في احتجاجات السليمانية !.


مشهد الصورة التلفزيونية لاحتجاجات طلبة السليمانية يستعيد في الحقيقة مشهد الاحتجاجات الطلابية في فرنسا عام 1961 ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية للرئيس الفرنسي الاسبق شارل ديكول .. وما بين السليمانية وباريس خيط رفيع من همة الطلاب وحماسة الافكار الثورية وعطش الطبقات المثقفة للحرية والحياة الافضل !.
ما الذي يجري في هذه المدينة الكوردية العراقية حتى تلتهب شوارعها بنيران الشرطة وصيحات الطلبة وتزداد كثافة عند مداخل المدينة واحيائها لترسم صورة خارج اسوار المدينة التي شهدت تاريخيا موجات من العنف الحكومي زمن النظام السابق وموجات من الازدهار والبناء الاجتماعي والاقتصادي منذ 1991 يوم اقرت الولايات المتحدة الامريكية حدود النوفلايزون على كامل المنطقة الشمالية وابقت طيران النظام العراقي السابق فوق مدن الجنوب التي دفعت ضريبة المقاومة اضعافا؟.
اظن ان هذه الاحتجاجات تشرينية المنشأ وضرورية لانها ثورة شعبية تحاول ان تنبه ولاة الامر وادارة السلطة على حجم الازمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية القائمة في الاقليم وضرورة احترام ارادة شعب كردستان في عدم تفضيل مدينة على مدينة اخرى والعمل بالتساوي مع المركز لايجاد مخرج حقيقي للازمات التي تعصف بالبلاد.
ليكن في علم قادة الاقليم ومسؤولي الادارات التدريسية والسياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية ان يدركوا جيدا حجم الدور الكبير الذي تؤديه تظاهرات الطلبة والتأثير النوعي على الناس مثلما يجب ان يدركوا ان تشرين التي استبدلت رئيس وزراء باخر يمكن ان يتكرر في الاقليم اذا لم تجد الحكومة مخرجا لمجمل ازمات الحياة الكردية!.
لم يعد العامل القومي الركيزة الاساسية التي يعتمد عليها صناع القرار في الاقليم بموازاة القضايا والملفات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الضاغطة والطلبة هم الركيزة المحورية لمشروع التغيير.
وللطلبة في الاقليم اقول .. حذاري من دخول افاعي السفارات الاجنبية في صفوفكم لكي لايجري على حراك السليمانية ما جرى على حراك تشرين البغدادي يوم تم توظيف المطالب وحرف مسار "الثورة السلمية " بالذهاب الى السلاح والخطف والقتل وارتكاب مختلف اساليب الفاسد التي اراد مرتكبوها تشويه مقاصد الحراك الوطني.
ما يجري في السليمانية حري بنا ان نتوقف عنده وقراءته على خلفية الدعوة الى اعادة انتاج سلطة سياسية قادرة على توحيد الصف الوطني واعادة العراق الى مكانته التي يستحقها .