هل يُعزَل البيطار مقابل القرداحي، ضمن خارطة طريق الراعي بِرِّي ميقاتي؟!


هيَ دوامَة القال والقيل التي يعيشها لبنان،بكل مستوياته الرسمية والحزبية والِاجتماعية، في ظِل فوضى إعلامية عارمة وتكهنات كثيرة، عبر وسائل التواصل الِاجتماعي،لَم يسبق لها مثيل من قبل!

فقضية القاضي بيطار أخذت وقتاََ طويلاََ مليئاً بالأخذ والرَّدّ الّذي لا طائلَ منه، وأوصَلت الأمور إلى حَد انقسام القضاء، آخر سُلطَة في لبنان بَقِيَت متماسكة لآخر لحظة رغم أنها مُسَيَّسة.

ولكن الحَدّ الذي وصلت إليه الأمور بَلَغت درجة غايةً في  الخطورة، من تضاربٍ في الصلاحيات أوصلَ هذه المؤسسةإلى عالم الفوضى والإنقسام.

أمّا السبب، فنابع من توجيهات أصحاب المصالح السياسيةالعليا،التي تستخدم هذا القضاء لقضاء حاجة.

المعلومات التي تسربَت، عن سير المعالجات، تحدثَت عن خارطة طريق رسمها الثلاثي: بِرِّي الراعي ميقاتي، وتقضي باستقالة الوزير قرداحي، أو إقالته، وعقد جلسة لمجلس الوزراء يصدر عنها اعتذار رسمي للسعودية، من دون حصول أي تغيير بموقفها تجاه لبنان! اعتبرها راسموها بادرة حُسن نية إتجاه المملكة ولو على كرامة اللبنانيين،
ستصَوِر لبنان. راكعاََ متوسلاََ امام مملكة التعالي والمكابرة. 
لكنها خطوة لن يكتب لها النجاح بإذن الله. 

خلال زيارةالبطرَك الراعي لعين التينة، إقترحَ سيد بكركي مقايضة المرفأ بالطيونة، لكنّ الرئيس بري رفض الفكرة تماماََ، واتّفقوا على خارطة طريق، أوَّل الغيث فيها كان الِاستغناء عن الِاستماع لجعجع، وتالي الغيث استقالة الوزير قرداحي، يقابله تَنحِيَة القاضي بيطار عن المرفأ، واستبعاد باقي عناصر الطيونة عن التسوية، لحصول جُرم جنائي مقصود وواضح، من الصعب لملمتهُ على الطريقة اللبنانية، وخصوصاََ على أبواب الِانتخابات التي شَفَعَت لدماءالشهداء. 

حزب الله، لم يصدر عنه أي تصريح أو بيان يوضح قبوله أو رفضه خارطة الطريق الثلاثية،لكنّ المعروف أنه يرفض قبول استمرار القاضي بيطار، في إستنسابيتهِ وحَرْفِهِ لمجرَىَ التحقيقات عن طريقها السليم والقويم، بطريقة واضحة وفاضحة تخَطَىَ فيها القاضي المذكور كل الأصول القانونية،على طريقة الموظف الذي ينفذ التعليمات، وليسَ القاضي الذي يبني قرارهُ على المعطيات.

تحت وطأة هذا الِاحتقان الكبير، وفي ظل انبطاح رئيس الحكومة أمام المملكة  السعودية، وإصراره على استقالةأوإقالة الوزيرقرداحي، وإجراء مقايضة مع الرئيس بري! 

يبدو أن الأمور متجهة نحو قرار خطير يُتَوَقَع أن يقدم على اتِّخاذه القاضي بيطار، قبل تنحيته لو إمتلكَ الجرأة،
ربما بإصدار قرار ظَنِّي، قبل التنحي عن الملف؛ الأمر الذي سوف يأخذ البلاد إلى مكان آخر، يصعب بعد ذلك تسوية الأمور حُبِيَّاً؟
وإذاحصل هذاالتَوَقُّع،لا سَمَحَ الله، فإنَّ (الساعات السِت) ستفرض حالها لا محالة، ليصبح لبنان أمام خيار واحد لا ثاني له، وهوَ المؤتمر التأسيسي الذي من خلاله ستتم صياغة شكل ولون ورائحة لبنان الجديد، ولكن ليسَ على طريقةالدوحة التي جاءت يومها بالسنيورة رئيساً للحكومة، وبميشال سليمان رئيساََ للجمهورية،بَل ستحصل متغيرات لا يتوقعها أحد. 

الأمر غير مُبالَغ فيه، حتى لو اعترَضَ عليه وأنكرهُ البعض أو الجميع، فأنا أدلي بدلوي نتيجة معرفَةٍ وليسَ تبصيراً؛ لأن طبيعة الخلافات الحاصلة وعمقها وتداخلها وحجم التدخلات الخارجية فيها، تدفع بالأمور حتماََ بإتجاه (الساعات الست) القادمة لا محالة، والتي إذا ما حصلت، سيُسأَل كثيرون من السياسيين والمرجعيات الروحية، من أتباعهم: لماذا ورّطتمونا وأوصلتمونا إلى هنا؟ لماذا فعلتم بنا هذا؟.
في لبنان ستتغيَر أحجام ووجوه، ورموز سترحل ويأفُل نجمها،ومتغيرات كثيرة ستحصل،لأن ما بعد المؤتمرالتأسيسي لن يكون كما قبله؟

واشنطن تدرك تماماًمخاطرالأمربدراية وافية كافية، وهيَ لا تفكر على طريقة الأغبياء التابعين لها، فهي ما إن تشعر بخطر رحيلها من لبنان، فإنها ستبيع الكبير فيهم بربع دينار، لذلك هي تغمزاليوم لقطَر،لتحل محلّ السعودية في لبنان، وتقدِّم المساعدات، من باب حفظ ماء وجهها والحفاظ على مواقفها، ولكي لا ينهار الوطن وينتهي دورها فيه، لأن مَن يساهم في انهيار هذا البلد لن يبقى له مكان فيه قطعاََ، ومهما علا شأنه.

بدوره،وزيرخارحية تركيا أحمدجاويش أوغلو وصلَ إلى بيروت، في اللحظات الأخيرة لحجز مقعد هام لبلاده في وطن الأرز، بعد استشعار قُرب التغييرات، وجميعنا علم بتشريع البرلمان التركي الذي يجيز لقواته العسكرية العمل خارج البلاد،وتحديداََ لبنان،الذين سَمّوهُ بالِاسم،فيماجهابذة السيادة والِاستقلال لم يحركوا ساكناََ، تجاه هذا الأمر، الذي يعتبر اعتداءََ وتهديداََ للسيادة الوطنية اللبنانية، بدا الأمر عندهم ،وكأنَّ شيئاََ لَم يَكُن.
إنّ الدخول التركي، إذا ما صحَ وحصل، سيكون أسوأ، بل أخطر من داعش على المسيحيين والمسلمين، ولربما تصبح بكركي بعد سنوات مسجدا للسلطان رَجَب طيب أردوغان.

فاصحوا قبلَ فوات الأوان.