المقاومة بين التصعيد والتهدئة .. قراءة موجزة


عندما أعطت الفصائل المقاومة هدنة مؤقتة للجانب الإمريكي ، كان القصد منها أشعار الحكومة بأن تأخذ دورها بترجمة القرار القاضي بأخراج القوت الإجنبية من العراق وعلى رأسها القوات الإمريكية . كما إن هذه الفصائل إرادت تذكير الدولة بسيادتها المنتهكة من قبل الجانب  الإمريكي الذي تدخل في كل شاردة وواردة ، وأعطاء دور للحكومة ( حواراً ) ودبلوماسية من أجل خروج المحتل .
 لكن الذي حصل أن الإمريكيون ألتفو حول هذا القرار البرلماني ، وللإسف أصطفت بعض الكتل السياسية مع هذا الإلتفاف ، فضلاً عن الحكومة التي أيدت بقاء المحتل مما جعل الفصائل تتخذ القرار العسكري ، بعدما أستنفذت الجوانب الدبلوماسية . وحتى عندما جائت بلاسخارت طارقة أبواب الفصائل من أعطاء التواجد الإمريكي ( هدنة ) مؤقتة ، تم أبلاغها بأن تذهب الى الحكومة من أجل هذا الطلب ، في محاولة من تلك الفصائل لتجميل صورة الحكومة بأعتبارها راعية للمصالح العراقية ، وتحفيزها بهذا الجانب ، لكن للأسف الشديد لم تستوعب تلك الحكومة هذا الدرس . 
ما نراه اليوم من تصعيد عسكري ، أنما جاء بعد أن يأست هذه الفصائل من دور الحكومة  المخزي الذي يصف الأعمال العسكرية للمقاومة  بالإرهاب ، ويصف التجاوز الامريكي على القطعات العسكرية بالدفاع عن النفس في محاولة قبيحة جداً لتلميع صورة المحتل الإمريكي . كما  أن شركائنا في الوطن ، وتحديداً أقليم الشمال ، الذين لم يحضروا تحت قبة البرلمان من التصويت على خروج المحتل الأمريكي ، أخذو العمل بالضد من القرار البرلماني الذي تم التصويت عليه تحت قبة البرلمان ، من خلال أنشاء القواعد العسكرية الأمريكية هناك ، ظناً منها  أنها بمأمن من سلاح المقاومة الذي تطور كثيراً خلال هذه الفترة ، الذي أستطاع الوصول الى أهدافه بدقة متناهية أذهلت الأعداء كثيراً 
الآن لايوجد تصعيد بمعنى المحاولة للضغط على المحتل ،  اليوم بدأت الفصائل بالتحرك من أخراج القوات المحتلة بشكل عملي ولا أعتقد ستتوقف إلا بخروج تلك القوات المحتلة .  فضلاً عن ذلك يبدو أن الإمريكيون الآن في أضعف حالاتهم ، ويجب أغتنام هذه  الفرصة لأجبارهم على الرحيل  والخروج . الكثير يسأل عن الموقف الحكومي أزاء المحتل ، نقول أن   الحكومة الحالية لن تستطيع مواجهة المحتل الإمريكي الذي كان أساساً بمجيء هذه الحكومة ، لذلك هي من باب الوفاء للمحتل لا تستطيع مواجهته بأمر المغادرة من العراق ، ضاربة بالمسار الوطني عرض الحائط . 
 الخروج الأمريكي من أفغانستان لا يشبه بأي حال من الإحوال الخروج من العراق لأسباب عديدة ، أولها القرب من الجمهورية الإسلامية لمراقبتها عن كثب ، وافشال مصالح طهران في العراق  . ثانياً طمأنت واشنطن حلفاءها بالبقاء في العراق من أجل ديمومة مصالحها الإقتصادية التي تأثرت كثيراً بسبب السياسية النزقة للرئيس السابق ترامب ، وأيضاً لحث بعض الإطراف العراقية المؤثرة  وأقناعهم بالضغط على أن يكون هناك تطبيع مع الكيان الصهيوني ، الذي تعمل أجهزته ليلاً نهاراً على دفع العراق بأتجاه التطبيع المذل ، والذي أن تم هذا الإجراء فسوف يكون فرصة كبيره لكسر طوق الممانعه . 
جميع القراءات الإولية تشير بوضوح على أن المقاومة الإسلامية تحديداً بدأت عملية التهيئة النفسية والعسكرية من أجل ملأ الفراغ الإمريكي ، وأن كنا نتصور أن لا فراغ بخروج المحتل . نعتقد أن خروج المحتل بات ضرورة ملحة ، وأن الفصائل تعمل على ذلك برغم الضغط الحكومي الهائل ، وبعض الإطراف السياسية التي تريد ثني المقاومة عن مشروعها الوطني بطرد المحتل الإمريكي . المواجهة بدأت ، والقرار أتخذ بطرد المحتل ولا نعتقد هناك تراجع من قبل الفصائل في هذا المشروع الوطني الكبير ، والذي عجزت عنه حكومة العراق .