قراءة في بياني المرجعين السيستاني والحائزي
قراءة في بياني المرجعين السيستاني والحائزي
الجمعة ١/ ١٠/ ٢٠٢١
مركز افق للدراسات والتحليل السياسي
جمعة العطواني
مما لاشك فيه فان الانتخابات اصبحت واقعا ملموسا لا تبعدنا عنه الا بضعة ايام .
هذا الواقع ختمته المرجعية الدينية في النجف الاشرف، ثم تلاه بيان المرجع السيد الحائري في قم المطهره .
بيان السيد السيستاني لم يدع مجالا للمترددين او المشككين سلفا بنتائج الانتخابات فقد اكد على ضرورة المشاركة الواعية لتجاوز مرحلة الانسداد السياسي، الذي من المحتمل ان تصل اليه العملية السياسية في حال عزوف الناخبين عن المشاركة بقوة ووعي معا.
كما ان المرجعية كعادتها اشارت الى ملفات عامة ومواصفات واضحة في عملية الانتخاب، فاكدت على انتخاب من يدافع عن سيادة الدولة كاملة ، ومن تتوافر فيه الكفاءة والنزاهة ، ولهذا اكد المرجع الاعلى على مصطلح ( الوعي) في الانتخابات وليس الانتخاب الاعمى المبني على مصالح ضيقة.
من خلال قراءة مزاج الشارع الشيعي على وجه الخصوص، نرى ان هنالك زيادة واضحة في نسبة المشاركة تفوق النسبة المتوقعة من المشاركة قبل بيان المرجعية الدينية في النجف الاشرف .
- من هي القوى المستفيدة من بيان المرجعية ؟.
نسبة زيادة المشاركة في الانتخابات تجاوزت ١٥./. تقريبا على اقل التقادير ، على اعتبار ان غالبية العازفين عن المشاركة هم اتباع المرجعية من الوسط الاجتماعي غير المنتمي الى الاحزاب او التيارات السياسية، وهو الذي شخص الخلل في اداء بعض او اغلب القوى السياسية ، لذلك لم يتولد لديه حافز في المشاركة ، لا حافزا وطنيا ولا حافزا دينيا.
بعد بيان المرجعية نلمس تغيير في قناعات هذه الشريحة المهمة ( المترددة) في المشاركة، فهي تتعبد ببيان وراي المرجعية الدينية بوصفها الجهة الشرعية والفقهية والتي ليس لها مصلحة الا المصلحة العامة للبلد والدولة والمجتمع والدين.
من خلال قراءة في مزاج الشريحة المترددة والتي تطيع توجيهات المرجعية الدينية في النجف الاشرف والتي قررت المشاركة في الانتخابات فان امامها عدة خيارات منها:
١_ انتخاب كتلة سائرون
٢- انتخاب كتلة قوى الدولة
٣- انتخاب كتلة الفتح
٤- انتخاب كتلة دولة القانون
٥- انتخاب شخصيات مستقلة .
اما انتخاب كتلة سائرون فالامر بعيد المنال لاسباب فقهية واجتماعية ونفسية .
فغالبية ان لم نقل اجماع جمهور ومحبي المرجعية الدينية لا يثقون بزعيم التيار الصدري، فضلا عن مرشحيه، للاسباب التي ذكرناها، وكل خطابات التيار الصدري وبرامجهم تتحدث عن الشهيد الصدر الثاني حصرا، فهم لا يؤمنون ببيانات المرجعية الدينية في النجف الاشرف ، فايمانهم الوحيد باراء وقناعات السيد مقتدى.
ولهذا لم نر السيد مقتدى قد اصدر بيانا ترحيبيا ببيان المرجعية الدينية، لعلمه المسبق ان استجابة جمهور المرجعية ( المتردد) في الانتخابات ليس في مصلحته لماذا؟.
لان هذا الجمهور المتردد لن ينتخب اي مرشح من الكتلة الصدرية للاعتبارات السابقة .
ولهذا ايضا وجدنا ان السيد مقتدى الصدر قرر اعادة تقييم التوزيع الجغرافي لمرشحيه، ففي كل دائرة انتخابية فيها اكثر من مرشح قلصها الى مرشح واحد، والسبب: لانه كان يمني النفس بان نسبة المشاركة في الانتخابات لن تتجاوز ٢٥- ٣٠./. وان جمهوره سيحضر بكثافة مقابل عزوف جمهور المرجعية( المتردد)، والنتيجة انه قد يحصل على اكثر من مقعد في اغلب الدوائر الانتخابية .
اما بعد بيان المرجعية الدينية في النجف الاشرف فقد تيقن السيد مقتدى بان هذا البيان سيحفز غالبية الجمهور المتردد على المشاركة، ومشاركة هذا الجمهور ليس في مصلحته، كونه سينتخب كتل وشخصيات ليست منتمية الى كتلته، وزيادة نسبة المشاركة بهذا الكم سيقلل من حظوظه الانتخابية، فقرر تقليص عدد المرشحين في كتلته الى مرشح واحد ، او رجل وامراة على احسن التقادير .
اما كتلة( قوى الدولة ) فهي الاخرى لا تحظى بمقبولية من قبل جمهور المرجعية ولو بنسبة اقل من كتلة السيد مقتدى الصدر .
فالسيد عمار الحكيم في نظر جمهور المرجعية شخصية سياسية غامضة واكثر من ( نصفه تحت الارض) ،وعلاقاته بالمحيط الخليجي وابتعاده الى حد بعيد عن الروح الاسلامية وحس المقاومة وحتى مواقفه الغامضة تجاه الحشد الشعبي، وبياناته الفضفاضة والتي لا تحمل بصمة وهوية جعلته بعيدا عن مزاج جمهور المرجعية ، بالاضافة الى انه شخصية غير محببة من غالبية الوسط الشيعي بالفطرة .
اما حيدر العبادي شريك عمار الحكيم في كتلة قوى( الدولة ) فامره اصعب من عمار نفسه لاعتبارات كثيرة، كونه لا يمتلك كاريزما سياسية تؤهله لكسب ود الجمهور الشيعي ، وغير معروف عنه بالمشاركة الشعبية او الاختلاط مع شرائح المجتمع ، وبتعبير اخر فانه لا يمتلك ( مسحة) جنوبية لا في السكن ولا في التعبير او الخطاب او اختيار المصطلحات الجنوبية التي تدغدغ مشاعر ابناء المحافظات الشيعية، ولا زالت مقولته ( ماما طلبت ان لا ارشح في الانتخابات ) محل تهكم ابناء الوسط والجنوب ، فضلا عن فشله في ادارة الحكومة في دورته.
٣- اما كتلة الفتح، وكذا الحال ائتلاف دولة القانون فان بيان المرجعية سيخدمهم كثيرا وبنسب متفاوته ، فاغلب جمهور المرجعية في المحافظات الشيعية يبحث عن كتلة تعبر عن تطلعاته ولو بنسبة معتد بها في المواقف السياسية او الاعلامية او في اقرار الموازنات المالية السنوية، ويشعرون بقرب هذه الكتلة منهم كجمهور، وتتحمل هذه الكتل عتبهم او انفعالهم.
ثم ان القدر المتيقن لدى الجمهور المتردد الذي قرر المشاركة في الانتخابات ليس لديه بديل عن كتلتي الفتح والقانون يمكن ان يثق بزعامتها او بعض مرشحيها .
٤- اما الشخصيات المستقلة فاغلبها اما مجهولة التوجه لدى جمهور المرجعية او ان اغلبهم شخصيات مغمورة لا تمتلك القدرة والكفاءات في المواقف المصيرية التي يمر بها البلد، وان امتلكت فهي غير قادرة على ان يكون لها تاثير عددي امام كبار القوى السياسية الاخرى من داخل الوسط الشيعي او بقية المكونات السياسية ، لذلك لن يضع الناخب المتردد الذي قرر المشاركة في الانتخابات ثقته في شخصية غير مضمونة الالتزام بخط المرجعية .
التعليقات