التوتر الصيني الاميركي ورفع سقف المواجهة ..
الاستفزازات الامريكية سياسة عدائية ، متواربة بعد كل فشل ذريع لها ، لتنتقل كرة النار من اوكرانيا إلى بحر الصين ، ليتصاعد الغضب الصيني بعد إعلان رئيسة مجلس النواب الامريكي عزمها بزيارة تايوان ، ومكالمات هاتفية مطولة المدة ، بين بايدن شي جين بينغ ، إذ لم تضع حدا للخلاف الامريكي والصيني بشأن تايوان ، وتوجهات امريكية للاستعداء بكين بخرق واشنطن المتكرر لجوهر التزامها بمبدأ الصين ، فهل جولة بيلوسي تخالف البنتاغون ؟ وماذا عن رغبة واشنطن بالعملية العسكرية وهي أشبه هنا بالأزمة الأوكرانية ، التي تعطي مؤشر دخول العالم إلى اصطفافات سياسية تؤسس للتوازن الدولي الجديد ؟ ناهيك عن التحذير الصيني لواشنطن بعدم اللعب بالنار في موضوع تايوان ؟؟ وما أهداف الولايات المتحدة بدحرجة كرة النار لتطال شركاء الصين ؟؟
مكالمة هاتفية مطولة بين الرئيس الامريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ ، بشأن تايوان ، أعطت عمق في ظل توجه امريكا لاستعداء بكين ،وهذا بالنسبة للصين خط أحمر ، باعتبارها جزء من أراضيها ، فالحديث في الاوانة الأخيرة كثر حده عن الاستفزازات الامريكية المتعمدة طبعا للصين ، لرفع سقف المواجهة ، منعا لكبح صعود الاقتصاد الدولي لها ، وباعتبار بنيت واشنطن استراتيجيتها على أساس التحدي مع الصين المنافسة لواشنطن، دفعت بننانسي بيلوسي لتحقق غاياتها التي لم تفلح بها زيارة بايدن للمنطقة ،وهذا ربما سينتج عنه مناوءات ترفع من حدة التصعيد قد تؤثر على شركاء الصين كاروسيا وايران ، لطالما اللعبة الامريكية تصب بإقرار زخم المواجهة مع طهران وموسكو في اتجاه محاصرة مشاريع الصين الدولية ، ونظرا لحضورها الدولي ،قد تشكل نظام اقتصادي جديد سوف يستبدل النظام الحالي ، بما أنها تمتلك قدرات خارقة على تكفيف ردع سياسة الغرب وليس فقط واشنطن ، وفق تحركات الصين سواء في مضيق تايوان او جنوب شرق اسيا حيث تستشعر واشنطن تهديد مصالحها هناك ، ولعل التهديد أكبر سيطرة الصين على الممر البحري ، وعلى الثروات البحرية وعلى هذا النحو تجر معها الولايات المتحدة وحلفائها إلى شيطنة الصين ، ليتنافسا الخليفان جونسون في بريطانيا ، وهذا يأجج التوتر قرب تايوان ، وفقا للبوارج الامريكية التي هي بمثابة رسائل تحذيرية بالمناورة مع دول الجوار الصيني ، بينما واشنطن ستزود تايوان بالأسلحة ،كما زودت اوكرانيا ، وجعلت منها أداة ووسيلة لمحاربة روسيا ، وهنا الأمر مشابه تحديدا في مسألة تزويد الأسلحة ، وعلى مايبدو ستلعب واشنطن ذات اللعبة ولكن هذة المرة على مستوى واسع النطاق ،لتغضب بكين تجاه الامريكيين ،وبالتالي الصين لها رسائلها بمناورتها العسكرية قبالة سواحل تايوان وتفعل الأخيرة الأمر ذاته استعدادا لأي عمل عسكري محتمل يرجح الامريكيون أن التوقيت تغيير لكنه وارد مستقبلا وهذا له دلالات وخلفية تباعا للأزمة الاوكرانية وما تلتها من فوضى ، لذا تسعى الولايات بتعزيز هجماتها على الصين ، لكونها تمثل التهديد الأكبر لها ، وهنا ستكون اللعبة على مستوى العالم برمته ، ليس فقط الصين ، وهنا يتطلب الأمر تعزيز المحور الصيني والروسي أكثر فأكثر .
ونظرا للأحداث ، لا نرى توافق بين واشنطن وبكين إلا من زاوية نظر وضع جزيرة تايوان ، فالصين واحدة لا تتجزأ بمضيق فاصل ، وهذا ما أكده الصينيون ، وبنبرة قوية من رئيسهم شي جين بينغ قال: من سيلعب بالنار في قضية تايوان سيحرق نفسه ، والخطاب هنا موجه للرئيس الامريكي بايدن .
وأما بخصوص جولة بيلوسي التي ستحمل الكثير من السلبية إلى بكين ، قد تضع ثغرة بين الجانبين ، وهذا من خلال رفض بايدن لأي تغيير أو تصرف ، والقصد الأبعد ربما هو استعادة الصين الجزيرة ، هذا ربما ما يجعل بيلوسي تخالف النصائح نوعا ما ، والسبب قد يعود ربما باستخفاف واشنطن بمناطق عديدة في العالم كالشرق الأوسط ، تسعى اليوم لتعيد زمام عقدة الهيمنة لتخيم على شرق اسيا كأولوية استراتيجية لها .
وبحسب التقديرات السياسية بالمواقف لكلا الطرفين ، لا أعتقد أنهم خرجوا بمضمون ، أي لم تحقق نقطة الاتصال الهاتفي نتيجة حتمية تحد من التأزم الحاصل ، بالرغم من وجهة نظر أخرى ، قد تكون مهمة لأن كلاهما يمثلان قوى عسكرية عظمى ، وهذا يتطلب مرونة ، وذلك تفاديا للخطر الأكبر والذي يصل مداه لا قدر الله طبعا إلى منحدر نووي قد لا يحمد عقباه ، بما أن واشنطن تقود حملة التنسيق والتصعيد ، وهذا سيناريو متكرر أيام الحرب الباردة بين واشنطن والصين ، حكما إذا ما تطورت الأمور ، وفق للعملية العسكرية التي ترغب بها والتي تعتقدها لماااذا ؟؟ لتضع الصين في مأزق ومن سيصطف حولها ، ستفرز انذاك عقوباتها الاقتصادية عليها ، والسيناريو بمشهديته الاقليمية والدولية يتكرر ولكن بغير صيغة ، كما حصل في العملية الخاصة بأوكرانيا تماما ، لذا كانت تحذيرات الصين له شأن كبير على وقع خلفية زيارة بيلوسي لتايوان ، وكل المؤشرات هنا تقول بأن الولايات المتحدة ستفشل كما فشلت بأماكن أخرى ، لأن اللعب مع الذئاب المحاربة بين قوسين الصين ليس بالأمر السهل خاصة إذا كانت المعركة تخص الدفاع عن سيادة ووحدة الصين ، وفقا للهجة الحادة بالدفاع عن مصالح بلادهم وبالتالي نحن أمام نقطة فارقة ومفصلية تاريخيا إذا دفعت الامور باتجاه النزاع ، وأي خطأ ترتكبه واشنطن مع الصين العالم سوف يمر بنقطة تحول كبير وسوداوية ، نظرا لما نشهده من أزمات الأمس ليست كأزمات اليوم التي تشهدها المنطقة والاقليم ..
التعليقات