جرائم حرب سياسية.. النظام التركي "يتذاكى"
رغم أن القاصي والداني، بات على معرفة حقيقية بما جرى ويجري على الساحة السورية، منذ اندلاع أولى شرارات الحرب الإرهابية، إلا أن البعض من زعماء الدول، وتحديداً الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يحاول جرّ عربة حكمه نحو الأمام تركيًا ودوليًا، مستغلا الأوضاع الدولية المعقدة لصالحه.
فما بين محاولة الانقلاب العسكري التي تعرض لها أردوغان في 15/يوليو/2016، والفشل الأكبر الذي تعرض له ومجموعاته الإرهابية وخاصة في حلب، جعل النظام التركي يتلمس رأسه مخافة أن يفقد ما وعدته به القوى الغربية الأمريكية "حلف الناتو"، لجهة تسلم تركيا "زعامة الشرق الأوسط"، ولتؤدي دورها الوظيفي في الحلف كضامن من التوسع الروسي، خاصة بعد استرجاع روسيا الاتحادية لجزيرة القرم في 2014، وما تقوم به تركيا الآن في أوكرانيا، وكذلك بالنسبة لعلاقتها مع إيران، وإمكانية ضرب طهران عبر الأراضي التركية، إذا استدعى الأمر ضماناً للكيان الصهيوني، وبالتالي تحقيق دور أكبر في الحلف.
لذلك تعمل تركيا جاهدة لإرضاء حلف الناتو، خاصة بعد الشائعات الإعلامية التي روجت لإمكانية طردها من حلف الشمال الأطلسي، نتيجة تراخيها في القضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا، وذلك حسب بعض الصحف الغربية والعربية.
هي أكذوبة وبربوغاندا إعلامية يستخدمها الحلف بين الفينة والأُخرى، لتحقيق مكاسب حتى ضمن أعضاء الحلف نفسه، لكن الصحيح أن النظام التركي يعتبر اليد الأمنية الأساسية للناتو في المنطقة، خاصة وأن تركيا العضو الدولي المسلم الوحيد في الحلف.
لذلك تتابع الماكينة الإعلامية الخاصة بالحلف طريقها لتستغل الأوضاع الجارية على الساحتين الروسية والسورية، لتحقيق مكاسب على المستوى السياسي. نتيجة لذلك، فإن مسالة الحوار السياسي المرتقب للدولة السورية مع النظام التركي، ما هي إلا نوع أخر من الدعاية الإعلامية السياسية لتأجيج الساحة السورية أولاً، ولإبراز الرئيس رجب طيب أردوغان بالنسبة لملف اللاجئين الموجودين في تركيا، على انه المساهم والداعم الأول لهم، بالإضافة إلى استغلال الوضع الروسي بالنسبة للعملية الروسية في أوكرانيا، ومقايضة روسيا، وإمكانية تحقيق مكاسب في سوريا سواء بما يتعلق بمحافظة إدلب السورية، أو ملف الكرد السوريين؛ فتركيا تدعم داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية، وتقوم بتوظيف الإرهابيين في سياق سياستها إقليمياً ودولياً.
وعلى ما يبدو أن النظام التركي يحاول جس النبض العالمي، متناسياً أن القرار في الحوار لا يأتي إلا بعد خروج المحتل من إدلب، والقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية المتواجدة، فالدولة السورية ذات سيادة ولا تقوم على قرارات الغرب اللا قانونية.
وكما قال السيد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد "تركيا مستمرة بدعم داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية وعليها وقف ذلك قبل أي حديث عن العلاقات بيننا". وبالتالي فإن الأنباء التي أوردتها الصحف التركية، لجهة فتح قنوات الحوار مع الدولة السورية، لا يعدو عن كونه ذر الرماد في العيون، وللتغطية على السياسات التركية في سوريا، والتي تتخذ مبدأ المساومة، الأمر الذي ترفضه دمشق، فضلاً عن نفي الخارجية السورية لكل الأنباء التي تحدثت عن حوار مرتقب سوري تركي، خاصة أن الدولة السورية كانت واضحةً في هذا الأمر، فهي ترفض الحوار مع تركيا، ولن يتم فتح أي قنوات تواصل مع أنقرة، إلا بعد خروج تركيا من سوريا، وتفكيك التنظيمات الإرهابية، فضلاً عن تطبيق اتفاقيات أستانا وسوتشي، والتي تنص صراحة على السيادة السورية، التي انتهكت مراراً وتكراراً من قبل تركيا – أردوغان وإرهابييه.
في الخلاصة، صحيح أن دمشق تعاني من أوضاع اقتصادية ومعيشية خانقة، فضلاً عن التعقيدات السياسية التي تواجه الملف السوري، لكن الصحيح أيضاً، أن الدولة السورية التي حاربت الإرهاب على مدى عشر سنوات، لن تسمح لتركيا بأن تقوم بليّ ذراعها.
التعليقات