وعادت البصرة، "عاصمة العراق الاقتصادية"


هي البصرة تستقبل "خليجي 25".. حيث لقاء التاريخ بالحضارة مع دجلة والفرات، في ثاني أكبر مدن العراق، تتكئ على الضفة الغربية لشط العرب، حيث يلتقي دجلة والفرات، وهي ميناء العراق الأوحد. فقد سُميت مدينةَ المدن، بسبب دورها النضالي وموقفها البطولي وتحمّلها تحديات العصر، ومقاومتها قوى الشر والعدوان، وصبر أهلها على تحمّل المحن. في البحث عن مدينة البصرة وتاريخها القديم. وأغلبية الكتب الموجودة متنوعة في تعريفاتها من خلال الرجوع إلى مصادرها المتعددة. لكن المتفَق عليه هو أن "مدينة المدن" ذائعة الصيت في عالم التاريخ، وحافلة بحضارتها و ثقافتها وعلومها. خرج منها كثير من العلماء والأدباء والمفكرين، وارتفعت فيها أمواج العلم والحضارة، وغاصت في بحور من الصراعات.

نعم هي اليوم، على نحو غير مسبوق، منذ ثمانينيات القرن الماضي، تكتظّ بآلاف من الوفود الرياضية والمشجعين تزامناً مع انطلاق بطولة كأس الخليج لكرة القدم، للمرة الثانية في العراق، منذ 44 عاماً.

الواقع أن للبصرة حدود دولية مع السعودية والكويت جنوباً، وإيران شرقاً. وتتضارب الروايات التاريخية بشأن تاريخها، لكن المؤكّد أنها تُعَدّ ثانيةَ أكبر مدن العراق. وهي من المناطق التي يعيش فيها كثير من الحيوانات المهاجرة، وتشتهر بأشجار النخيل، ويوجد فيها أكثر من ستة ملايين نخلة، ويناهز سكانها أكثر من 5 ملايين نسمة، بحسب تقديرات عام 2022.

من البصرة انطلق السندباد لخوض رحلاته ضمن أساطير "ألف ليلة وليلة"، وهو تميمة بطولة كأس الخليج. اختير السندباد البحري الشخصية الأسطورية. وجاب البحار والمحيطات، ساعياً وراء التجارة، ومنطلقاً من البصرة. سندباد، تميمة "خليجي 25"، التي تحكي قصص رحلاته البحرية السبع، ها هو يعود إلى المدينة في رحلة ثامنة بصحبة شقيقاته السبع، في إشارة إلى منتخبات الدول السبع المشاركة.

يوجد في البصرة 17 ألف مسجد. وتقول المصادر إن الرقم الكبير يعود إلى عدة عوامل، أهمها اتساع رقعة المكان، وانتشار الديانة الإسلامية في المنطقة بصورة كبيرة. كذلك، تحوي المنطقة جامع البصرة، وهو أول مسجد بُني في العراق، وبناه عتبة بن غزوان من قصب وجعله وسط المدينة، فكان ملتقى العلماء وقبلة طلاب العلم.

لقد جاءت بطولة كأس الخليج فرصة في التعريف بالبصرة والتعرف إليها؛ المدينة التي أرادها الغزاة استراحة لجيوشهم وامتداداً لأراضيهم، فكانت مهد الثقافة العربية. تفجرت فيها ينابيع النحو والصرف، وقامت فيها دنيا الشعر والأدب والفلسفة والفكر.

في الوقت الذي تشهد فيه "عاصمة العراق الاقتصادية" البصرة، أهم حدث رياضي في منطقة الخليج، ما أهمية هذه المنطقة بالنسبة للعراق؟. يشهد العراق في هذه الأيام حدثاً رياضياً اسثنائياً، فبعد 44 عاماً على الاستضافة الأولى، انطلقت في مدينة البصرة التي يقال عنها "ثغر العراق الباسم"  النسخة 25 من كأس الخليج.

نظراً لأهمية هذه المحافظة، صوت البرلمان العراقي عام 2017 على قانون "البصرة عاصمة العراق الاقتصادية"، لإنشاء مركز تجاري عالمي فيها وتحسين البنى التحتية وتوسيع الموانئ وأحداث تنمية اقتصادية شاملة وغيرها من الأمور. ووفق خبراء عراقيون فإنّ هذا القانون وفي حال تطبيقه سيخلق كثيراً من الفرص الاستثمارية الجديدة، ويجذب مزيداً من رؤوس الأموال إلى محافظة البصرة، فضلاً عن انتعاش قطاعات الصناعة والزراعة والإسكان والخدمات اللوجستية. بالإضافة إلى ما ورد، تعتبر البصرة الميناء البحري الرئيسي للعراق، بإطلالتها على الخليج بساحل طوله 58 كيلومتراً، وهذا يمثل 1.6% من مجموع حدود جمهورية العراق البالغة 3809 كيلومترات. وفيها يلتقي نهرا دجلة والفرات في منطقة تسمى كرمة علي، ويكونان نهر شط العرب الذي يصب في الخليج. ووفق منصة الطاقة المتخصصة بالأخبار الاقتصادية فإنّ ميناء البصرة يعد المنفذ الرئيس للصادرات العراقية، إذ يستحوذ على غالبية النفط الخام المصدَّر من حقول وسط العراق وجنوبه. كما يحتوي الميناء على 4 منصات تحميل، ويمكنه تصدير ما يصل إلى 1.8 مليون برميل يومياً، وفق المنصة.

بالنظر إلى (خليجي 25)، سينعكس هذا الحفل الرياضي على العراق بشكل عام والبصرة بشكل خاص وذلك بناء على ما أعلنه رئيس هيئة المنافذ الحدودية عمر الوائلي، عن دخول 34 ألف وافد عبر مطار البصرة ومنفذ سفوان لحضور (خليجي 25). فقبل أيام من بدء هذا الحدث أعلنت الحكومة العراقية منحها سمات دخول مجانية للوافدين من دول الخليج فضلًا عن تأكيد الحكومة على إمكانية الوافدين استخدام الطرق البرية لدخول العراق، أو من خلال مطار البصرة الدولي. بالتزامن، أعلنت وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، عن تجهيز 35 فندقاً في محافظة البصرة، لاستقبال وفود وجماهير بطولة .

تبقى في الأخير هي الايرادات ستكون  بملايين الدولارات بناء على أسعار التذاكر التي تنقسم إلى 4 فئات، وهي الأخضر(30 دولار) والأصفر(20 دولار) والأحمر(14 دولاراً) والأزرق(10 دولاراً). وكذلك تبقى هي البصرة وقد عادت كــ"ثغر الخليج الباسم" و"عاصمة العراق الاقتصادية".. عبر "خليجي 25".