أفغانستان وحرب العشرون عاماً ...الكذبة الأمريكية الكبرى.


ما بين السياسات المتداخلة التي تتبعها واشنطن، تكمن مسألة غاية في الأهمية، تتدرج ضمن سياسات القوى العظمى، وتسمى سياسة التدمير الانتهازية للصراعات العقائدية والإيديولوجية، وهذا ما نشهده عبر ممارساتها في التعاطي المخفي للولوج إلى العمق الداخلي للدول، فـ تقوم بصناعة السياسة وفق منهجية خاصة، تُلزمها بها المتغيرات على الأرض، وفي كل بقعة جغرافية توضع عليها عدسة المجهر السياسي المتغير.

 

ومنذ أحداث الحادي عشر من أيلول، عام 2001، تشكلت قوى في الداخل الأمريكي، كانت لها اليد الطولى في هندسة الهجمات التي شهدها برجي التجارة العالمي، في منطقة مانهاتن الجنوبية في مدينة نيويورك، ليكون هذا الحدث، بوابة غُيرت بموجبها شكل معادلة العلاقات الدولية.

 

وكانت قد أعلنت حكومة الولايات المتحدة، وفق تقارير خاصة، أن الطائرات الأمريكية قد اختطفت من قبل 19 إرهابياً من القاعدة، ومن بين الخاطفين 15 سعودياً، واثنان من الإمارات، ومصري ولبناني.

 

لكن اللافت ورغم ادعاء واشنطن، أن غالبية الخاطفين كانوا مواطنين سعوديين، إلا أن هذه الحكومة كانت محصنة من الملاحقة القانونية القضائية لفترة طويلة، حتى تم رفع الحصانة في نيويورك عام 2018، من قبل قاضٍ أمريكي. والسؤال الجوهري، لماذا لم يتم الكشف ومتابعة التحقيقات خلال هذه السنوات من الحادثة؟.

 

أفغانستان والدور المخفي للولايات المتحدة

تشكل الصين وروسيا بالنسبة للولايات المتحدة خطراً دولياً، من حيث القوة الاقتصادية والعسكرية، وهذا ما بدا جلياً من خلال ما مرت به العلاقات الدولية بين الأطراف المتنازعة على القوة، فكل من الصين وروسيا الاتحادية،  تشهد تصاعداً كبيراً على المستويين الاقتصادي والعسكري، عبر إنشاء تحالفات لها في الشرق الأوسط، الأمر الذي شكّل هواجس جمة، لدى الغرب، من اتجاه الشرق الأوسط شرقاً نحو الصين وروسيا.

 

فالعلاقات القائمة بين سوريا وروسيا، وما شهدته خلال الحرب الإرهابية على سوريا، من تثبيت للقوة العسكرية لـ روسيا في الدفاع عن سوريا، وإمكانية أن تحدث القوة العسكرية الروسية تغييراً كبيراً في معادلة الحرب السياسية والعسكرية ضمناً في المنطقة، وكذلك الدعم الصيني الاقتصادي وتنامي العلاقات التجارية، وإشراك كل من الصين وروسيا في عملية إعادة إعمار سوريا، ونجاحها في إعادة هيبة الدولة وبنائها، واحتمال انتقال النجاح الروسي والصيني في سوريا، إلى الفضاء الدولي، الأمر الذي أقلق الإدارة الأمريكية، فكان لابد من قطع الطريق على الدولتين وقطع طريق الحرير، أو الحزام الواحد، الذي سيشكل قوة اقتصادية تضاف للدول المناهضة للسياسات الأمريكية.

 

وبحكم موقع أفغانستان وقربها من المنطقة، التي هي من أولويات الكيان الصهيوني، كان لابد من قطع أوصالها عبر الترتيب لمشاهد هجمات الحادي عشر من أيلول، والحرب الإرهابية على سورية، لإضعاف محور المقاومة، ومنعه من التمدد لصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تشكل في المنطقة، عائقاً لإسرائيل في تحقيق السيطرة على كامل المنطقة، والتي حدودها من النيل إلى الفرات، والتي أبدعتها الإيديولوجية الصهيونية للسيطرة على النصف الآخر من الكرة الأرضية.

 

حركة طالبان التي تنتهج إيديولوجية خاصة بها، وإن كانت تختلف مع الحكومة الافغانية، إلا أن مسالة التنوع في المذاهب والعقائد والايديولوجيات موجود في كل دول العالم، ولم نشهد مثل هذه المحاولات لخلق حرب أهلية في الداخل الأمريكي، على الرغم من التنوع الهائل الذي يشهده المجتمع الأمريكي، بخلاف الشكل والمضمون الذي تبنته واشنطن في افغانستان على مر عشرين عاماً، تحت ذريعة مكافحة الجماعات الإسلامية المتطرفة، والدليل أن الولايات المتحدة فرت هاربة من المشهد الأفغاني، تاركةً البلاد تترنح في فوضى عارمة، يدفع ثمنها الشعب الأفغاني، وتطال دول الجوار من إيران وطاجيكستان وباكستان، وحتى الصين وروسيا.