاََ بَلد العجائب لبنان، 
إذ لا هَم عند المسؤولين اللبنانيين إلَّا هموم مصالحهم الشخصية ولا هم يشغلهم يخص الشعب أصلاََ ولا  موضوعين على قائمة إهتماماتهم الرئيسية إنما فقط على القائمة الإعلامية لخداعهم وإمتطائهم بشكل دائم.
الرئيس بِرِّي يريد ميقاتي لأنه يُشكِل إستمرارية وضمانه لمشروع الطبقة الحاكمة  ولا يُحيد عن الخط الذي يرسمه له، 
وسعد الحريري يدور مع الرئيس بِرِّي كيفما استدار كدوران الحق مع علي بن أبي طالب عليه السلام، ويحيطُ بهِ كما تُحيط القلادة حول جيد الفتاة،
جبران باسيل يريد ضرب عصفورين بحجر واحد فهو يناور في طرح إسمَي فيصَل كرامي لإرضاء حزب الله، ونواف سلام لإرضاء واشنطن،
وفي الحقيقة هوَ يَتَّبِع أسلوب الضغط النفسي على الرئيس ميقاتي قبل تسميته تمهيداََ للحصول منه على إمتيازات حكومية في حال سارت الأمور معه كما يجب؟
أيضاََ باسيل لن يستمر بمغازلة جعجع طويلاََ ولن يقف معه على نفس السطر لكي لا يُسَجَل له نقطة إضافيه عليه، 
وتُحسَب للقوات وليسَ للتيار عملية تحصيل أي امتيازات في حكومة ميقاتي لو وُلِدَت(ولن تولَد) ولكن هوَ يناور من باب الإحتياط، فهكذا يقتضي عالم السياسة أن يفعل.
** سمير جعجع يتريث عن إعلان موقفهِ وربطه بإجتماع كتلته اليوم بهدف عدم إستباق الأمور قبل أن تَتَضِح الصورة أكثر وتنجلي أمام الجميع ليبني على الشيء مقتضاه فهو الوحيد من حلفاء واشنطن والرياض في لبنان مرتاح على وضعه السياسي ويراقب بهدوء وعمق.
اللقاء التشاوري خرَج منه النائب الشمالي جهاد الصَمَد فور تداول إسم نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة  لتفادي الإحراج لكتلته التي ربما لن تسميه،
ولكي يضمن لنفسه منه رضاََ ودعم في الإنتخابات النيابية القادمة، 
ضارباََ بعرض الحائط الخط السياسي العريض الذي ينتمي إليه حيث طَغَت مصلحته الشخصية على المصلحة العامة التي تريدها المقاومة وتعمل عليها وكذلك أغلبية حلفاء المقاومَة يفعلون.
تيار المستقبل سيسمي ميقاتي بناءََ على إتفاق مسبق مع حركة أمل بعد الإستماع للرئيس بري.
ليد جنبلاط الدرزي الذي يعتبر نفسه من أبناء عمومة الشيعه أتباع أهل البيت قَرَر أن يخرج من تحت عبائَة أهل السُنَّة السعودية ودار الفتوَىَ وهوَ سيكون مع ما يقرره سعد الحريري في اللحظات الأخيرة، والتَرَيُث الآن سيد الموقف لديه.
أما حزب الله لَن يمانع في تسمية نجيب ميقاتي حتى لو لَم يسميه هوَ في الإستشارات المُلزِمَة ولكنه سيمنحه حتماََ الثقة (إذا) التزم ميقاتي بضوابط البيان الوزاري الذي سيصدر عن حكومته تسهيلاََ لحل الأزمة وتمرير الوقت على الأميركيين.
إذاََ نجيب ميقاتي في حال تَمَت تسميته  سيقع بين سندان المقاومة ومطرقة واشنطن فهل سينجح في اقناع واشنطن بتمرير البيان الوزاري والذهاب نحو حل وسط لتمُر حكومته بسلام مع العلم أنه غير جَدي بإنقاذ الوضع كونه يمثل جزء أساسي من الطبقة الحاكمة الفاسدة في البلاد؟ أم أنه سيصدم بعنادها وسيضطر للإعتذار لأن لبنان يختلف عن كل دوَل المنطقة بتركيبته الطائفية، 
وفي حال إصرار حزب الله على بند الدفاع عن لبنان ورفض أمريكا ذلك فأنه لن يكون أمام الميقاتي إلَّا الإعتذار الذي سيَليه إنفجار ليسَ لأنه المنقذ أبداََ بَل لأن المرحلة تكون قد أنتهت ولا بُد من نار تأكل الأخضر واليابس ليقع الجميع تحت المسؤولية ويصبح الجوع دم ويشعر أولئك بالخوف على انفسهم واولادهم ومصالحهم ولأن ميقاتي أحد أكبر غلمان أميركا في لبنان ويعتبَر يدها الطولَىَ وهم أحسنوا إختيار القياس وهوَ منخرط في مشروعهم حتى النخاع الشوكي فهو سيساهم في تحقيق الأهداف الأميركية التي تصب في مصلحة اسرائيل،
 ولكنه يعرف جيداََ أين يلعب وحجم الملعب ومع أي نوع من اللاعبين فهوَ أذكى من سعد وأدهىَ من نبيه ويده أطول وأخف من يد فؤاد السنيورة.