تركيا ودورها العدواني في المنطقة


خلف الكلام التركي المعسول تتوارى أطماع خبيثة ونوايا عدوانية كشفتها يوميات الحرب على سورية التي لعبت فيها أنقرة دور رأس الحربة والقاعدة التي تجمعت فيها خيوط شبكات تخريب ومنصات تنظيمات إجرامية وأبواق إعلامية ساهمت بصورة منظمة  في حملات تدمير سورية وتزوير الوقائع انطلاقا من كذبة الثورة التي كانت أول ما احترق في شمس الحقيقة السورية الساطعة. 
أولا سبقت الإشارة في مقالات سابقة إلى التفهم الموضوعي والأخوي لكل ما تفتضيه المصالح الإيرانية والعراقية من شراكات مع تركيا بحكم الجوار الإقليمي والشراكات العابرة للحدود وحجم نطاق المصالح والتشابك السكاني العابر للحدود لكن هل يعقل أن تتطور تلك العلاقات البينية بعيدا عن ميزان الموقف من دولة شقيقة ومحورية كسورية وهل يعقل ان ينظر إلى مستقبل المنطقة في أي اجتماع اقليمي للتشاور والتنسيق بتغييب سورية عمدا عن نصابه وهي العماد والقلب في الاقتصاد والاستراتيجيات منذ العصور القديمة حيث لم تقم أي امبراطورية مستقرة لا تحتوي دمشق ولم تستقر سطوة اقليمية عابرة لأقاليم الشرق مالم تجمع دمشق وبغداد معا وحتى الحقبة العثمانية  لم توطد دعائمها خارج هذه القاعدة التاريخية الجبرية وتوسلت مشروعيتها من عاصمتي المشرق وبلاد الشام بالذاكرة الأموية العباسية المدمجة التي أراد العثمانيون تأكيد انتسابهم إليها.
الشراكة في مثلث المشرق سورية والعراق وإيران هي نتاج دينامية تاريخية في الجغرافية أتاحها انتصار الثورة الإيرانية وتداعياته الاستراتيجية في المنطقة التي انطلقت وتنامت بفضل سورية وحزب الله الذي   كان دوره المرجع السياسي والمرتكز الاستراتيجي.
ثانيا  من أبسط واجبات الأشقاء بالعرف الأخلاقي وبالدافع المصيري مقاومة التطاول العدواني على دولة شقيقة وردع محاولات اقتناص الظروف للنيل منها ومن مصالحها بمنطق استضعاف وسلبطة وهم يعلمون أن سورية حين تتعافى تملك من مقدرات القوة ومقومات الجغرافية  والاستراتيجية ما يتيح لها أن تذيقهم بعضا من مرارات ما أذاقوها ولكن التسامح السوري كان دائما وما يزال حتى الساعة أكبر من أي نزعة ثأرية.
في الجدار التركي الاستراتيجي ثقوب ومسارب كثيرة لم تمتد فيها او تتحرك أصابع سورية بل إن القيادة السورية صدت كثيرا من السانحات والمحاولات التي التمست فيها التباسا وشبهة تنافي مبادئها وأخلاقيات ولم يكن يوما في حسابها منطق الغاية التي تبرر الوسيلة وهذه الحصانة الأخلاقية التي تميز الموقف السوري النبيل مع الجوار قوبلت بالغدر والتربص والتآمر بكل أسف ويقينا حين ستقطع سورية أذرع التدخل والعدوان والتخريب ستمد يد التعاون والشراكة الإقليمية للجار التركي من غير أي ضغينة او عداوة وهذا الرشد التاريخي والاستراتيجي هو من أعمدة حكمة الأسدين الحافظ والبشار.
ثالثا   ما قدمته الشقيقة إيران في سورية كبير وعظيم ومقدر ولكن بمستطاع إيران قيادة تحرك سياسي وإقليمي لردع العربدة العدوانية التركية ضد سورية بدءا من إعلان طهران موقفا سياسيا صارما سيكون صداه قويا في اسطنبول وصولا إلى الانذار بتدابير رادعة اقتصادية ومالية تملك إيران بواسطتها سطوة التأثير والتصويب ومن يدرس ملفات الشراكة التجارية بين الجارين يعرف مقدار المونة الإيرانية وقدرة طهران على التأثير بمجرد اظهار ملامح العتب والقلق ولا نقول الشروع في تدابير ردع وتأديب مع العلم ان سورية تستحق بادرة مشابهة بفعل شراكة المصير وما لها من رصيد في حسابات طهران الاستراتيجية على جبهات عديدة في المنطقة وفي الدوائر الدولية الأبعد.
تصويب السلوك التركي اتجاه سورية هو شرط الوجوب لتنقية البيئة الإقليمية من ادران وحساسيات وعقد خطيرة ينصبها سلوك اسطنبول المتعجرف الذي يعرف جميع المتابعين في العالم  - في الغرب والشرق -مدى دونيته ووضاعته في توسل الرضا الأميركي وتنفيذ كثير من المهام القذرة مثل سائر وكلاء الاستعمار وعملائه الصغار.