هل ستفكك المرجعية الدينية عقدة الكتلة الاكبر وتشكيل الحكومة ؟.


لم تمر الساحة السياسية الشيعية بمأزق مثل مأزق التفاوت الصارخ في عدد المقاعد واختلاف توجهات القوى الفائزة والانقسام الاجتماعي والسياسي الحاد في الرأي الذي خلفته في الشارع الشيعي واخيرا عدم قدرة اي من الفريقين الفائزين "بالكوة" الذهاب الى تشكيل كتلة اكبر وصولا الى تشكيل الحكومة!.
ان هذه الازمة تعكس كما يعرف خبراء الموضوع الشيعي انقساما حادا في المزاج والرؤى والبنية الفكرية والتوجهات السياسية والرغبة في تشكيل حكومة قادرة على انجاز ما عليها في ظل انعدام فرص التوجه الى الموضوع الخدمي فيما لوتشكلت حكومة قادمة بسبب الانقسام وخلفياته السياسية وعدم رغبة كل فريق الانسجام مع الطرف الاخر او الجلوس معه !.
وحسب القراءة الاولية لاجواء الحوارات التي نسمع عنها او التي نلتقطها من مصادر متطابقة فان فرص تشكيل كتلة اكبر تبدو في الراهن مسألة مستبعدة على خلفية اصرار كل كتلة فائزة على تجميع شتاتها وتشكيل الكتلة الاكثر عددا مع ان مصطلح الاكثر عددا تعني وفق المادة 76 من الدستور الكتلة التي تحصد 165 نائبا في البرلمان وليست الاكثر عددا من الاخرى في عدد المقاعد !.
هل سيركن المختلفون الى الرأي الذي يقول بضرورة اجتماع الفريقين غير المتجانسين على مائدة واحدة والاتفاق على تشكيل الكتلة الاكبر؟.
الاجابة واضحة وهي ان دولة القانون والفتح والتيار الصدري لن يجتمعا على هذا الرأي الذي تؤكد مصادر ان النجف اوصت الفريقين الذهاب اليه كما ان لدى الفريقين مايقولانه للنجف وبيت المرجع الاعلى بشأن اسباب عدم الرغبة هذه للاسباب المعروفة عند دولة القانون وما يقابلها من اسباب لدى التيار الصدري بشأن دولة القانون !.
هل هذا يعني ان الازمة السياسية في البلاد ستطول وسيشهد العراق اطول ماراثون للسباق على تشكيل الحكومة بين الفريقين المختلفين ام ان الاحساس بالفراغ الحكومي وعدم وجود رئيس وزراء في ظل التحديات المختلفة التي يمر بها البلد تلزم المالكي والعامري والسيد الصدر الذهاب الى حكومة توافقية لكي يدرأوا عن الاوضاع العراقية المتأزمة سوء المنقلب؟.
لايخفي المالكي رغبته بتشكيل حكومة يتدارك فيها كل الملاحظات التي سجلها على الحكومات السابقة الثلاث العبادي وعبد المهدي والكاظمي كما ان الرجل لديه مايقوله ازاء البرنامج الحكومي المقبل على خلفية تشكيل حكومة خدمات وامن وهي ذات الاولوية التي تستولي على اهتمامات واولويات السيد الصدر لكن مايؤخذ على دولة القانون انها تضع فيتو كبير على توجهات كتلة سائرون وطريقة تعاطيها مع الشؤون الوطنية وادارة السلطة.
من جهة اخرى تأخذ سائرون على دولة القانون انها استنفذت زمنها السياسي وسقفها الموضوعي بعد ان حكمت البلاد 12 عاما "ولايتان للمالكي وولاية للعبادي" وان جوهر فكرة التداول السلمي للسلطة يحتم السماح لسائرون بتشكيل الحكومة المقبلة واقصد بالسماح الرغبة النفسية والرضا الشخصي والامتثال لقوانين العملية السياسية وسياقاتها الدستورية بتمكين التيار الصدري حكم البلاد لاربع سنوات قادمة واذا لم يستطع الصدريون ادارة البلاد وتحقيق البرنامج الخاص بالخدمات والامن فانها لاتمانع من وضع مستقبل الحكومة وشرعية تمثيلها الصدري بين يدي دولة القانون وحلفائها في البرلمان لانتزاع الشرعية عنها وتشكيل حكومة جديدة !.
فريق المالكي العامري يدرك ان اي فرصة لتمكين الصدر من تشكيل الحكومة يعني اوتوماتيكيا ذهاب الدولة الى الصدر دورتين كاملتين على خلفية الخبرة في البقاء بالسلطة ومعرفة اصول المناورة السياسية التي تمكن سائرون من البقاء في ادارة الدولة تماما مثلما استطاع المالكي عبور ازمات سحب الثقة التي واجهت حكومته الثانية !.
الخوف الذي يستولي على دولة القانون مصدره استمرار سلطة السيد الصدر في الولاية الاولى ونجاحه في التحالف مع تقدم والبارزاني والذهاب الى الولاية الثانية' ان التجربة السياسية الشيعية في الحكم تقول ان الكتل تمتلك قدرة في الاستمرار بالسلطة والذهاب الى اربيل لسحب الثقة عن حكومة المالكي لكن الثقة لم تسحب وبقي المالكي على راس الحكومة وشارك في انتخابات 2014 وفاز بغالبية الاصوات وحدث ما حدث ولم يأت رئيسا للوزراء للمرة الثالثة !.
يقولون ان التيار الصدري لن يواجه النوع الذي واجهه المالكي واذا حدث وواجه سحب الثقة فانه سيخرج منها وسيأتون الى المشاركة في انتخابات 2025 وسيحققون اغلبية اصوات قد تفوق الاغلبية المتحققة في 2021 لانهم سيواجهون الامر وهم في الدولة ولايواجهون التحدي وهم على مقاعد البرلمان !.
في المعلومات المتطابقة ان المرجعية الدينية يهمها ان لاتنزلق الاوضاع الوطنية الى المزيد من التوتر الناتج عن ازمة التشكيك بنتائج الانتخابات وبقاء جزء من جمهور القوى الوطنية في الشارع ويهمها ايضا ان تذهب الساحة العراقية الى اختيار شخصية وطنية معتدلة ومنصفة وحازمة وخبيرة وقادرة على اعادة الاوضاع العراقية الى الاستقرار والهدوء الاجتماعي واستعادة التوازن في العملية السياسية وتلبية مطلب الخدمات والامن لان الشارع وهذا ماتشعر به المرجعية الدينية يعول كثيرا على نوع الحكومة التي ستأتي لانها خليط اجناس سياسية مختلفة ومن شأن ذلك ايجاد توازن وحيوية في العمل على الملفات العاجلة وازالة ما امكن مخلفات العهود السابقة وفسادها .
الخلاف الحالي الذي تدركه المرجعية الدينية وربما ستعاني كثيرا من ايجاد حل ستراتيجي ونهائي لمعضلاته اختلاف الرؤى والتوجهات والخروج عن "محددات البرنامج الحكومي المطلوب " وعدم الالتزام بمحدداته العقدية .. على خلفية ان كل فريق يعتقد باحقية رأيه وانه يملك الحق الحصري بادارة شؤون الامة وتصريف المصالح الوطنية العليا .
ما نخشاه في المستقبل ان الاوضاع الشيعية تخرج عن السيطرة ما بين المرجعية والقوى السياسية الشيعية !.